يتطلب الحفاظ على علاقات ودية بين الإخوة التخفيف من حدة الصراعات الناشئة في مرحلة الطفولة، ذلك أنه بمجرد البلوغ، يعلم المرء أن زمن التظاهر بالحزن من أجل الحصول على هدية قيمة وعلى نصيب أكبر من الاهتمام قد ولى، وهو ما علقت عليه الأخصائية النفسية دانا كاسترو بقولها "حتى عند البلوغ، يظل البعض يشعر بأن إخوتهم يحصلون على امتيازات مقارنة بهم وأن مكانتهم تختلف عنهم، الأمر الذي يولد في نفوسهم إحساسًا بغياب العدل".
إلى جانب ذلك، قد يؤدي تمييز الأجداد بين الأحفاد إلى إحياء مسألة التنافس بين الأشقاء، ذلك أن توبيخ الطفل لأخيه باستخدام العبارات التي تفوه بها أحد الآباء/الأجداد من العوامل التي قد تنمي العداء القائم بين الأشقاء.
قصة واقعية من بريطانيا
وفي تقريرها الذي نشرته صحيفة "لوفيغارو" (lefigaro) الفرنسية نقلت الكاتبة كريستين لاميابل ما جاء على لسان الممثلة البريطانية جوان فونتين أثناء حديثها عن العلاقة التي تجمعها مع أختها الكبرى أوليفيا دي هافيلاند، حيث قالت "تزوجت وحصلت على جائزة الأوسكار قبلها، وإذا توفيت سأتوفى قبلها وستفقد هي بريقها. إلى ذلك الحين أكون قد تفوقت عليها".
وعليه، أثارت وفاة فونتين عن عمر يناهز 96 عاما، وقبل 7 سنوات من وفاة دي هافيلاند، غضب الأخيرة، فبسبب الخلافات القائمة بينهما، لم تجتمع الأختان لمدة 40 عامًا.
التوازن بين الأكبر والأصغر
وتنقل الكاتبة عن الأخصائية الأسرية ومؤلفة كتاب "الخيانات الضرورية" نيكول بريور، قولها "تتشكل الرابطة الأخوية في مرحلة الطفولة وسط شعور بالخسارة عند الأكبر سنًّا وشعور بالنقص عند الأصغر، الظرف الذي يولد رابطًا متناقضًا يقوم على المنافسة والتواطؤ. في المقابل، من أجل الحفاظ على علاقة قائمة على المحبة بين الإخوة ينبغي الحرص على نوع من التوازن بين الأكبر والأصغر سنًّا".
وترى الكاتبة أن القضاء على العداوات القائمة بين الأشقاء يتطلب عدم التأثر بمواقف الآباء، وتعليقًا على ذلك تقول بريور "ينبغي على الأطفال محاولة قبول أوجه الضعف عند الآباء وعدم توقع الحصول على ما لا يستطيع الآباء تقديمه. كما ينبغي إدراك أن وضعية الطفل الأكبر والمفضل ليست من الأمور السهلة".
وتشير كاسترو إلى ضرورة التحدث مع الإخوة والأخوات عن المشاعر التي تنمو في نفس الشخص مرحلة الطفولة دون توجيه اللوم، متابعة "من حيث المبدأ، لا يستطيع أحد إنكار ما شعرت به. لذلك من الأفضل توضيح معاناتك بدلًا من تحميل أحد الأشقاء مسؤولية ما تشعر به. مع العلم، أن خوض نقاشات من هذا النوع يساعد على توطيد العلاقات الأخوية".
أهمية مشاركة الذكريات
وبحسب الكاتبة، تعقب بريور على ذلك بقولها "بفضل مشاركة الذكريات يستطيع الإخوة والأخوات فتح صفحة جديدة في العلاقات والقطع مع وجهات النظر المسبقة تجاه بعضهم البعض".
وبخصوص قدرة وجود حياة مختلفة على منع نشوب عداوات بين الأشقاء، توضح بريول "يمكن أن تجمعنا قيم أو مهن مشتركة. كما أن إدراك الأمور التي تجمعنا يساعدنا على قبول الاختلافات".
وتضيف "مع تقدم الآباء في السن، يميل بعض الإخوة والأخوات إلى مساعدتهم عن طريق الاستماع إلى شكواهم والقيام ببعض المهام بدلا منهم. في المقابل، يؤدي جهل الأطفال سبب اختيار القيام بهذه المهام، وعدم التغلب على العداوات بشكل مسبق إلى تصعيد الخلافات".
علاقة ودية بين الإخوة
وأثبتت دراسة أجرتها أستاذة علم النفس الأميركية هايدي ريجيو عام 2000، شملت 711 مشاركا، أنه كلما كانت العلاقة بين الأخوة أكثر ودية، زاد الاستقرار العاطفي والتكيف النفسي عند الأشخاص.
في نهاية التقرير أشارت كاسترو إلى ضرورة قبول حتمية العلاقات بين الأشقاء التي تتخللها مشاكل في بعض الأحيان، حيث يتطلب التغلب عليها تغيير السلوك مع مراعاة الجانب النفسي.