مطلع فجر السبت قبل 4 أعوام، توالت الرسائل تباعاً على الهاتف المحمول للسيدة الفلسطينية إيناس حمودة (31 عاما)، يطمئن مرسلوها على أخبارها وزوجها.
لم يكن من عادة أولئك الأصدقاء الاطمئنان على إيناس في مثل هذه الساعة المبكرة، وبإرسال هذا العدد من الرسائل دفعة واحدة، مما أثار الشك في نفسها، والقلق على زوجها العالم الفلسطيني فادي البطش، الذي غادر المنزل لإمامة الناس في صلاة الفجر.
سريعاً، أجرت اتصالاً على هاتف زوجها، لكن لا صوت سوى رنين الهاتف، وما من أحد مجيب، على غير العادة أسرعت إيناس، نحو الشرفة فوجدت الشرطة الماليزية والإسعاف، قد أحاط المكان، والناس متجمهرين.
ارتدت ثيابها وهرولت خارج المنزل، كان الجميع يبكون لقد كانوا في صدمة كبيرة، كلما سألت أحدهم ماذا يحدث وأين فادي، لا يجيبون، ويكتفون بالبكاء.
وبعد دقائق معدودة علمت إيناس باستشهاد زوجها على يد مجهولين أثناء خروجه إلى المسجد المجاور لمنزله، في العاصمة الماليزية كوالالمبور برصاص مجهولين، كانوا يستقلون دراجة نارية، حيث استهدفوه بنحو 14 رصاصة، فارتقى شهيداً على الفور.
وتصادف اليوم الخميس الذكرى السنوية الرابعة لاغتيال العالم الفلسطيني، فادي محمد البطش (35 عامًا)، الذي استشهد في ماليزيا بتاريخ 21 أبريل 2018.
والبطش، من مواليد جباليا، شمال قطاع غزة، متزوج وله ثلاثة أطفال، وكان يقيم في ماليزيا منذ سنوات، وحصل على درجتي البكالوريوس والماجستير في الهندسة الكهربائية من الجامعة الإسلامية بغزة أواخر عام 2009.
واغتيل البطش صباح السبت 21/4/2018، بعدة رصاصات اخترقت رأسه وجسده، أثناء توجهه لصلاة الفجر، في العاصمة الماليزية كوالالمبور، فيما أشارت عائلته بأصابع الاتهام للموساد الإسرائيلي.
وخلال رحلته الأكاديمية، نشر الشهيد 18 بحثاً محكماً في مجلات عالمية ومؤتمرات دولية، وشارك في مؤتمر دولي في اليابان، كما شارك بأبحاث علمية محكمة في مؤتمرات دولية، عقدت في بريطانيا، فنلندا، أسبانيا، السعودية، علاوة على المشاركة في مؤتمرات محلية في ماليزيا.
وحصل الشهيد على العديد من الجوائز العلمية الرفيعة، ومنها جائزة منحه "خزانة" الماليزية عام 2016، التي تعد الأرفع من ناحية الجودة؛ وذلك مكافأة له على التميز العلمي والأكاديمي، وتحقيقه جملة من الإنجازات العلمية التي أهّلته للفوز، وكان أولَ عربيّ يتوج بها.
وقال البطش حينها في تعقيبه على هذه المنحة: "أردنا أن نوصل رسالة للعالم أن الفلسطينيّ مصرٌّ على إبداعه، ولا توقفه أي حدود".
وأشار إلى أن هذه المنحة "كانت مخصصة للطلبة الماليزيين فقط، قبل أن توافق الحكومة على إدراج الطلبة الفلسطينيين فيها، وكنت أول عربي وفلسطيني يفوز فيها".
وفي يناير الماضي، كشفت وزارة الداخلية والأمن الوطني في غزة عن إلقاء القبض على متورط في جريمة اغتيال المهندس البطش، لصالح جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي (موساد) في ماليزيا عام 2018.
وقال المتحدث باسم الوزارة إياد البزم، إنه من خلال التحقيقات الجارية لدى جهاز الأمن الداخلي "تشير اعترافات أحد الموقوفين بتورطه، وبتكليف من جهاز الموساد الإسرائيلي، بالمشاركة في اغتيال الشهيد البطش، ويجري استكمال التحقيقات في القضية".