تبكي والدةُ فادي عليان، أحدُ حراس الأقصى، المعتقلُ إدارياً منذ العام الماضي، وهي تتذكر كيف سيأتي رمضان هذا العام في الأقصى دون أن يكون ابنها في استقباله.
فادي عليان، الذي يداوم على الرباط في الأقصى، اعتقله الاحتلال بتهمة عشق المكان المقدس، ويقبع الآن في سجن ريمون في انتظار محاكمة بسبب لا يعرفه، ولا يعرف حتى سبب إقدام الاحتلال على هدم بيته في غيابه.
ليس فادي عليان وحده الذي يعاني من تضييقات يومية متصاعدة: منعٍ من ممارسة العمل، وإبعادٍ بين الوقت والآخر، خاصة قبل شهر رمضان المبارك، وقد "وصل التضييق ذروته بعد هبّة البوابات الإلكترونية في يوليو/تموز 2017"، وفقاً لما ذكره مدير المسجد الأقصى، الشيخ عمر الكسواني.
"حتى نهاية 2017، تعرض 40 حارساً للاعتقال والإبعاد عن الأقصى لفترات تمتد بين 4 و6 أشهر، وما زالت هذه العقوبة مفروضةً عليهم حتى الآن، وذلك يعيق استمرار عملهم اليومي داخل المسجد"، يقول الكسواني.
وأفاد أنه في الشهر الماضي أعلنت الأوقاف عن توظيف 15 حارساً جديداً للمسجد الأقصى المبارك بعد توقف التوظيف منذ أربع سنوات، لكن الأوقاف لا تضمن أن يباشروا عملهم نتيجة التضييقات التي يتعرضون لها من الاحتلال.
"ولكن لن ننسى"، وفقاً لتأكيد الكسواني، "أنه في نهاية العام الماضي، وبعد 4 سنوات، قررت الأوقاف تعيين 20 حارساً جديداً للأقصى ولكن الاحتلال شرع بسلسلة اعتقالات واعتداءات متتالية على الحراس، الذين وصل عددهم إلى 256 حارساً وحارسة، يعانون من تضييق وإبعاد يومي أو شهري أو متقطع خلال العام".
ويستنكر الكسواني مطالبة الاحتلال الدائمة لقائمة بأسماء حراس الأقصى والسدنة والعاملين فيه بين الوقت والآخر، في تدخلٍ سافرٍ ترفضه الأوقاف، مشيراً إلى أن هذا من شأنه أن يعقّد عمل دائرة الأوقاف الإسلامية.
لكن مدير المسجد الأقصى يؤكد أنه "مهما فعل الاحتلال فإنه لن ينجح في أن يثني الإدارة والسدنة والحراس عن القيام بواجبهم تجاه المسجد للحفاظ على عروبته وإسلاميته في ظل اقتحامات المتطرفين".
من جانبه، يرى زياد ابحيص المختص بقضايا القدس أن الاحتلال يعتبر نفسه وصياً على الأقصى وفوق الأردن فيما يخص التعيينات، مشيراً إلى وجود مستجدات في ملف إدارة الأقصى".
عن هذه المستجدات يقول ابحيص "إن شرطة الاحتلال استحدثت منذ سنوات وحدة تسمي نفسها "إدارة جبل المعبد" باتت ترى في نفسها الإدارة الفعلية للأقصى، وتستقبل المقتحمين الصهاينة بيافطات ترحيبية باسمها في أعيادهم منذ صيف 2020، ما زاد من الضغوط على إدارة المسجد، خاصة بعد نقص في الحراس بسبب توقف تعيينهم منذ 2017، بالإضافة إلى الحراس المتوفين والمتقاعدين والمستقيلين، الأمر الذي استغله هؤلاء المتطرفون لزيادة اعتداءاتهم على الأقصى".
كما يلفت ابحيص إلى أن ارتفاع سعر صرف الشيكل قد أدى إلى انخفاض قيمة رواتب حراس الأقصى بحيث باتت في معظمها تحت الحد الأدنى للأجور، وتحت مستوى خط الفقر لعائلة تعيش في القدس.
ولأجل ذلك، فإن كثيراً من الحراس يجدون أنفسهم مضطرين لأخذ إجازات دون راتب لبعض الوقت لتحسين أوضاعهم المادية، أو العمل بوردية ثانية في سوق العمل الإسرائيلي حيث يبتزهم الاحتلال بالموافقات الأمنية، أو حتى إلى الاستقالة وترك العمل في الأقصى، على حد تعبير ابحيص.
"ولكن هذه المخاطر مواجهتها ممكنة، إن وُجدت الإرادة لذلك"، كما يؤكد ابحيص، مضيفاً: "وهذا ما تمضي الأمور بعكسه حتى الآن بكل أسف! فلا بد من موقف سياسي يدافع عن أولئك الحراس ولو بالحد الأدنى، ولا بد من الحرص على الحراس الموجودين ودعمهم وتعزيز دورهم".
وختم بالقول: "ما دامت الأوقاف الأردنية قد وضعت مخصصات مالية لزيادة عدد الحراس، فالأولى أن توجِّهها لتحسين وضع الحراس الموجودين، وتعزيز صمودهم في ظل عجزها عن زيادة عددهم".