كان الشعب الفلسطيني يتغنى بمنظمة التحرير الفلسطينية التي تأسست عام 1964، وشرّعت القتال ضد الاحتلال (الإسرائيلي) وصولاً للتحرير.
واليوم، لم تعد فكرة المقاومة المسلحة حاضرة في قاموس القائمين على منظمة التحرير، وتم قرصنتها تحت دوائر السلطة التي جاءت للأراضي الفلسطينية باتفاقية "أوسلو".
وتقوم اتفاقية "أوسلو" على التعاون الأمني مع الاحتلال، مقابل إقامة حكم ذاتي للفلسطينيين في مناطق محدودة بفلسطين.
تقزيم المنظمة
بدوره، قال المحلل السياسي مصطفى الصواف، إن منظمة التحرير ليست خيارا فلسطينيا، بل هي خيار عربي بإيحاء من أمريكا والغرب والهدف منها التملص من المسئولية العربية والإسلامية وحصر القضية بين الفلسطينيين والصهاينة كما هو حادث اليوم".
وأوضح الصواف في حديث لـ "الرسالة نت" أن المنظمة رفعت شعار التحرير من البحر إلى النهر، وخاضت معارك مع الاحتلال، ولكن وصلت إلى محاولة اقناع الفلسطينيين بعدم القدرة على تحرير كل فلسطين والاكتفاء بما بعد 67 وإقامة الدولة الفلسطينية.
وبين أن الخطورة كانت في اعتبار المنظمة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
وأضاف: "بدأ هذا التمثيل عام 1988 بإعلان الاستقلال والاعتراف الضمني بإسرائيل، ثم مفاوضات مدريد وما حدث خلالها في أوسلو بالوصول إلى اتفاق أوسلو الذي اعترف بحق الكيان في الوجود وحقه في دولة على مساحة 78% من مساحة فلسطين تحت زعم حل الدولتين".
وأشار الصواف إلى أنه بعد قرابة 29 عاما على اتفاقية أوسلو، "باتت منظمة التحرير جسماً ضمن حكومة عباس وهذا معناه نهايتها وتصفيتها بأيدي من يدعون أنهم فلسطينيون والحقيقة هم متعاونون مع الاحتلال ويعملون على ما يريد".
وختم الصواف حديثه بأن الأمر لن يكون كذلك، لأن جزءا كبيرا من الفلسطينيين لم يوافقوا، وشرعوا في مقاومة الاحتلال وهم يدركون أنه إلى زوال، ولكنهم يحتاجون إلى توحيد الصف وتنقيته من "العملاء والخونة".
وفي ختام اجتماعات المجلس المركزي الفلسطيني، نهاية الشهر الماضي، قرر إنهاء التزامات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية بكافة الاتفاقيات مع (إسرائيل) وتعليق الاعتراف بدولة الاحتلال، في قرار لاقى تهكما وسخرية في ظل حالة التعاون الأمني المستمرة بين قيادة المنظمة و(إسرائيل).
ويرى مختصون أن القيادة الفلسطينية، غير قادرة على تنفيذ قرارات المجلس المركزي الأخيرة، والمتعلقة بإنهاء التزامات منظمة التحرير والسلطة بكافة الاتفاقيات مع سلطات الاحتلال.
وأرجعوا صعوبة تنفيذ هذه القرارات إلى حالة الضعف التي تعاني منها السلطة، بالإضافة إلى الضغوط الإقليمية والدولية عليهم.
وهذه القرارات سبق أن اتخذها المجلس المركزي خلال اجتماعاته عامي 2018، وقبل ذلك عام 2015 ولم تنفذ.
والمجلس المركزي هيئة دائمة منبثقة عن المجلس الوطني الفلسطيني (أعلى هيئة تشريعية) التابع لمنظمة التحرير، ومخول ببعض صلاحياته.
وما زاد تقزيم منظمة التحرير، وزيادة تبعيتها للمفاوضات مع الاحتلال، إصدار رئيس السلطة محمود عباس، قرارا بقانون بشأن دعاوى الدولة، يدرج منظمة التحرير ودوائرها ومؤسساتها والمؤسسات التابعة لها كافة، ضمن "دوائر دولة فلسطين".
وقال المحامي والقاضي السابق أحمد الأشقر، إنه لأول مرة في التشريع الفلسطيني، يشار إلى منظمة التحرير على أنها دائرة من دوائر السلطة.
وأشار الأشقر في تصريح صحفي، إلى أن الأصل أن تكون منظمة التحرير هي الإطار الذي يسع السلطة وليس العكس.
وأضاف: "هذه الإشارة قد يفهم منها أن المنظمة في مرتبة أدنى من السلطة، وهذا أمر خطير".
ولفت إلى أنه "على أرض الواقع يتم التعامل مع المنظمة على أنها أقل مرتبة من السلطة، ولكن إن تم تشريع ذلك سواء عن قصد أو جهل، بما حمل من مضامين، يؤدي إلى المس بالمكانة التنفيذية للمنظمة، وهو بحاجة إلى مراجعة تشريعية".