قائمة الموقع

توقيعها الأخير قبل النكبة 74

2022-05-16T08:49:00+03:00
الاء هاشم

وقَّعت الإعلامية الراحلة شيرين أبو عاقلة، ابنة القدس المحتلة ، شهيدة الكلمة والصورة توقيعها الأخير على أرض فلسطين،  وتحديدًا في قلب مخيم جنين، وذلك أثناء تغطيتها الميدانية اقتحام قوات الاحتلال الصهيوني للمخيم في صباح الحادي عشر من مايو. 

بينما كانت تنقل الحقيقة بالصوت والصورة لاحقتها أعين القنّاصة الصهيونية حتى تمكَّنت من إطلاقِ رصاصةٍ قاتلة أصابتها في الرأس مباشرةً، قاصدةً بذلك استهدافها بشكلٍ متعمّد خاصةً وأنَّ عدسات الكاميرات قد رصدت ووثَّقت الجريمة البشعة على مرأى ومسمع العالم الذي شاهدها حين ارتقت تحتضنُ الأرض وقد روَّت بِدمائها ثرى الوطن المحتل، ولم تكتفِ قوات الاحتلال الصهيوني بتلك الجريمة بل أتبعتها بأخرى حينما اعتدت الشرطة "الإسرائيلية" على مُشيعي جثمان الشهيدة شيرين أبو عاقلة وأصابت عددًا منهم حسب ما أعلن الهلال الأحمر،  المشاركون في موكب التشييع انطلقوا بالمئات بل بالآلاف من المستشفى الفرنسي بمدينة القدس المحتلة في مشهدٍ وُصف بالمهيب والحاشد في أكبرِ جنازةٍ بالتاريخ الفلسطيني .

توقيعها الأخير المُخضَّب بالدم الذي نزف على أرض فلسطين المحتلة قبل أن تشهد يوم ٥/١٥ ذكرى النكبة ٧٤،  لا يزال يكسوه الألم و الوجع، ألمًا لِرحيلها وفقدانها،  ووجعًا لِخسارة القضية الفلسطينية إنسانة من أقدم وأقوى وأكفأ وأمهر الصحفيات المراسلات في فلسطين المحتلة، كيف لا وقد غطَّت أحداث فلسطين لمدة ربع قرن ويزيد إلى أن انتهت رحلتها مع قناة الجزيرة القطرية.
 
بِطول البلاد وعرضها وعلى امتداد خارطة فلسطين التاريخية والجغرافية والسياسية لم تترك حدثًا أو قضية أو خبر إلا وقامت بمتابعته كاملا. وكان من بين التغطيات الإعلامية البارزة تغطيتها قبل استشهادها بيومين ذكرى النكبة الفلسطينية الرابعة والسبعين، حيث أعدَّت تقريرها ولم تكن تعلم بأنَّه سيكون الأخير و الشاهد على مجازر الاحتلال طيلة تاريخ النكبة المستمرة والمتتالية بالجرائم المرتكبة بحقِّ الشعب الفلسطيني من قِبل الاحتلال الصهيوني.  

تلك الجرائم الصهيونية لم تكن آخرها جريمة اغتيال الإعلامية شيرين أبو عاقلة سيدة الأرض ، أيقونة الإعلام الفلسطيني، نجمة الصحافة، ابنة القدس، الشهيدة والشاهدة على جرائم المحتل والمشهود لها بِنقل رواية عدالة القضية الفلسطينية إلى العالم أجمع، بشهادتها قد دخلت التاريخ الفلسطيني الحديث من أوسع أبوابه حتى أضحت أيقونة فلسطين شهيدة الكلمة والصوت المليء بالشجن، وتواصلت الجرائم والانتهاكات والاعتداءات على الفلسطينيين بعدها 

صوتها حمل أوجاع أمهات الشهداء والأسرى والمعتقلين وحمل أنين الجرحى وحنين اللاجئين وحُلمهم في العودة إلى أراضيهم وديارهم التي هُجِّروا منها عام 1948 هذا بالإضافة إلى سردها حكايا المعذبين في أرض فلسطين كافة.
  
و نستذكر عند متابعة تقاريرها الإعلامية وتغطياتها الصحفية  للأحداث الفلسطينية في مختلف المدن وأبرزها القدس المحتلة والتي نقلت فيها معاناة المقدسيين  وصمودهم  خلال الفترات النضالية المختلفة وقد عايشت أحداثها وتفاصيلها عن قُرب خاصةً وأنّها من مدينة القدس، وُلدت فيها ونشأت بين حاراتها وأزقتها وأحيائها 

سيرتها التي طافت أرجاء العالم،  وتاريخ مسيرتها الإعلامية الوطنية يعود بنا إلى الذاكرة الفلسطينية حيث سجل الانتصارات، والتضحيات الجثام يلفها بريق الثورة المشتعلة و التي لم يهدأ  أزيز رصاصها بعد !!

يأبى القلم أن يتوقف عن الكتابة والتعبير عن مدى حزننا لرحيلها عن أرض فلسطين، وكيف له أن يتوقف وقد أحيت فينا معاني الثورة وروح التضحية وأعادت لفلسطين وقضيتها وهجها الذي انطفأ مع صعود ظلام التطبيع العربي الصهيوني
 
نكتب عنها وألم فقدها يسكننا، نكتب عنها بلغة الأسى والقهر نتيجة إفلات قاتلها من العقاب فالجنود الصهاينة القتلى يسرحوا، ويمرحوا، يواصلوا  ساديتهم و وحشيتهم جهارًا نهارًا، لا سيّما وسلسلة جرائم القتل العمد والاستهداف المُمنهج للصحفيين/ات والأطفال والشيوخ والنساء لم تتوقف، فلا حسيب ولا رقيب  لأفعالهم ولا رادع لهم سوى المقاومة الفلسطينية صاحبة الدفاع عن أرض فلسطين ومُقدَّساتها، وهي التي تُلقِّنهم الدرس جيدًا، أما القوانين الدولية والمواثيق والاتفاقيات والمعاهدات عندما تتعلق بحقوق الفلسطينيين ما عادت تُجدي نفعًا أو تُرجع حقًّا أو تُلزم كيانهم الغاصب بمنع الاعتداء على أصحاب الحقِّ الفلسطيني المُقدَّس؛ وذلك لأن العالم الظالم المجرم مُنحاز إلى الجلاد الصهيوني على حساب الضحية ...

اخبار ذات صلة