منذ سنوات، يحاول المقدسي رائف شويكي وقف أمر بلدية الاحتلال لهدم بيته وتشريد عائلته، ودفع مبالغ مالية باهظة من أجل ذلك، إلا أنه وُضع بين خيارين أحلاهما مر: إما الهدم الذاتي
بأسرع وقت، أو تدخل آلياتها مقابل دفع التكاليف المترتبة على ذلك، وقيمتها مئة ألف شيقل.
حاول شويكي الذي يسكن في بيت حنينا شمال القدس في منزل مساحته 95 مترا، أن يؤجل قرار هدم المنزل والحفاظ على ذكريات عائلته وصغاره، إلا أن الاحتلال بعنصريته أبى إلا أن يهدم البيت، فبدأ صاحبه بتفريغ الأثاث وهدم الجدران.
بقيت الزوجة وصغارها يراقبون الأب وهو يهدم البيت، لكن الزوجة لم تقوَ على رؤية شقاء زوجها وذكرياتهم تهدم بيده، بعدما جمعوا المال لإقامته وتصميمه كما كانا يحلمان منذ خطوبتهما، فرحلت إلى بيت العائلة.
حاول صغيرا شويكي قبل خروجهما من البيت حفظ ملامحه أكثر، ففي كل ركن ذكرى لهما، وقبل أن ينسحبا مع والدتهما تمكنا من أخذ أرجوحتهما البلاستيكية وسيارتهما كذكرى من بيتهما المهدوم.
ومنذ ثماني سنوات يعاني صاحب البيت شويكي من منغصات الاحتلال ومحاولاته العنصرية بترحيله عن البيت ومنحه المخالفات بحجة عدم الترخيص والتي كلفته آلاف الشواكل ليبقى في بيته لكن كان القرار الأخير لمحكمة الاحتلال التي تحكم لصالح بلديته.
يقول شويكي: "أكثر من 300 ألف شيكل كلفني بناء بيتي وتصميمه، واليوم أهدمه بيدي (..) أطلب من الله الثبات والصبر".
ومن خلال صور البيت الذي يجري هدمه، كان واضحاً أن صاحبه تكلف في بنائه الكثير من المال، فرخام المطبخ وديكورات صالة المعيشة وغرف صغاره راح يهدمها بواسطة "الشاكوش" فتحول البيت الجميل إلى ركام.
ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها أفراد عائلة شويكي للهدم القسري، فطيلة السنوات الماضية ومن حين لآخر هناك بيت لهذه العائلة يهدم بأمر قسري في محاولة من الاحتلال لترحيلهم عن مدينة القدس، لكنهم يحاولون بكل السبل البقاء في بيوتهم ودفع الغرامات أو الهدم ومن ثم البناء من جديد.
فصاحب البيت الأخير الذي لا يزال يهدم بيته، دفع الكثير من المال للمحامين لوقف قرار الهدم، فكان يتأخر القرار لشهور أو سنوات لكن النتيجة كانت كحال البيوت المقدسية التي هُدمت بأمر من الاحتلال كما ذكر لوسائل الإعلام.
ووفق ما أورده شويكي فإنه بقي ثماني سنوات يخوض صراعا مع الاحتلال لاستصدار تراخيص بناء لمنزله لكن دون جدوى، مؤكدا تمسكه بأرضه وتشبثه بها، رغم محاولات سلطات الاحتلال اقتلاعه وتهجيره من خلال الهجمة الشرسة التي تشنها على الفلسطينيين في القدس المحتلة.
يذكر أن سلطات الاحتلال تماطل في منح الفلسطينيين التراخيص لفترات تصل إلى خمس سنوات أو أكثر، وترفضها في غالب الأحيان، كما تفرض مبالغ عالية تصل إلى مائة ألف دولار للحصول على رخصة.
وبالأرقام، يوضح فخري أبو دياب المختص بقضايا القدس أن هناك 18000 وحدة استيطانية صادقت عليها مؤسسات الاحتلال التهويدية العام الماضي، و9 مشاريع نفذتها في محيط المسجد الأقصى ما بين حفريات وأنفاق وكنس وكل ما يدعم الرواية التلمودية.
وذكر أن هناك 780 ملفاً في أروقة المحاكم وهي عبارة عن دعاوى ضد أصحاب منازل بدعوى البناء دون تراخيص، وقد فرضت عليهم غرامات بآلاف الشواكل بالإضافة الى أوامر هدم، قائلاً: "الاحتلال لا يعطي تراخيص للعرب أصلا".
ووفق أبو دياب، فهناك 780 بيتاً فرضت عليها غرامة بمتوسط 50 ألف شيكل، ما يعني أن 39 مليون شيكل فرضت عام 2021 على أهل القدس وهو عقاب اقتصادي ونفسي واجتماعي جعل العام الماضي من أصعب السنوات، ولا زالت قرارات الهدم مستمرة.
وبحسب الهيئة الإسلاميّة المسيحيّة لنصرة القدس والمقدسات، فإن قوات الاحتلال هدمت 21 منزلاً ومنشأة، بينما واصلت أذرع الاحتلال عمليات التهويد الممنهجة والاستيطان ومصادرة الأراضي في مدينة القدس المحتلة خلال شهر فبراير/ شباط المنصرم.