مع مرور كل يوم في الحروب الروسية على أوكرانيا، تتزايد المخاوف من حرب نووية، أو من تسريب نووي من أحد المفاعلات النووية الموجودة في أوكرانيا التي تعد من أكبر المفاعلات النووية في العالم.
هذه المخاوف انعكست على تزايد الطلب في بريطانيا على المنازل المحصنة ضد الهجمات النووية، وحسب المعطيات التي حصلت عليها الجزيرة نت، فإن الطلب ارتفع بنسبة 100% على هذا النوع من المنازل. ورغم كلفتها العالية، فإن عددا من الأسر البريطانية باتت تتواصل مع الشركات المتخصصة في تشييد مثل هذه المنازل للحصول على واحد منها.
الخوف من هجوم نووي، أعاد اهتمام البريطانيين بالبحث عن الملاجئ ضد الضربات النووية والموجودة في البلاد، والتي تم تأسيسها منذ الحرب العالمية الثانية، وبالفعل فقد نشر عدد من الصحف البريطانية خريطة الملاجئ في حال حدوث أي ضربة نووية أو حصول تسريب نووي، خصوصا وأن تسريبات "مفاعل تشرنوبل" قد وصلت للمياه الإقليمية للمملكة المتحدة.
طلب متزايد
قبل الرد على اتصال الجزيرة نت، كان تشارلز هاردمان المسؤول في شركة "الفضاءات تحت الأرضية" (subterranean spaces)، في اتصال مع أسرة بريطانية ثرية تبحث تفاصيل الحصول على منزل ضخم محصن ضد الهجمات النووية.
يقول هاردمان "لقد كنت في اتصال أتفق مع أسرة مكونة من 6 أفراد وحارسي أمن وكلب تريد بناء منزل محصن ضد الهجمات النووية وهي تستعجل الأمر"، ويؤكد أنه منذ اليوم الثاني للحرب الروسية على أوكرانيا ارتفع الطلب على المنازل المحصنة بأكثر من 100%.
ويضيف أن الاتصالات تختلف بين من يستفسر عن الثمن، وبين من يطلب بالفعل الحصول على منزل واحد، علما أن هذه الأسعار "تتراوح بين 100 ألف دولار و1.5 مليون دولار".
ويختلف الثمن، حسب هاردمان، تبعا لمساحة المنزل المحصن، وكذلك مدى صلابته ووزنه لعدم التعرض لأي هزات عنيفة في حال حدوث انفجار قوي، وكذلك مدى العمق تحت الأرض.
ويكشف هاردمان أن هناك عائلات ثرية تطلب منازل محصنة ضد الهجمات النووية لكن بمواصفات عالية "مثل غرف متفرقة ومرافق للرياضة وغيرها، كما أن هذه المنازل تمكّن أصحابها من البقاء تحت الأرض لمدة 6 أشهر دون الحاجة للخروج للعالم الخارجي".
أما عن المدة التي يحتاجها بناء منزل محصن ضد الهجمات النووية فهي تختلف حسب مساحة المنزل، "مثلا وحدة مساحتها 9 أمتار قد تحتاج 4 أشهر من البناء، لأننا نحتاج للحفر تحت الأرض، وأيضا مد أنفاق تربط بين المنزل الرئيسي والمنازل المحصنة، وضروري أن تكون الوحدة المحصنة ضد النووي بعيدة عن المنزل الرئيسي".
البحث عن الملاجئ
لعقود طويلة لم يسأل البريطانيون عن الملاجئ الموجودة في بلدهم، بل إن بعضها تحول إلى مزار تاريخي، يذكّر الجميع بالحرب الباردة وأجوائها ومخاوف الحرب النووية.
لكن الإعلان الروسي عن وضع قوات الردع النووي في حالة تأهب، أعاد الاهتمام بهذا المرفق النووي، وبالفعل انتشرت خرائط توزيع الملاجئ ضد الهجمات النووية خصوصا في العاصمة لندن، التي تضم أكبر عدد من السكان مقارنة ببقية المدن البريطانية.
وحسب موقع "سوبتيرانين بريتانيكا" (Subterranean Britannica)، المتخصص في التأريخ للملاجئ في بريطانيا، فإن الأخيرة شيّدت المئات من الملاجئ خلال الحرب الباردة، ولم يكن الهدف منها أن تستوعب كل المواطنين، ولكن لضمان استمرارية كل أجهزة الدولة والتواصل بينها وحماية من هم أكثر عرضة للخطر.
ومع نهاية الحرب الباردة تم التخلي عن العديد من هذه الملاجئ، وما بقي منها الآن صالحا للخدمة هو 258 مخبأ نوويا موزعة على مناطق مختلفة في المملكة المتحدة، من بينها 46 ملجأ موجودا في لندن لوحدها.
وحسب صحيفة "تلغراف" (Telegraph) البريطانية، فإن الحكومة تخلصت من الكثير من الملاجئ المحصنة ضد الهجمات النووية، وضربت مثلا بملجأ في منطقة ويلتشر تم بناؤه في الثمانينيات بميزانية تبلغ 130 مليون دولار -وهو رقم ضخم خلال تلك الفترة- قبل أن تبيعه وزارة الدفاع بمبلغ 50 مليون دولار خلال السنوات الماضية.
وما زال الكثير من هذه الملاجئ معروضا للبيع لحد الآن، ومنها ما تحوّل لمنازل فخمة أو شركات ومصانع، وهو ما ينتقده البعض ويعتبره تضييعا لمرافق قد تحتاجها البلاد في أي لحظة.
المصدر : الجزيرة