توافق اليوم الذكرى السنوية الـ21 لاستشهاد المجاهد القسامي أحمد عليان الذي ارتقى بعد أن نفذ عملية استشهادية في مدينة نتانيا التي أدت لمقتل٧ إسرائيليين وإصابة العشرات بجراح.
ليكون الشهيد عليان المبشر الأول في العهدة العشرية القسامية التي زلزلت أركان الاحتلال في سلسلة من العمليات الاستشهادية النوعية.
*ميلاد مجاهد*
في مخيم الشهداء نور شمس بطولكرم؛ ولد الشهيد أحمد عمر عليان عام 1979، حيث المكان الذي هُجرت إليه عائلته 1948، وعرف عنه طيب الخلق وحسن المعاملة والبساطة حتى أحبه كل من تعامل معه.
تلقى تعليمه الأساسي في مدارس الأونروا في مخيمه، ثم انتقل إلى مدارس مدينة "طولكرم" ليلتحق بالتعليم الثانوي فيها، فدرس في المدرسة الفاضلية الثانوية التي خرجت عشرات الشهداء والأسرى من مقاتلي القسام وأبطاله.
*رجل القرآن*
ملأ القرآن الكريم على أحمد حياته، فكانت جميع ساعاته يقضيها مع التلاوة، يرتل ويجود ويقرأ بالأحكام، وقد حباه الله صوتا رخيما رائعا، فحل في المرتبة الأولى على المتقدمين للامتحان على مستوى الضفة الغربية في الجانبين النظري والعملي.
كان أحمد يدرك قيمة تعلم القرآن الكريم؛ فعمل بما تعلم، وصار نعم الشاب الذي يحفظ كتاب الله عز وجل في صدره، ويمارس ما حفظ سلوكاً واضحاً في سره وعلنه وبين أقرانه.
أمضى أحمد شبابه في طاعة الله عز وجل؛ فقد أحب ارتياد المساجد منذ نعومة أظفاره، وأتقن قراءة القرآن حتى غدا مقرئاً جميل الصوت متقن الأداء، مما دفع إحدى شركات الإنتاج الفني في مدينة طولكرم لتسجيل صوته وهو يقرأ القرآن على أشرطة "الكاسيت" كونه مقلداً للقارئ "عبد الباسط عبد الصمد".
عمل الشهيد أحمد مؤذناً في مسجد مخيم نور شمس، ويصف أحد جيران المسجد صوته بالأذان، قائلا: "كلما سمعت صوته سالت من عيني عبرات الدمع، وأنعشت الذاكرة بأيام الوطن في حيفا".
*ثأر الفارس*
مع اندلاع انتفاضة الأقصى أوغلت قوات الاحتلال في جرائمها بحق الفلسطينيين، فسقط الشهداء وسالت الدماء وأعلنت كتائب القسام الرد على جرائم المحتل المتكررة بحق الشعب الفلسطيني الأعزل بسلسلة من عشر عمليات استشهادية لتدك بها حصون المحتل وتزلزل أمنه المزعوم.
لم يكن أحد ليتوقع في حينه أن ذاك الشاب القارئ لكتاب الله، المنادي بالأذان للصلاة خمس مرات في اليوم والليلة هو المبشر الأول في سلسلة الرد القسامي.
ففي صبيحة الرابع من مارس لعام 2001 ميلادية، استيقظ شهيدنا ليؤذن الفجر موقظاً المؤمنين إلى الصلاة، وكان أذانه في ذاك الصباح مختلفاً عن كل أذان من قبل، فالصوت الحزين الذي امتاز به تحول إلى صوت الغضب والثورة وكأنه يقرع طبول الحرب.
ثم عاد إلى المنزل بعد صلاته في المسجد، وقبّل يد والديه ثم قال لوالدته "ارضي عني يا أمي".. فانهالت بالبكاء، وكأنها تعلم من نبرات صوته الممزوجة بالحنين إلى الفردوس الأعلى أنها لن تراه بعد هذا اليوم، ثم ابتسم شهيدنا، وغادر البيت بصمت.
وفي لحظة من ساعات العز الفلسطينية، وفي مكان أحبّ أحمد أن يكون صاحب السبق الأول في عهدةٍ تمتد إلى عشرة رجال؛ فجر المجاهد البطل حزامه الناسف ليردي الأعداء بين قتلى وجرحى، ثم يأتي الخبر العاجل على شاشات التلفاز؛ استشهادي يفجر نفسه في مدينة "نتانيا".
أسفرت العملية البطولية التي نفذها شهيدنا أحمد عليان عن مقتل سبعة محتلين وجرح ما يزيد عن السبعين، معلناً بداية الرد المزلزل الذي توعدت به كتائب القسام.