"أجا دور الكلب"، بهذه الجملة التي تعكس كوميديا سوداء يعيشها أهالي الشيخ جراح، وصف المقدسي محمود السعو آخر الضرائب التي فرضها الاحتلال عليه لأنه يربي كلباً فوق سطح منزله.
وقد اقتحمت قوات الاحتلال، مساء الأربعاء الماضي، منزل عائلة السعو في حي الشيخ جراح في مدينة القدس بحجة وجود كلب مزعج للجيران.
عائلة السعو دفعت كثيراً من الضرائب مرة بالتهديد بالهدم والإخلاء، ومرة بالحبس المنزلي لأولادهم الذين يقيم ثلاثتهم جبرياً في المنزل، وبالأمس أرسلت له ما تسمى دائرة الحيوانات في بلدية الاحتلال مهلة خمسة أيام للتخلص من الكلب أو أن يدفع غرامة أربعين ألف شيكل.
يقول السعو: "يخاف الجنود حينما يعتلون أسطح المنازل من وجود الكلب، ويريدون أن يأخذوا راحتهم، حتى أن الكلب أصبح يخاف مما يحدث يومياً في الشيخ جراح من ضرب القنابل ورش المياه العادمة واعتقال أولادي بين الوقت والآخر".
ويفصل الجنود بيوت الشيخ جراح عن بعضها بحواجز يقف عليها جنود مسلحون، حتى أن الجيران لا يستطيعون الذهاب لزيارة جيرانهم في البيت المجاور.
وتعاني عائلة السعو منذ أيام من اقتحامات يومية لمنزلها ومحيطه، والاعتداء على أفراد العائلة أو على المتواجدين أمام المنزل، حتى المستوطن المتطرف ايتمار بن غفير نقل مكتبه في محاولة استفزازية لأهالي الحي، من بيت سالم إلى بيت السعو، في رسالة مفادها أنه يستطيع أن يكون في الوقت الذي يريده وفي المكان الذي يريد في الشيخ جراح.
ويقول السعو: "الحي أصبح مغلقاً تقريباً، لا يستطيع المتضامنون الوصول إلى بيوتنا بسبب الحواجز وتواجد الجنود على مداخل الحي على مدار الساعة".
ويتساءل السكان منذ أحداث العام الماضي عن مصير قضيتهم في حي الشيخ جرّاح وما الذي سيحدث معهم هذا العام خاصة بعد أن توصلت أربع عائلات لتسوية مؤقتة تحولهم من ملاك إلى مستأجرين، ومدى خطورة ذلك على مستقبل بقية السكان، في ظل استمرار تنفيذ المشاريع التهويدية الهادفة للسيطرة على الفضاء العام للمدينة.
ويرى الدكتور عبد الله معروف أستاذ علوم بيت المقدس أن الاحتلال يخاف من الهبات الشعبية خاصة في الشيخ جراح لأنها أضافت معادلة جديدة للردع.
ويقول معروف تعليقاً على عمليات الاحتلال الاستفزازية: "لقد غيّر الاحتلال الواقع في القدس في السنوات الماضية وبالقوة، وقد أثبتت هبة القدس في الشيخ جراح وهبة باب العامود التي تلتها بأن القرار للأهالي المقدسيين".
ويعتقد معروف أن ما يخيف الاحتلال أنه فهم بأن ما يواجهه في الشيخ جراح هو هبة شعبية غير مأطرة بإطار سياسي محدد وقادرة على قلب المعادلة في المنطقة كلها، ولذلك فإن الاحتلال يواجه خوفاً كبيراً من أي محاولة لحسم قضية من قضايا القدس لأنه يعلم وقد جرب الرفض الشعبي والثورة الكبيرة للمقدسيين.
ويلفت معروف إلى أن ما يصعّب على الاحتلال أي اعتداء ويخوّفه منه هو أنه لا يتوقع حجم الهبة التي سيواجهها، لذلك هو يتخوّف من أقل الأشياء والتصرفات وشهر رمضان القادم سيكون حاسماً لأنه يتصادف مع ما يسمى أعياد الفصح.