هنا درب عائلة المؤقت، ثمانية دكاكين قديمة في سوق العطارين، تحارب بطريقتها منذ أربعمائة عام، وهذا هو الجيل السادس للعائلة التي توارثت تجارة العطارة جيلا بعد جيل.
على الأفف علب مكدسة لوصفات سحرية تعلموها الأبناء من الآباء نقلا من الأجداد، اللذين تعلموها بدورهم من كل أطباء العطارة والعلاج الشعبي من زوار القدس وسياحها، أو سافروا إليها فجاءت لتستقر في دكان عائلة المؤقت.
وكأن كل الجمال خرج من القدس ووزع على عواصم العالم العربي، وفي سوق العطارين تتكوم تلال من الألوان الزاهية أمام اسحاق المؤقت الذي ورث المهنة عن عائلته ووقف في متجر عائلة المؤقت العريق يديره كما أداره والده وجده، وأمامه كثير من البهارات الطيبة المذاق، والرائحة.
إسحاق المؤقت يوجه كل زائر إليه الآن، وهو خريج من قسم التسويق، ولكنه يقدم نصيحته من طب الأعشاب الذي تعلمه من والده وجده، وكأن العائلة ارتبطت وجدانيا بمهنة الطب العربي القديم بالعلم المتطور اليوم ويعرف فوائد كل عشبة وأَضرارها، ومدى تفاعلها مع الأدوية الأخرى.
بخمس لغات يكتب المؤقت على كل نوع من البهارات والعطارة أسماءها، وبعد عودة الناس إلى الطب البديل زاد الطلب على طب الأعشاب أكثر فزادت تجارة المؤقت ما شجعهم لإنشاء موقع الكتروني بعنوان" بحر الأعشاب "
لم يعد هناك من يبيع العطارة في سوق العطارين سوى عائلة المؤقت ورغم ذلك فقد ظل السوق يحمل اسمه المكتوب على مدخله حتى اليوم رغم تحول أصحاب المحلات إلى مهن أخرى غير العطارة خاصة بيع الملابس الجاهزة والقطنيات والستائر ، بسبب الاحتلال وتضيقاته، وبسبب افتتاح سوق يهودية بعد احتلال القدس على أنقاض حارة الشرف عام 67 وتدعم حكومة الاحتلال هذا السوق في مواسم جذب السياح إلى القدس.
ولقد غلب على اسم السوق سوق العطارة حيث كان يقصده أطباء كثر من مناطق الشام المجاورة لابتياع العطارة التي تساعدهم في التطبيب، ولكن في الحقيقة هناك مهن أخرى أو أسواق أخرى داخل سوق العطارين هناك مثلا محلات المبيضين، وهم عمال اشتهروا بتلميع أواني النحاس القديمة، كما في داخله سوق الصاغة والباشوات التي يرتداها أغنياء القدس وميسورو الحال من مواطنيها، ولكن ظلت عائلة المقدس هي العائلة الوحيدة التي تحمل اسم السوق وتمارس مهنتها منذ أربعمائة عام .