لهيب الصيف يخلق فرص عمل للغزيين

غزة/لميس الهمص

بوجه شاحب اكتسى بالسواد من دخان الحطب وجد الطالب حسن "12 عاما" في بيع الذرة المسلوقة مصدرا للدخل فبجانب أحد الأرصفة وضع وعاء الماء المغلي على مجموعة من بقايا الورق والأخشاب التي أشعلها ليسلق الذرة وبيعها على المارة.

ويستغل العديد من طلاب غزة الإجازة الصيفية لتكون مصدرا لتوفير لقمة عيشهم في ظل ظروف صعبة تعصف بسكان غزة المحاصرين .

***بيع الذرة

وتتعدد المهن التي يتخذها أولئك الطلبة ما بين بيع الذرة والبطيخ والتجوال بين المصطافين على شاطئ البحر إلى جانب تأجير الاستراحات وصناعة الطائرات الورقية في محاولة منهم للتغلب ولو بشكل بسيط على الفقر المدقع الذي تجاوزت نسبته الثمانين بالمائة .

حدثنا حسن صاحب الجسد النحيل وهو يحاول مسح العرق الذي تصبب من جبينه "بدأت في بيع الذرة مع بداية الأجازة الصيفية وأحاول تغير مكاني من يوم لأخر ففي عطل نهاية الأسبوع اتجه لشاطئ البحر لازدحامه بالمصطافين .

وعن المصاعب التي يواجهها حسن في مهنته يقول :" في المساء أحاول جمع بعض الأخشاب وبقايا الكارتون لأشعل بها النار، ومنذ الصباح الباكر أتوجه للسوق لشراء كميات من الذرة ثم أتوجه للمكان الذي اختاره لبيعها وغالبا ما أتوجه لشاطئ البحر حيث الزبائن الأكثر عددا.

حسن الذي يبلغ ربحه في اليوم 20 شيكلا يعتبر عمله شاق كونه يجلس تحت أشعه الشمس طوال النهار لكنه يتحمل ذلك في سبيل مساعده أهله في التخفيف من أعباء الحياة.

فبيع الذرة المسلوقة يمثل مهنة صيفية في فلسطين وهي الأكثر شعبية  حيث لا يكاد يخلو شارع أو منطقة في غزة من وجود بائع للذرة.

ويعتبر شاطئ البحر مكانا للعديد من المهن حيث يعتبر الملجئ الوحيد للغزيين في فصل الصيف فتأجير الاستراحات والمظلات على شاطئ البحر هي أحدى المهن الصيفية التي تجلب دخلا لأصحابها ،وتقوم على استئجار مساحة من شاطئ البحر من بلدية غزة يقام عليها استراحة للمصطافين وتقدم لهم الطلبات من عصائر ومشروبات ساخنة. وإلى جانبها يقام عدد من الخيام يتم تأجيرها للمصطافين.

ويذكر أبو أحمد صاحب احدى الاستراحات على شاطئ البحر أن مهنته تقتصر على فصل الصيف وليس لها موعد محدد فهناك عائلات تفضل الشاطئ أثناء النهار بينما تفضله عائلات أخرى ليلا فيستمر العمل في الاستراحة حتى الفجر .

وأوضح للرسالة أن الاستراحة تفتح مجال عمل لبعض الشبان الذين يساهمون في تقديم الطلبات للزبائن فيعمل لديه في أربعة شبان من طلبة الجامعة بالإضافة لولديه .

كما تعتبر مهنة "المركبجي" هي إحدى المهن على شاطئ البحر وتقوم على استئجار مركب بحري يعمل "بموتور" مقابل عائد مادي من المصطافين.  .

ويتحدث صاحب أحد المراكب للرسالة أنه يؤجر المركب للعائلة بثلاثين شيكل للجولة داخل البحر ويبدأ العمل بهذه المهنة من مايو وحتى أواخر سبتمبر، ويمتد يوم العامل بها من الثامنة صباحا حتى العاشرة ليل.

واشتكى من قله قطع غيار المراكب بسب بإغلاق المعابر كما تتهددهم بعض المخاطر بسبب إطلاق النار من قبل القوارب الإسرائيلية.

***في الجندي المجهول

أما الطالبان سامر ومحمد فقد تعودا منذ سنوات على إقامة "مقهى متحرك" في متنزه "الجندي المجهول" بغزة، وهو أمر غير مكلف بالنسبة لهما حيث يتطلب فقط أنبوبة غاز صغيرة وعدة جالونات مياه، وشاي وسكر، ومع اقتراب المساء يتجه الطالبان قرب جدار يقع خلف المتنزه ويعدان الشاي، ويقومان بالتجوال على المتواجدين في المتنزه عارضين عليهم خدماتهم.

مشروع المقهى المتحرك -بحسب الطالبين- مربح جدًّا، حيث يبيعان كوب الشاب بـنصف شيكل لكنهما يؤكدان على أن الأمر يحتاج فقط إلى جرأة منهما كي يتقدمان صوب الزبائن كي يعرضا خدماتهما، وهو ما اكتسباه مع مرور الأيام.

من جانبه أخذ ينادي ثائر "براد بوظة ياعطشان " فمع ساعات الفجر الأولى يقوم ثائر ووالدته بتحضير المثلجات والمرطبات ليقوم ببيعها في شوارع غزة حتى يطفئ عطش زبائنه.

ويقول ثائر: "وجدت في بيع البراد والبوظة مصدر للدخل لعائلاتي الكبيرة ووالدي المريض فأستغل الأجازة الصيفية بما يفيدني فصنع البراد في المنزل لا يكلفني الكثير"

أما الشقيقان بدر وأنس فقد اتخذا من هوايتهما المفضلة، وهي صنع الطائرات الورقية عملا مربحا خلال الصيف.

يقول أنس بحماس: "كل ما نحتاجه هو بضعة خيوط، وأوراق ملونة، وقوائم خشبية.. نصنع في اليوم الواحد ما يعادل عشر طائرات، وأعطيها للبقال بجوار منزلنا لبيعها".

 ويلتقط طرف الحديث شقيقه بدر: "تكلفنا الطائرة الواحدة 8 شواكل، ونقوم ببيعها بـ 15 شيكلا.

***بطالة وفقر

من جانبه قال وكيل وزير الشؤون الاجتماعية الفلسطينية صبحي أبو رضوان في تصريح له:" هناك 220 ألف عامل مسجلين عاطلين عن العمل بسبب الحصار والعدوان الإسرائيليين، ومنع المواد الأساسية من الدخول إلى القطاع وكذلك منع الصيادين الفلسطينيين الذين يبلغ عددهم أكثر من 4 آلاف من الصيد على شواطئ ومياه القطاع، ما أدى إلى ارتفاع نسبة الفقر في القطاع إلى 80 بالمائة والبطالة إلى 65 بالمائة.

وأضاف أبو رضوان: إن سياسة الحصار التي تفرضها دولة الاحتلال الإسرائيلي بدعم من الدول الأوروبية والولايات المتحدة على كل أبناء الشعب الفلسطيني، تسبب في تعطيل العديد من المشاريع الإنمائية في مجال البنية التحتية ومشاريع التشغيل، ما انعكس على شرائح الشعب الفلسطيني خاصة ذوي الاحتياجات الخاصة والفقراء الأمر الذي يعتبر منافيا لقوانين حقوق الإنسان التي تتبجح به الدول الغربية.

ودعا الدول العربية الى تقديم المساعدة المالية لتنفيذ مشروع للرعاية الاجتماعية بقيمة 100 دولار شهريا لكل عامل عاطل عن العمل على إن يشمل 50 إلف عامل من اجل دعم الشعب الفلسطيني الذي يدافع عن مقدسات الأمة الإسلامية والعربية.

واعتبر الوكيل أن العالم الظالم الذي يحاصر قطاع غزة إنما يحاصر الناس الفقراء المهمشين الأكثر تضررا من الحصار والعدوان، مشيرا إلى أن وزارة الشؤون الاجتماعية في قطاع غزة تعمل على تأهيل العاملين الفلسطينيين مهنيا وعمليا من اجل دمجهم في سوق العمل وإعالة أسرهم ومنع تسرب الأطفال من المدارس.

 

البث المباشر