سيحصل الأوكرانيون الفارّون من الحرب من النساء والرجال والأطفال على وضع الحماية من فئة "اس"(S) في سويسرا، الذي لم يسبق أن مُنح لأيّ كان في الماضي. وبهذه الطريقة، تُظهر سويسرا انفتاحًا غير مسبوق، أشادت به أستاذة القانون في جامعة فريبورغ سارا بروجين- تويركاوف.
إلى حين إعداد هذا التقرير، فـرّ أكثر من مليونين ونصف مليون شخص بالفعل من أوكرانيا بسبب غزو القوات الروسية، وقد يصل عددهم قريبًا إلى أربعة ملايين نسمة على طرقات المنفى، وفقًا للأمم المتحدة. وتتوزع الغالبية العظمى منهم حاليًا على الدول المجاورة، إلا أن معظمهم يتواجد في بولندا.
حتى الآن، تم بالفعل تسجيل أكثر من 2100 من ضحايا هذه الحرب في سويسرا، لكن الكنفدرالية مستعدة لاستقبال حوالي ستين ألفًا بأذرع مفتوحة. ففي يوم الجمعة 11 مارس الجاري، قررت الحكومة منحهم حماية جماعية من خلال تمكينهم من إقامة خاصة من فئة "اس" (S). وهي تسير بذلك على خطى الاتحاد الأوروبي، الذي فعّل منذ يوم 4 مارس الجاري توجيهه الخاص بالحماية المؤقتة.رابط خارجي
ما هو وضع الحماية من فئة "اس"؟
طورت الحكومة وضع الحماية من فئة "اس" (S) في منتصف التسعينيات من القرن الماضي كرد فعل على تداعيات حروب البلقان. وتسمح هذه الأداة بالقبول السريع لمجموعة من اللاجئين واللاجئات، دون المرور بإجراءات اللجوء العادية، وبالتالي دون إجراء فحص فردي لأسباب الهروب. أما الهدف فيتمثل في التمكّن من التعامل مع تدفق هائل للأشخاص، مع تجنّب إثقال كاهل نظام اللجوء.
في يونيو 1999، وافق السويسريون على مراجعة القانون الفدرالي للجوء الذي كان يتضمن هذه الأداة الجديدة. وقد دخل القانون حيز التنفيذ في أكتوبر من نفس العام، وقد تزامن ذلك مع انتهاء الحرب في يوغوسلافيا السابقة، لذلك لم يتم اللجوء لاستخدام هذا الوضع مُطلقًا.
ما هي الشروط التي يجب توفّرها للحصول على هذه الحماية؟
يُمنح هذا الوضع الخاص إلى الأشخاص الذين يحملون الجنسية الأوكرانية ولأفراد أسرهم. فقد وافقت الحكومة الفدرالية على تطبيق القرار الذي اتخذه الاتحاد الأوروبيرابط خارجي وقررت الذهاب إلى أبعد من ذلك، حيث سيحقّ لمُواطني الدول الأخرى (أو "الثالثة": أي جميع الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي) الذين اضطروا للفرار من أوكرانيا نتيجة للحرب الحصول على هذه الحماية أيضا. مع ذلك، يتعيّن أن يكون هؤلاء الأشخاص قد حصلوا على تصريح إقامة ساري المفعول في أوكرانيا قبل اندلاع الحرب وليست لديهم إمكانية العودة بأمان إلى بلدانهم الأصلي. علاوة على ذلك، لن يتم منح حماية من فئة "اس" إلى الأشخاص الذين حصلوا بالفعل على وضع الحماية في دولة أخرى من دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين.
ما هي الحقوق التي يمنحها هذا الوضع؟
منذ الآن، يستطيع الأوكرانيون السفر والإقامة بحرية لمدة تسعين يومًا داخل الدول الأعضاء في فضاء شنغنرابط خارجي (التي تُعدّ سويسرا جزءًا منها) التي تُطبّق مبدأ حرية تنقل الأشخاص فيما بينها. كما سيحصل الأشخاص الذين مُنحوا وضع الحماية من فئة "اس" (S) على تصريح إقامة مؤقتة لمدة عام واحد، قابلة للتجديد طالما استمرت الحرب. ويحق لهؤلاء الأشخاص الحصول على سكن ومزايا اجتماعية ورعاية طبية. كما يُمكن لهم أيضًا الاندماج على الفور في سوق الشغل وإحضار أسرهم إلى سويسرا. وسيتمكن الأطفال من الذهاب إلى المدارس. ومن المقرر تقديم مساعدات مالية قدرها 1500 فرنك للفرد في الشهر، كما ذكرت ذلك بالتفصيل وزيرة العدل والشرطة كارين كيلر - سوتر في الندوة الصحفية التي عقدتها يوم الجمعة 11 مارس الجاري.
بعد مرور خمسة أعوام، سيتم إصدار تصريح إقامة من صنف "ب" (B)رابط خارجي للأشخاص الذين لن يتمكنوا من العودة إلى بلدهم يسمح لهم بالبقاء في سويسرا. إضافة إلى ذلك، قررت الحكومة أن تكون أكثر سخاءً مما ينص عليه القانون، حيث سيتمكّن المُستفيدون من وضع "اس" (S) من مواصلة السفر بحرية داخل منطقة شنغن.
أين سيتم إيـواءُ هؤلاء الأشخاص؟
حاليا، يُوجد لدى الكنفدرالية خمسة آلاف مكان شاغر في المراكز الفدرالية للجوء لفائدة اللاجئين القادمين من أوكرانيا. بالإضافة إلى ذلك، يجري حاليّا توفير أكثر من 45000 مكان (باحتساب عدد الأسرّة) من قبل أشخاص عاديين في جميع أنحاء سويسرا، وفقًا للمنظمة السويسرية لمساعدة اللاجئين. وبالفعل، أعلن يوم 11 مارس الجاري أنه تم إيواء حوالي 700 شخص في منازل خاصة و1415 نسمة في المراكز الفدرالية للجوء. من جهة أخرى، يُقيم بعض الأشخاص أيضًا مع أقاربهم أو معارفهم، مع العلم أن حوالي 11000 أوكراني يعيشون في سويسرا بالفعل.
لماذا لم يتم تفعيل هذه الحالة من قبل؟
لم يسبق للحكومة الفدرالية أن قررت من قبل استخدام وضع الحماية من فئة "اس" (S)، مع أنه كان موجودا منذ أكثر من عشرين عامًا. وتوضح سارا بروجين- تويركاوف، أستاذة القانون في جامعة فريبورغ أنه "تمّ تصميم هذا الوضع للتعامل مع النزاعات على أبواب أوروبا، حتى وإن لم يتم كتابة ذلك في نص القانون، ومن أجل التعاطي مع تدفّـق هائل للاجئين من الرجال والنساء". وتُضيف أن الكنفدرالية رفضت – بناءً على هذا الأساس - تطبيقه لاستقبال الرجال والنساء الذين فروا من تداعيات الربيع العربي أو من الحرب في أفغانستان أو سوريا.
وفي حالة الصراع السوري، لعبت المبررات الأمنية دورًا أيضًا. فقد كانت الحكومة تخشى من السماح لإرهابيين بدخول البلاد، وتوضح تشرح سارا بروجين- تويركاوف قائلة: "فضلنا الاعتماد على الإجراءات الفردية (في مجال اللجوء – التحرير) للتمييز بين من تعرّض للاضطهاد بشكل فردي، وبالتالي تحصل على وضع اللاجئ، وبين من تم قبوله مؤقتًا، وبين من كان إرهابياً مُحتملاً".
لماذا يحصل الأوكرانيون على هذا الوضع الخاص؟
لا تُخفي سارا بروجين- تويركاوف ترحيبها بقرار الحكومة تفعيل وضع الحماية هذا أخيرًا، وتقول: "إن تطبيقه يُمثل بُشرى سارة. حتى الآن، كنا نظن أنه سيبقى مجرد حبرٍ على ورق ".
مع ذلك، فهي تتفهم الانتقادات التي تشير إلى الاختلافات في المعاملة، اعتمادًا على جنسية الأشخاص الذين يطلبون الحماية من سويسرا، وتقول: "بالفعل، يتم التعامل مع ضحايا الحرب في أوكرانيا بشكل مُختلف تمامًا عن اللاجئين الآخرين الذين وصلوا إلى سويسرا حتى الآن. الأوكرانيون والأوكرانيات من البيض، أقرب إلى ثقافتنا مقارنة بغيرهم من المجموعات السكانية، وفجأة أصبح كل شيء ممكنًا"، كما تلاحظ الخبيرة. لكنها تستدرك مذكّـرة بأن الجنسية معيار شرعي في قانون الهجرة أو في قانون اللجوء، وتُلفت إلى أنه "يُمكننا معاملة الناس بشكل مختلف، لأنهم ليسوا في أوضاع مماثلة".
هل يُمكننا أن نتخيّل أن تفعيل وضع الحماية "اس" سيتم بسهولة أكبر في وقت لاحق؟
من الصعب التنبؤ بذلك. تقول سارا بروجين- تويركاوف: "ربما سيرى السويسريون أن هذا الشكل من الاستقبال ناجح، وأن يُصبح استخدامه أسهل في المستقبل". ومع ذلك، فهي تشير إلى أن وضع الحماية "اس" مُصمّم للتعامل مع حالات تدفق هائل للاجئين، وهو الأمر الذي لا يحدث طوال الوقت. وتضيف أستاذة القانون بجامعة فريبورغ معلقة: "آمل على الأقل أن يكون للتضامن الذي يشعر به السويسريون تجاه الأوكرانيين تأثير إيجابي على اللاجئين الآخرين في البلاد، لأنهم في نفس الوضع تمامًا. فهم أيضا تمّ اقتلاعهم من جذورهم ".
المصدر: وكالات