منذ احتلاله للأراضي الفلسطينية، يسعى الاحتلال الإسرائيلي لفرض وقائع تهويدية عليها ومسح أي أثر عربي إسلامي فيها مستخدماً سياسة إصدار القوانين المشرعنة للاستيطان لتسهيل المهمة وتشريع عمل الجمعيات الاستيطانية.
ويعمل الاحتلال من خلال "جمعية إلعاد" للاستيلاء على الأراضي المقدسية وتحديدًا في منطقة سلوان، كونها الحاضنة الجنوبية للأقصى، ولامتيازها بكنوز وآثار تحت الأرض وفوقها تدلل على هوية القدس التاريخية والحضارية.
و"إلعاد" جمعية استيطانية يمينية من أغنى الجمعيات غير الحكومية، وتعد أحد أذرع حكومة الاحتلال الإسرائيلي البارزة للاستيلاء على أملاك وأراضي المقدسيين في مدينة القدس المحتلة، وتشرف على الكثير من بؤر الاستيطان في سلوان، التي يقع أغلبها في منطقة وادي حلوة، وهي أقرب منطقة للأقصى، كما تمول الحفريات الإسرائيلية بهدف تهويد المنطقة، وتغيير المعالم وتشويهها.
وتتخذ الجمعية أشكالًا مختلفة في استيلائها على الأراضي بدءًا من تلقيها دعما ماليًا رسميًا، أو التغاضي عن أي تجاوزات قانونية، أو تنفيذ جولات لطلاب المدارس اليهودية وجنود الاحتلال للترويج لروايتها التلمودية، وصولًا لمنحها صلاحيات كاملة لإدارة مواقع أثرية عربية إسلامية في القدس دون أي رقابة.
مؤخرًا، وضعت جمعية "إلعاد" يدها على أراض مقدسية في سلوان جنوب الأقصى، وحولتها إلى مزرعة استيطانية، ضمن فعاليات ونشاطات ما يسمى "الحديقة الوطنية" التي أقيمت في المنطقة.
وفي عام 2020 وُقّع اتفاق بين جمعية إلعاد الاستيطانية وسلطة الطبيعة والمنتزهات، لتطوير (تهويد) منطقة الوادي في سلوان، ولتُقام هناك الحديقة الوطنية.
ومَنَحَ الاتفاق الجمعية الاستيطانية صلاحيات واسعة للعمل والنشاط في منطقة الوادي وتخوم الحديقة الوطنية، تحت شعار إقامة مشروع زراعي تعليمي.
وباشرت الجمعية الاستيطانية عملها في الأراضي، مستخدمةً عمّالاً ومتطوّعين وذلك بإيعاز وحماية من حكومة الاحتلال.
أطماع الاحتلال
وفي السياق يؤكد الباحث المختص في الشأن الإسرائيلي سعيد بشارات، أن "جمعية إلعاد" تسعى للسيطرة على أراضي سلوان وعلى المواقع الأثرية المهمة فيها، بدعم رسمي من حكومة الاحتلال.
ويوضح بشارات أن الجمعية أنشأت مدينة كاملة تحت أراضي سلوان أطلقت عليها اسم "مدينة داوود"، لتروج للعالم أن مدينة القدس يهودية.
ويشير بشارات إلى أن الجمعية الاستيطانية تسيطر على أهم المناطق المقدسية منها البنية التحتية لسلوان وحائط البراق الذي يقع جنوب المسجد الأقصى والمصلى المرواني.
وبيّن أنها تروج للعالم روايات تلمودية وتوراتية مزورة على حساب الرواية الفلسطينية الصحيحة، بهدف طمس الوجود الإسلامي والعربي من خلال موقعها الإلكتروني باللغة الإنجليزية.
وقال بشارات خلال حديثه "للرسالة نت": "إن العائلات المقدسية تتخوف في سلوان من فرض الجمعية الاستيطانية سيطرتها الكاملة على المنطقة وطمس معالمها".
وأضاف أن الجمعية تستخدم أساليب عديدة في استيلائها على الأراضي كشراء الأراضي والبيوت من المقدسيين باستخدام شركات وهمية تحمل أسماء عربية.
ووفق زعمهم، فإن "إلعاد" تهدف من خلال أنشطتها في القدس، إلى "تعزيز العلاقة اليهودية في المدينة عبر الأجيال من خلال الجولات التعليمية، والإسكان، والإرشاد، والترويج لروايات مضللة".
التضييق على المقدسيين
من جانبه، أكد صلاح الخواجا منسق اللجان الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان أن جمعية إلعاد من أخطر الجمعيات الاستيطانية على الفلسطينيين وتحاول تجنيد ملايين الدولارات للاستيلاء على البيوت والأراضي المقدسية.
وقال الخواجا "للرسالة نت": "إن الجمعية تمارس أشكالاً إرهابية منافية للقانون الدولي للتضييق على المقدسيين، مثل عمليات الابتزاز كما يحدث في حي الشيخ جراح وزرع بؤر استعمارية في قلب بلدة سلوان".
وأضاف أن "إلعاد" تعمل على خلق رواية صهيونية في القدس من خلال استيلائها على الأراضي فيها، تمهيداً لإقامة ما يسمى الهيكل السادس.
وأوضح الخواجا أن الجمعيات الاستيطانية تحاول الاستيلاء على جميع الأراضي المقدسية، لزعمهم بإقامة ما يسمى بالقدس الكبرى وربط المستعمرات ببعضها البعض وفرض التقسيم المكاني والزماني في المسجد الأقصى.
ولا يزال الاحتلال الإسرائيلي يهدف للسيطرة على الأراضي الفلسطينية وطمس معالمها الأصلية الإسلامية والعربية وترويج زعمهم للعالم بأن الأراضي هي يهودية.