قائمة الموقع

فِلَسْطِينُ بَيْنَ عَبَّاسَيْنِ وَسِنْوَارٍ؟!

2022-05-07T12:17:00+03:00
طارق وليد النجار

نَشَطَتْ الْمُقَاوَمَةُ الْفِلَسْطِينِيةُ أَحْيَانًا وَخَفَتَتْ حِينًا آَخَرَ خِلَالَ عُمُرِهَا الَّذِي زَادَ عَنْ مِائَةِ عَامٍ، لَكِنَّهَا لَمْ تَمُتْ؛ فَنشَاطُ الْمُقَاوَمَةِ وَحَيَوِيِتِهَا يَسْتَنِدُ بِالْأَسَاسِ إِلَى عَامِلَيْنِ، أَوَلُهَا قُدْرَةُ إِسْرَائِيلَ عَلَى لَجْمِ الْمُقَاوَمَةِ الْفِلَسْطِينِيةِ عَبْرَ اسْتْرَاتِيجِياتٍ عَسْكَرِيَةٍ وَأَمْنِيَةٍ وَاقْتِصَادِيَةْ، وَالْعَامِلُ الْأَخُرُ قُدْرَةُ الشَّعْبِ الْفِلَسْطِينِيِ عَلَى فَرْزِ قِيَادَةٍ قَادِرَةٍ عَلَى التَّعَامُلِ مَعَ الْاسْتْرَاتِيجِياتِ " الْإِسْرَائِيلِيَةِ ". تَعْمُدُ دَائِمًا قُوَى الْاسْتِعْمَارِ إِلَى تَوْجِيهِ ضَرَبَاتٍ قَاتِلَةِ لِقُوَى الثَّوْرَةِ وَالْمُقَاوَمَة، وَقَتْلِهَا فِي مَهْدِهَا، وَقَتْلِ كُلِّ رُوحٍ مُحْتَمَلَةٍ لِلثَّوْرَةِ ، و" إِسْرَائِيلُ " لّيْسَتْ بِدَعًا فِي ذَلِكَ، فَفِي الْعَقْدَيْنِ الْأَخِيرِينِ، اسْتَطَاعَتْ إِسْرَائِيلُ تَفْرِقَةَ الشَّعْبِ الْفِلَسْطِينِيْ فِي دَاخِلِ فِلَسْطِينَ الْمُحْتَلَةِ، وَأَشْغْلَتْ كُلَّ فِرْقَةٍ بِنَفْسِهَا؛ فَالْعَرَبُ فِي مَنَاطِقِ 48، سَلَّطَتْ عَلَيْهُمُ التَّهْمِيشَ وَجَرَائِمَ الْقَتْلِ الْمُنَظَمَةِ، فَأَصْبَحَ هَمُّ الْفِلَسْطِينِيِ هُنَاكَ يَنْصَبُّ فِي الْحِفَاظِ عَلَى حَيَاتِهِ، وَتَحْسِينِ أَوْضَاعِهِ الْمَعِيشِيةِ، لَا السِّيَاسِيَةِ، وَهَذَا الَّذِي أَخْرَجَ لنَا ظَاهِرَةَ عَبَّاسْ مَنْصُورْ كَمُدَافِعٍ عَنْ حُقُوقِ الْعَرَبِ، وَوَجَدَ فِي تَثْبِيتِ أَرْكَانِ حُكُومَةٍ مُجْرِمَةٍ سَبِيلًا لِتَحْقِيقِ بَعْضِ الْهَوَامِشِ الْحَيَاتِيةِ لِصَالِحِ الْعَرَبِ. عُقْبَ وَفَاةِ أَبِي عَمَّارَ تَوَلَّى مَحْمُودُ عَبَّاس السُّلْطَةَ، وَمُنْذُ الْيَّومِ الْأَولِ وَالرَّجُلُ يُنَفِّذُ مَا يُؤْمِنُ بِهِ؛ بِأَنَّ الْمُقَاوَمَةَ الْمُسَلَّحَةَ لَمْ تَجْلِبْ لَنَا سِوَى الْقَتْلِ وَالدَّمَارِ؛ فَذَهَبَ مُهَادِنًا وَمُنَسِّقًا أَمْنِيّاً مَعَ الْاحْتِلَالِ، وَسَاهِرًا عَلَى أَمْنِهِ، وَسْطَ بَحْرٍ مِنْ الْمُسْتَوْطَنَاتِ يُغْرِقُ الضِّفَةَ الْغَرْبِيَةَ، وَلَا حَوْلَ لِلرَّجُلِ وَلَا قُوَةَ سِوَى شِكَايَةِ الْاحْتِلَالِ لِلْأُمَمِّ الْمُتَّحِدَةِ وَالْمُنِظَمَاتِ الدُّوَلِيةِ، فَاسْتِرَاتِيجِيةُ عَبَّاس الضِّفَةِ لَمْ تَخْتَلِفْ كَثِيرًا عَنْ َعَبَّاسِ الدَّاخِلِ، فَالرَّجُلَانِ سَلَكَا طَرِيقَ التَّعَامُلِ مَعَ الْمُحْتَلِ وَالْاسْتِجَابَةِ لِسِيَاسَاتِه، وَكَذَلِكَ الرَّجُلِيْنِ فَرَّقَا وَقَسَّمَا الْفِلَسْطِينِيِينَ فِي أَمَاكِنِ سِيْطَرَتِهِمَا، وَهَادَنَا الْمُحْتَلَ طَمَعًا فِي بَعْضِ التَّحْسِينَاتِ الْحَيَاتِيةِ، وَقَدْ أَضَاعَا فُرَصًا عَدِيدَةً لِإحْدَاثِ تَأْثِيرٍ كَبِيرٍ عَلَى اسْتِرَاتِيجِيةِ " إِسْرَائِيلَ " فِي طَرِيقِهَا نَحْوَ مَحْوِ الْحُقُوقِ السِّيَاسِيَةِ الْفِلَسْطِينِيةِ. جَثَمَ قِطَاعُ غَزَةَ تَحْتَ حِصَارٍ " إِسْرَائِيلَي " مُطْبِقٍ أَفْقَدَ الْمُقَاوَمَةَ فِيِهِ الْقُدْرَةَ عَلَى الْمُبَادَرِةِ وَإِحْدَاثِ التَّأَثِيرِ الْمَطْلُوبِ فِي مُجْرَيَاتِ الْأَحْدَاثِ الْفِلَسْطِينِيةِ وَخَاصَّةً خَارِجَ نِطَاقِ الْقِطَاعِ، فَفِي الْوَقْتِ الَّذِي انْشَغَلَتْ فِيهِ غَزَةُ بِمُعَانَاتِهَا الْاقْتِصَادِيَةِ وَالْإِنْسَانِيةِ، كَانَ غُولُ الْاسْتِيطَانِ يَبْتَلِعُ الضِّفَةَ وَاقْتِحَامَاتُ الْمُسْتَوْطِنِينَ لِلأَقْصَى وَبِنَاءُ الْمُسْتَوْطَنَاتِ فِي الْقُدْسِ لَا تَتَوَقَفُ، وَبَقِيَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، حَتَّى رَبَطَتْ الْمُقَاوَمَةُ فِي غَزَةَ مَصِيرَهَا بِمَصِيرِ الْأَقْصَى وَالْقُدْسِ ، وَهُوَ مَا عَبَّرَتْ عَنْهُ خِلَالَ مَعْرَكَةِ سَيْفِ الْقُدْسِ ، هَذِهِ الْمَعْرَكَةُ الَّتِي وَحَّدَتْ الشَّعْبَ الْفِلَسْطِينِيَ خَلْفَ الْمُقَاوَمَةِ ، فَفِي الْوَقْتِ الَّذِي يَسْعَى فِيهِ السِّنْوَارُ لِجَمْعِ شَتَاتِ هَذَا الشَّعْبِ وَتَوْجِيهِ بَوْصَلَتِهِ نَحْوَ الْوَحْدَةِ دِفَاعًا عَنْ الْقُدْسِ ؛ يسعى الْعَبَّاسَانِ (مَحْمُودُ وَمَنْصُورُ)، إِلَى الْحِفَاظِ عَلِى مُكْتَسَبَاتِهِمَا الْحَيَاتِيِّةِ ، فَالْأَوَلُ لَمْ يَنْسَحِبْ مِنْ الْحُكُومَةِ الْمُتَطَرِفَةِ لِيَهْدِمَهَا، وَالثَّانِي حَافَظَ عِلَى قَبْضَتِهِ الْأَمْنِيةِ وَتَنْسِيقِهِ الْأَمْنِي خِدْمَةً لِلْحُكُومَةِ نَفْسِهَا. أَعْتَقِدُ أَنَّ السِّنْوَارَ وَقِيَادِةَ الْمُقَاوَمَةِ؛ بَدَأوا بِرَفْعِ سَقْفِ آَمَالِ الشَّعْبِ الْفِلَسْطِينِيِ فِي الْوَحْدَةِ وَالتَّحْرِيِر شَيْئًا فَشَيْئًا؛ فَقَدْ أَفْشَلَتْ الْمُقَاوَمَةُ بِدِرْعِهَا وَصُمُودِ الْمُرَابِطِينَ فِي الْقُدْسِ عَمَلِيَاتِ ذَبْحِ الْقَراَبِينَ الصُّهْيُونِيةِ، وَكَذَلِكَ مَنَعَتْ رَفْعَ الْعَلَمِ (الْإِسْرَائِيلَي) فِي بَاحَات الْأَقْصَى، وَلَمْ تَسْمَحْ بِإِهَانِةِ الْمُرَابِطِينَ فِي الْأَقْصَى ، وَ أَعْتَقِدُ أَنَّ الْمُقَاوَمَةَ سَتُبْقِي السَّيْفَ عَلَى رِقَابِ الْمُحْتَلِ حَتَّى تَنْتَهِي عَمَلِيَاتُ الْاقْتِحَامِ تَمَامًا، وَلَا أَسْتَبْعِدُ أَنْ يَكَونَ لِلْمُقَاوَمَةِ كَلِمَتُهَا عِنْدَ كُلِّ عَمَلِيةِ بِنَاءٍ لِمُسْتَوْطَنَاتٍ جَدِيدَةٍ فِي الْقُدْسِ وَالضِّفَةِ؛ لَكِنْ هَذَا الْأَمْرُ لَيْسَ مُمَهَدًا أَمَامَ السِّنْوَارِ وَإِخْوَانِهِ فِي الْمُقَاوَمَةِ، فَأَمَامَهُ عَمَلِيَةُ عَضُّ أَصَابِعٍ؛ لَابُدَّ أّنْ تَفْرِضَ فِيهَا الْمُقَاوَمَةُ إِرَادَتَهَا بَعْدَ تَقْدِيمِ ثَمَنَ ذَلِكَ. أَخِيرًا، أَمَامَ السِّنْوَارِ وَالْمُقَاوَمَةِ فُرْصَةٌ لِتَوْحِيدِ الشَّعْبِ الْفِلَسْطِينِيِ خَلَفَ َالْمُقَاوَمَةِ، وَكَذَلِكَ تَحْقِيقُ مَكَاسِبَ سِيَاسِيَةً حَقِيقِيةً لِلشَّعْبِ الْفِلَسْطِينِيِ بَعِيدًا عَنْ الْمَكَاسِبِ الْحَيَاتِّيةِ الْتِي يَسْعَى خَلْفَهَا الْعَبَّاسَانِ.

اخبار ذات صلة