قائمة الموقع

مقال: صالون هدى.. صالون العار

2022-03-11T16:40:00+02:00
بقلم: د. خالد النجار

عندما تسقط الأخلاق والقيم، تسقط كل مكونات الشخصية، تلك الشخصية التي يبنيها الإنسان عبر سنوات طويلة، دون أن يخدش فيها شيئًا، ودون أن يُعري منها ولو سمةً واحدةً، قد تصبح مثار جدلاً واسعًا حين تنتهك العرف السائد بين المجتمعات، وتطيح بقيمها بين ذئاب الفن الهابط. 

 

الفيلم المثير للجدل "صالون هدى" والذي يجسد قصة فتاة انتُهك عرضها أمام وسائل الإعلام، وقام بتعريتها أحد الساقطين المنحلين أخلاقيًا، دون أدنى رقابة من سلطة الإعلام، التي تستطيع أن توقف هذه الجريمة النكراء، فيلمًا لا أصل له في حماية الإنسان من المصاعب وتقوية ذاته كما ادّعى المخرج السينمائي "هاني أبو أسعد" الذي اتخذ قرارًا يطعن به خاصرة المجتمع الفلسطيني حين قام بعرضه في مسابقة مهرجان البحر الأحمر للأفلام السينمائية. 

 

أغراض الفيلم ليست كما يعتقد فريق الإعداد أو كاتب السيناريو والمخرج والفريق الفني، بل هناك أهداف تبدو في مقدمتها استهداف فئة عريضة من المجتمع الفلسطيني في سياق البحث عن الرذيلة وتسويق هذا الفكر المسموم للإطاحة بفتية وفتيات مجتمعنا ممن لهم دور بارز في كي الوعي وحقن ثقافة المقاومة في عروقهم، ودرعًا وسيفًا لقضيتنا الفلسطينية. 

 

المشاهد التي يعرضها الفيلم، لا تمثل الواقع الفلسطيني بأي حال من الأحوال التي عشناها في ماضينا وحاضرنا، لأن ثقافة الدراما الفلسطينية هي ثقافة بُنيت حفاظًا على الإرث والحضارة وقدسية الدم ومقدسات وطننا، وأخلاق شعبنا السامية التي تسمو كالجبال ولا تنسفها رياح الفن الساقط، ولا عزف الممثلين الهابط. 

 

ولعل فئة عريضة من شعبنا ومن عالمنا العربي شاهد المحتوى الفلسطيني ضمن الدراما الفلسطينية الهادفة التي عرضتها قناة الأقصى الفضائية في مسلسل "الروح" و"الفدائي" و"بوابة السماء" بجزئية الأول والثاني، لنعيش وقائع حقيقية بين ظلال هذه المسلسلات التي تعزز ثقافة المقاومة وثقافة الشعب الحر، والتي تعكس أحداث حقيقية في معظمها حول كيفية إدارة الصراع مع الاحتلال، وكيف تبدو عقلية الفلسطيني المقاوم وغير المقاوم في الدفاع عن دينه وأرضه وعرضه وسلاحه، وكيف يجسد المجتمع صورة نضالية حقيقية ضمن إطار المقاومة الشعبية التي تساند سلاح المقاومة بقبضة الأحرار. 

 

كان لزامًا على من يدّعون ريادة العمل الفني، أن يشعلوا ثورة فلسطينية أمام سينما البحر الأحمر، وأن يكون الافتتاح بدلاً من انتهاك فتاة فلسطينية، أن نُظهر لوسطنا العربي كيف تُنتهك حقوق الفتيات الأسيرات في سجون الاحتلال، وعلى الحواجز العسكرية، وكيف يُعدمن بدم باردٍ أمام مرأى ومسمع العالم أجمع، وأمام صمت مؤسسات حقوق الإنسان، وأمام غطرسة القانون الدولي الذي لم ينتقد جرائم الاحتلال بحق أسرانا الأبطال في المعتقلات الصهيونية.. كان لزامًا علينا أن نغزو عقول المشاهدين وأن نضرب الصورة الذهنية للعدو التي باتت في أسمى معانيها بين الأنظمة العربية التي طبعت مع الاحتلال، وخانت قدسية الدم العربي. 

 

إن هذا النوع من الفن لا يقل جرمًا عن التطبيع، ولا يقل جرمًا عن التعاون مع العدو، لأن من أهداف التطبيع والتعاون هو إسقاط شعبنا الفلسطيني في الاستهداف والتصفية والتشويه.

اخبار ذات صلة