منذ ساعاتِ الصباح، بدأ أهالي مدنِ النقب والقدس والداخل المحتل يتوافدونَ إلى قريةِ العراقيبِ للاحتفاءِ بيوم الأرض الفلسطيني، وسطَ أهازيج شعبيةٍ وهتافاتٍ وطنيةٍ تثير حماسَ الحضور وهم يرددون "يسقط حكم العسكر، العراقيب خط أحمر (..) صامدون متل الزعتر والزيتون".
وصلتِ الحافلاتُ التي حملتِ النشطاءَ من مختلفِ الفئاتِ إلى أرضِ العراقيبِ التي هدمها الاحتلال 199 مرة.
ارتدت غالبيةُ الفتياتِ الثوبَ الفلسطينيَّ المطرّز، فيما حمل أحدُ الشبابِ عودَه وهو يردد الأغاني الوطنية، بينما يلوّح الصغارُ بعلمِ فلسطين ويرددون "لا دبابة ولا جنزير تكسر إرادة طفل صغير".
أحدُ الأماكن التي نزل إليها النشطاء كان أراضيَ سلبها الاحتلال من عائلةِ العقبي. حمل أصحابها لافتةً تقول: "حق العودة.. عائلة العقبي المهجرة تعود إلى أراضيها في قرية العراقيب".
استقبل صياح الطوري شيخُ العراقيب، الوافدين وشكر كلَّ من يدعمُ قريته التي وصفها ببوابة النقب الشمالية، مشيراً إلى أنه في حال هُزمت قريته لن يكون هناك كيانٌ لأهل النقب.
وذكر الطوري أنه رغم هدم القرية 199 مرة إلا أن الاحتلال الإسرائيلي لم يتمكن من هزم إرادة السكان، مؤكداً أن قريته ستبقى شامخةً حتى الحصول على اعترافٍ كاملٍ بها.
ومن نفس المكانِ تحدث الصحافي عطوة أبو خرمه "للرسالة نت" بأن فلسطينيي الداخل لا يزالون يتوافدون إلى القريةِ وينظمون نشاطاتٍ مختلفةً للتأكيدِ على التشبث بالأرض، ومقاومةِ محاولاتِ التهجيرِ ومصادرةِ أراضيهم.
وأشار أبو خرمة إلى أن أولى الفعاليات بدأت من مقبرة بني عقبة، التي هُجّر أصحابُها سنة 1951، لمؤازرة العائلة ودعمها، ثم غرسوا أشجارَ الزيتون داخل المقبرة.
وتبعت هذه الفعاليةَ محاضراتٍ عرّفتِ الحضورَ بتاريخ وحضارة العراقيب، وجاء المتضامنون من القدس والجليل والمثلث والنقب.
ومن أهم الفعاليات الرئيسية التي تشهدها العراقيب في احتفائها بيوم الأرض وبمشاركةِ شيخ الأقصى "الرائد صلاح" هو كتابة اسم "العراقيب" بالورود على الشارع الرئيسي الذي يربط النقب بجميع القرى المسلوبة، وفي ذلك إشارةٌ إلى الاستمرار في مقاومتهم للمحتل بكل الأشكال حتى الاعتراف بحقوقهم وعودة أراضيهم المسروقة.
كما سيمر الحضورُ على بيوت هُجّر أصحابها منها قسراً بفعل الاحتلال، وسكنوا قطاع غزة وأماكن أخرى ولاتزال أسماؤهم محفورةً عليها.
أما عن الأطفال فكان حضورهم لافتاً من خلال الصور والفيديوهات التي نُشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتعمد القائمون على الفعاليات توجيه رسائل وطنيةٍ لترسيخها في عقول الصغار.
يعلق الصحافي أبو خرمة "وجود الأطفال متعمد ومهم جداً للتعرف على تاريخ العراقيب"، مؤكداً أن الاحتفال بيوم الأرض هذا العام يختلف عن السابق بل وأفضل.
وقرية العراقيب واحدة من 45 قرية فلسطينية في النقب تنفذ (إسرائيل) مخططاً اقتلاعياً لها بهدف تهجير سكانها وتجويعهم في أقلِّ مساحةٍ بهدفِ مصادرة قراهم لصالح اليهودِ ومشاريعِ الاستيطان.
يُذكر أن الفعالياتِ الوطنيةَ المختلفةَ لا تزال مستمرة، وسيكون المهرجان الختامي في قرية "سعوة" الواقعةِ جنوب النقب، وستتخللها الدبكةُ الشعبيةُ والكلماتُ الحماسية للحديث عن يوم الأرض ودعم صمودِ السكان ولا سيما المهجرين.
ورغم مضي 46 عاماً على يوم الأرض إلا أن الفلسطينيين يحيونه كل عام فهو حدث كبير في التقويم السياسي الفلسطيني. إن عدد شهداء المواجهات الأخرى مع الاحتلال أضعافَ الذين ارتقوا يوم الأرض وهذا يدلل على أهميةِ الأرض للفلسطيني رغم محاولاتِ الاحتلالِ إبعادَه عنها.