تترقب ساحة الضفة المحتلة المرحلة الثانية من الانتخابات المحلية، ومنذ فتح باب الترشح وحتى اللحظة، تشهد المحافظات حملة اعتقالات شرسة بحق المواطنين تشنها الأجهزة الأمنية لسلطة رام الله، حيث تعرض المعتقلون للضرب والشبح والتحقيق القاسي، وكان لطلبة جامعة النجاح بنابلس نصيب الأسد من الملاحقة والاعتقال.
ووثقت مجموعة حقوقية شهادات حية لطلبة ومعتقلين سياسيين أفرج عنهم من سجون السلطة، تعرضوا لأقسى أنواع التعذيب، وفي المقابل هناك عائلات تتحفظ عن ذكر ما تعرض له أبناؤها في تلك السجون خشية المزيد من الملاحقة.
وبحسب ما رصدته لجنة أهالي المعتقلين السياسيين في تقرير دوري لانتهاكات أجهزة السلطة لشهر فبراير/2022، جاء فيه أن أجهزة السلطة ارتكبت 187 انتهاكاً بحق المواطنين، وشملت تلك الانتهاكات (33) حالة اعتقال، (24) حالة استدعاء، (6) حالات اعتداء وضرب، (7) عمليات مداهمة لمنازل وأماكن عمل، (18) حالة قمع حريات، (2) حالات تم فيها مصادرة ممتلكات، (12) حالة محاكمات تعسفية، فضلاً عن (85) حالة ملاحقة وقمع مظاهرات وانتهاكات أخرى.
كما شكلت محافظة نابلس الأعلى على صعيد انتهاكات السلطة بواقع (85) انتهاكا، تلتها محافظتا جنين ورام الله بواقع (80، 22) انتهاكا لكل منهما على التوالي.
وتظهر المعطيات إصرار أجهزة السلطة على نهج القمع وانتهاك أبسط حقوق المواطنين، مستندة لقرارات من المستوى السياسي، وتركيز كامل السلطات الرقابية والقضائية والتنفيذية في يد جهة واحدة فقط.
شهادات مروعة
يقول حمدان عبد الرحمن المتحدث باسم لجنة أهالي المعتقلين السياسيين في الضفة إنه تم رصد تصاعد انتهاكات أجهزة السلطة بحق المواطنين وطلاب الجامعات والنشطاء والمعارضين السياسيين.
وأكد عبد الرحمن "للرسالة نت" أن لجنته وثقت شهادات مروعة لتعرض عدد من طلبة جامعة النجاح الوطنية، والأسرى المحررين في نابلس للتعذيب والشبح في مقرات اللجنة الأمنية في نابلس، بالإضافة إلى تعرضهم للشتم والترهيب والتهديد بتسليم ملفاتهم للاحتلال.
ولفت إلى زيادة في وتيرة الاعتقال دون سند قانوني وبسيارات وألبسة مدنية على طريقة وحدات المستعربين التابعة للاحتلال "الإسرائيلي"، مشيراً إلى أن العديد من المعتقلين السياسيين تعرضوا للاعتقال لدى الاحتلال فور الإفراج عنهم من سجون السلطة ضمن سياسة الباب الدوار والتحقيق معهم على نفس القضايا التي جرى التحقيق معهم لدى أجهزة السلطة في تكامل للأدوار بين السلطة والاحتلال.
وأكد عبد الرحمن أن الاعتقال السياسي على خلفية الرأي جريمة قانونية وأخلاقية، لاسيما وأن أضراره لا تقتصر على المعتقل فقط وإنما تطال عائلته وأبناءه ومصادر رزقه، داعياً الجهات القانونية والحقوقية إلى ضرورة تحمل مسؤولياتها في لجم تعدي أجهزة السلطة ووقف مأساة الاعتقال السياسي.
بدوره تحدث الحقوقي مهند كراجة في "محامون من أجل العدالة" أنه في الآونة الأخيرة زادت حملة الاعتقالات التي طالت طلبة جامعة النجاح خاصة بسبب نشاطهم النقابي والسياسي داخل الجامعة، مشيرا إلى أن هناك شهادات مروعة وُثقت للطلبة وهم يروون تفاصيل تعذيبهم لدى أجهزة السلطة الأمنية.
وبحسب متابعة كراجة، فإن حملة الاعتقالات لا تزال مستمرة فهناك حملة من الاستدعاءات والملاحقات، وزادت بعد انتخابات المجالس القروية والبلديات، مؤكداً أن ذلك مؤشر خطير لاستقلالية الجو الانتخابي، وكذلك محاصرة الأنشطة الطلابية والمرشحين.
ووفق قوله، فإنه من المهم أن تتوقف مضايقات الأجهزة الأمنية للمرشحين، وعلى لجنة الانتخابات أن يكون لها دور في الحد من تلك الملاحقات لتسيير العملية الانتخابية دون عراقيل.
ووصف الاعتقالات السياسية بأنها تعسفية وغير قانونية لعدم وجود وقائع جرمية تدين المعتقلين، داعيا إلى عدم الخلط بين النشاط المشروع وغير المشروع.
ولفت كراجة إلى أن هناك معتقلين وعوائلهم لا يبلغون الجهات الحقوقية عند الاعتقال وذلك خوفا على وظائفهم لدى السلطة، أو الملاحقة أكثر.
وقبل أيام قليلة، تعرض كراجة وعدد من الحقوقيين لمحاولة اختراق لهواتفهم وحساباتهم على الفيسبوك، وحول ذلك يعلق: "هذه المضايقات ليست الأولى التي تستهدف المدافعين عن حقوق الإنسان ومن يمثل المعتقلين السياسيين قانونيا"ـ لافتاً إلى أن الهدف منها هو ترهيبهم ومحاولة إيقاع النشطاء والحقوقيين في العديد من المشاكل.