الأفلام الوثائقية.. شاهد على حرب غزة

غزة -  مها شهوان " الرسالة نت "

رغم شح المعدات الإنتاجية والإمكانيات المتوفرة استطاع صحافيو ومخرجو قطاع غزة إنتاج العشرات من الأفلام الوثائقية التي استطاعت ان تصور صمود الشعب الفلسطيني لاسيما في حربة الأخيرة مع العدو الإسرائيلي حيث المساجد المهدمة والرجال والنساء الصامدين إلى جانب عشرات من العائلات المنكوبة.

" الرسالة نت " حاولت تسليط الضوء على هذه الظاهرة ومعرفة مدى أهمية الأفلام الوثائقية عن غيرها من المواد الصحافية الأخرى.

*جبل الكاشف

وقال المخرج الفلسطيني رياض شاهين مدير مهرجان غزة الدولي للأفلام التسجيلية ان مهرجانه يعتبر الأول من نوعه حيث استطاع خلال الإعلان عن بدء فعالياته. وقبل شهرين جمع 150 فيلما تجسد القضية الفلسطينية ، مشيرا إلى انه وصل من قطاع غزة ما يقارب 75 فيلما والضفة 30 فيلما ومن الخارج 30 فيلما، وتم إنتاج كم كبير من الأفلام الوثائقية بعد الحرب أي بمعدل 30 فيلما.

وأضاف شاهين :"استقبلنا جميع الأفلام بشتى أنواعها ومخرجيها دون تمييز، إلى ان تم تصفيتها لـ40 فيلم سيتم إرسالها إلى لجنة تحكيم دولية بالقاهرة لتصفية خمسة أفلام ستحصل على جوائز ،وستكون هناك جائزة لأفضل فيلم عن القدس وأخرى عن الصحافيين ومعاناتهم بالحروب".

وأوضح بأنه سيتم عرض الـ150 فيلما في ساحات مفتوحة من شمال القطاع حتى جنوبه ، لاسيما في جبل الكاشف الذي كان شاهدا على الحرب إلى جانب عرض الأفلام سيكون هناك عرض لبعض الفقرات الفنية والشعرية .

وأشار شاهين إلى ان الأفلام الوثائقية تهتم في توصيل الرسالة لجميع أنحاء العالم بعكس التقارير الإخبارية التي تكون أبوابها مغلقة ولاتصل للجميع، مبينا ان تلك الأفلام وسيلة لنقل رسالة مستمرة من شعب لآخر عبر القنوات الفضائية التي يمكن ان تبثها على مدار الأشهر والسنين.

ووصف شاهين غزة بالأرض الخصبة للأحداث والصور الغريبة و الشيقة مما يشجع المخرجين وشركات الإنتاج بالعمل على إنتاج الأفلام ، بعكس البلدان الأخرى التي تخرج أفلاما قليلة طيلة العام وربما تكتفي بفيلم واحد.

وبين ان هناك الكثير من الموضوعات التي يمكن التركيز عليها في قطاع غزة حيث الشهداء والأسرى ومعاناتهم والمرأة والطفل ، لافتا إلى ان كل بيت في غزة يوجد به عشرات القصص مما يشجع المخرجين لعمل تلك القصص بطريقة الأفلام الوثائقية.

وعن قلة المسلسلات التي تجسد قضية الواقع الفلسطينية ارجع ذلك إلى ان الإمكانيات الإنتاجية لا تسمح بصناعة المسلسلات التي تتجاوز مدة عرضها عن 30 ساعة بخلاف الأفلام التي لا تتجاوز مدة الفيلم في الغالب عشرين دقيقة، موضحا بعدم وجود شركات إنتاج تستطيع ان تتحمل تكاليف إنتاج مسلسل .

وحول الصعوبات التي تواجه المخرجين وشركات الإنتاج بشكل عام أكد شاهين على ان الطاقات البشرية شبه معدومة، بالإضافة إلى الحاجة الماسة لبعض أنواع الكاميرات ذات الجودة العالية التي يحيل الحصار دخولها إلى القطاع.

وتابع:"يوجد في غزة العديد من مخرجي الأفلام الوثائقية الذي حصل جميعهم على جوائز عالمية، ليدل ذلك على أهمية تلك الأفلام ونشاط مخرجيها في إيصال الرسالة بطريقة واضحة".

*المقاومة الفلسطينية

وتحدث الصحافي صالح المصري "للرسالة نت" عن برنامجه "وتبقى غزة" الذي نفذته شركة الواحة للإنتاج الفني والإعلامي أثناء الحرب على غزة وقال: البرنامج مكون من ستة حلقات مدة كل منها نصف ساعة ، موضحا ان كل حلقة كانت تسلط الضوء على احد الجوانب التي كان يعاني منها القطاع أثناء الحرب.

وقد فاز المصري بجائزةٍ ذهبية عن برنامجه الذي شارك في مهرجان اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية الذي عقد الأسبوع الماضي في "إيران".

وأشار المصري إلى الجوانب الإنسانية التي سلط البرنامج الضوء عليها أثناء الحرب ، منها قضية استهداف الطواقم الطبية وصمود الفلسطينيين ، بالإضافة إلى المقاومة الفلسطينية وكيفية عملها أثناء الحرب ،و حلقة أخرى عن الأسلحة المحرمة دوليا التي استخدمها الاحتلال، إلى جانب هدم المساجد وتشريد عدد كبير من الأسر الفلسطينية ليبيتوا في مدارس الأنروا.

وأوضح المصري أن ابرز ما كان يميز البرنامج هو تصوير جزء كبير منه أثناء الحرب لاسيما في بعض المناطق التي تعرضت للقصف ، لافتا إلى أن فكرة اسم برنامجه جاءت بسبب ما تعرضت له غزة من معاناة إلا أنها بقيت صامدة ، وأن الحرب جاءت وذهبت وبقيت غزة كما هي شامخة.

ويؤكد على ان الإنتاج الوثائقي مهم جدا لأنه يوثق الأحداث ، معتبرا إياه سفيرا يدور في مهرجانات دولية كثيرة يمكن من خلاله إرسال العديد من الرسائل.

وبين المصري بان هناك فرق بين الصحافي الفلسطيني والأجنبي في نقل الصورة الصحافية ، فالأجنبي لا يحمل هم القضية بعكس صحافي البلد.

وتابع: "ما شاهدته بأم عيني أثناء التغطية في الحرب بان صحافيي البلد يركزوا على المأساة الإنسانية ،بينما في المقابل كان الصحافي الأجنبي وكأنه يصطاد الأخطاء للمواطنين حينما كان يسألهم عن سبب هدم منازلهم هل هو وجود مقاومين أو إطلاق صواريخ ،متناسيا المأساة التي يعيشها هؤلاء المواطنين جراء فقدانهم لذويهم ومنازلهم".

واعتبر المصري بأن الصحافيين ليسوا مجرد ناقلين للحدث بل يعملون ضمن رسالة وطنية إعلامية ومن الواجب عليهم ان ينقلوا معاناة شعبهم للعالم ، مؤكدا بان الصحافيين الفلسطينيين نجحوا في ذلك ، مدللا على ذلك بأنهم أصبحوا مستهدفين وان عددا منهم استشهد في الحرب.

وبحسب المصري فان الصحافة المحلية هي التي غطت ووثقت الحرب الأخيرة ، وهذا يحسب للصحافيين الفلسطينيين.

وعن جائزته قال:"لم أكن أتوقع بان نحصل على الجائزة الأولى بسبب المعيقات لعملنا أثناء الحرب والتي من أبرزها انقطاع التيار الكهربائي المستمر، لكن بحمد الله استطعنا الفوز لان رسالتنا كانت رسالة إنسانية".

*توثيق الفيلم

أما الصحافي رشدي أبو العوف وزميله المصور الصحافي حمادة أبو قمر اللذين يعملان ضمن طاقم تلفزيون BBC تمكنوا من اخذ الجائزة الذهبية في مهرجان عالمي عن فيلمهما "خارج الحطام"، فقد وثق الفيلم بشكل محدد حياة عائلة السموني والدكتور عز الدين أبو العيش وما تعرضوا له أثناء الحرب من معاناة.

ولفت أبو العوف " للرسالة نت " إلى ان فكرة عمل الفيلم الوثائقي بدأت حينما ابلغهم الصليب الأحمر بان عائلة السموني محاصرة ، موضحا بان طاقم التصوير توجه إلى مكان العائلة لكنه لم يستطع الوصول بسبب منع جنود الاحتلال لهم .

وقد توجه الطاقم التصوير إلى مستشفى القدس حيث يرقد عدد من أفراد وأطفال عائلة السموني وبدءوا يأخذون منهم شهادات حية عن ما شاهدوه من معاناة ،بالإضافة إلى الشهادات التي تم توثيقها من خلال الصليب الأحمر والجيران .

وأضاف بان الصحافيين أثناء الحرب كانوا يواجهون صعوبات فكانوا يمنعون من تغطية الأحداث ، مشيرا إلى انه اضطر في بعض الأوقات لإعطاء رجل الإسعاف كاميرا ليقوم بتصوير بعض المشاهد لعائلة السموني لكن جنود الاحتلال صادروا الكاميرا منه.

وقال أبو العوف: "الجزء الثاني من الفيلم كان يمثل معاناة عائلة الدكتور عز الدين أبو العيش، ليتم التركيز على الجانب الإنساني بقدر كبير ومعاناة هذه العائلة بشكل كامل".

وبعد انتهاء الحرب تم استكمال و توثيق الفيلم حينما تمكن بعض الصحافيين الأجانب التابعين لنفس المؤسسة التي يعمل فيها أبو العوف وزميله من الدخول للقطاع.

وعن مدي المصداقية التي يمنحها العالم الغربي للأفلام الوثائقية التي تصنع بأيد فلسطينية قال:"بالنسبة للغرب فهو يعطي المصداقية للصحافيين الأجانب معتبرين أن الأجنبي يغطي الأحداث بطريقة محايدة بعكس الفلسطيني المنحاز لقضيته"، مضيفا ان وجود صحافيين محليين مهم إلى جانب الأجانب لتوجيههم بالقدر المستطاع بحيث لا يؤثر ذلك على مهنية وحيادية الصحافي الأجنبي.

البث المباشر