قائمة الموقع

الأسيرة "الجعابيص" تخترق جدران الدامون بـ "معنوياتِ صغيرٍ وقفتُ"

2022-04-04T16:02:00+03:00
الأسيرة الجعابيص
الرسالة نت – مها شهوان

لم تغب حكاية الأسيرة البطلة إسراء الجعابيص -36 عاما- عن مجالس الصبر والقوة، فهي حاضرة لتعطي دروساً في تحدي السجان بالإبداع والتميز الذي يقربها من صغيرها بعد أن غدا فتى ينتظرها ويطالب بالإفراج عنها.

اعتُقلت الجعابيص في انتفاضة القدس، وتنفذ حكماً بالسجن 11 عاماً، قضت منها حوالي ست سنوات، فصول القهر والظلم الذي تعرضت له في غياهب السجون لا تشبه ما مرت به زميلاتها الأسيرات، فتهمتها هي اختراق الحاجز العسكري الإسرائيلي عمداً، لتنفيذ عملية، فأطلقوا النار على سيارتها فاشتعلت أنبوبة غاز كان داخلها، ليحترق 60% من جسدها، ولتنقلب حياتها رأساً على عقب.

طيلة سنوات الاعتقال، تقضي الأسيرة أيامها واصلة الليل بالنهار وهي تئن وجعاً، حتى إن قطرة ماء تلامس جسدها فإنها تلهبها وتزيدها ألمها، ومع ذلك بقيت صامدة وقررت أن تحوّل أنينها إلى إبداع سيبقى محفوراً في ذاكرة كل من قرأه وسيكون إضافة نوعية لأدب السجون.

بعد مضي سنوات على ألمها واعتقالها خرجت الجعابيص تصرخ برسالة عبر محاميها وصلت لعائلتها تحكي فيها "لم أعد أحتمل الوجع (..) احكوا للعالم ما ينسوني". لكن، دون أن تطلب، فإن قصتها متداولة في المحافل الدولية خاصة بعد صرخات صغيرها "معتصم" للإفراج عنها.

ولأن الأسيرة مميزة بصبرها وحكايتها، قررت أن تهدي صغيرها رواية دونتها بأناملها المحروقة وهي تتوجع لكن أرادت أن تبقى ذكرى لابنها، وتسعى لطباعتها قبل يوم ميلاده في السابع عشر من سبتمبر المقبل.

من سجن الدامون، تمكنت الجعابيص من إكمال كتابة رواية "بمعنوياتِ صغيرٍ وقفتُ"، تحكي فيها كيف أنها بمعنويات صغيرها واصلت حياتها وتحملت الألم، وأنها لاتزال تقاوم حتى تحتضنه، فكسرت عتمة سجنها بمخطوطة "موجوعة".

يقول حسن عبادي محامي الأسيرة، إن مخطوطة "موجوعة" بدورها، نجحت في اختراق جدران الدامون، وسلمها المحامي لأحد أصدقائه ليتطوع بتحريرها، وتحلم بإطلاقها يوم ميلادها في 22 يوليو، بالتزامن مع معرض رسومات للأسيرة مرح بكير.

ويذكر عبادي ما قرأته له الجعابيص من كتابها: "أسيرٌ وبأدبِ السجونِ خبيرٌ، سندباد على بساطِ الأحلام يسيرُ، يكتب بقلمه ليسافرَ لأرضِ الضميرِ، ثائرٌ وللثورة ثوارُ بثير [وجه أو جلد مملوء بالبثور]، بحروف على السطور تطير، يوثّق أحداثًا بالوصف والتعبير".

وسبقت الجعابيص الأسيرة المقدسية أماني الحشيم حين أصدرت يناير الماضي كتابها "العزيمة تربي الأمل" وكانت أول أسيرة تصدر كتاباً.

الأسيرة الحشيم هي أم لطفلين، وحاصلة على بكالوريوس في العلوم السياسية والدراسات الدبلوماسية من جامعة القدس (أبو ديس) ودبلوم في اللغة الإيطالية، وناشطة في تدريس الأسيرات داخل المعتقلات، واعتقلها الاحتلال في يناير 2016 وحكم عليها بالسجن عشر سنوات.

ويحتوي كتابها على 25 نصاً وجدانياً تتحدث من خلالهم عن الهموم الشخصية والعامة، وعن مشاهد من المعتقل، مع سيطرة تلفت النظر لموضوع الأمل.

لم تتوقع الحشيم الصدى الكبير الذي حصل عليه كتابها، وبسبب ردود الفعل الإيجابية فهي بصدد البدء بكتابة كتاب آخر، كما أخبرت المحامية حنان الخطيب.

ونقلت الخطيب على لسان الأسيرة: "انتابني شعور رائع لا يوصف، يوم تنظيم وقفة تضامنية لدعم أسيرات الدامون، وخلال الوقفة تم توزيع كتابي على المتضامنين المشاركين، ونُقل الحدث على التلفاز وشاهدته جميع الأسيرات، الشيء الذي رفع من معنوياتنا وزادنا قوة وصلابة".

يذكر أن هناك العديد من الأسرى الذي خاضوا هذه التجربة الأدبية أو ما اصطلح على تسميتها "أدب السجون"، فالكتابة من داخل السجون هي أحد أشكال المقاومة، التي من خلالها استطاع الأسرى توثيق تجاربهم ومعاناتهم اليومية التي يعيشونها داخل أقبية الاحتلال.

اخبار ذات صلة