لن تجد مثالًا أوضح لانحياز الجمهور الفلسطيني لبرنامج المقاومة من حصول حماس والجبهة الشعبية على 33 مقعدا في مجلس طلبة جامعة بيرزيت، فيما بالكاد تمكن ذراع فتح من الجلوس على 18 مقعدًا فقط، في حين لم تجد الجبهة الديمقراطية وحزب الشعب مكانًا لها في مجلس قوامه 51 مقعدًا.
ولطالما عبرت انتخابات جامعة بيرزيت عن توجهات الشارع الفلسطيني، نظرًا إلى الموقع التي تشغله بالجامعة في تحريك البوصلة نحو الاحتلال، ووضع سلطة فتح ثقلها الأمني والسياسي في سبيل نجاح كتلتها الطلابية، في مقابل تضييق (إسرائيلي) فتحاوي على حماس وكتلتها.
ورغم كل محاولات فتح باستخدام أوراقها ومساعدة الاحتلال الواضحة لها، باعتقال ممثلي الكتلة بعد المناظرة التي هزمت فيها فتح على البث المباشر، حين تكلم مناظر الكتلة بلسان الشارع الفلسطيني بأكمله، إلا أنها في نهاية المطاف لم تحز على التعادل أو الهزيمة العادية، بل مدوية بشهادة الجميع.
وما كان لفتح أن تنتظر فوزًا في ظل ارتفاع مناسيب النشاط الوطني المقاوم في الضفة وغزة والقدس خلال الأشهر الماضية، في مقابل سعي دؤوب من سلطة فتح لردم النشاط، بكل الوسائل الممكنة، فكان خيار الطلاب كما الشعب برنامج المقاومة، وتهميش برنامج التنسيق الأمني والتسوية، وما يلحق في فلكها من أحزاب.
وفي التعقيب على ذلك، قال خليل عساف رئيس تجمع الشخصيات المستقلة بالضفة الغربية إن النتيجة التي أظهرتها ليست الحقيقية بشكل كامل، فبقية الطلاب الذين لم ينتخبوا، هم في غالبيتهم مؤيدون لنهج المقاومة ورافضين للتسوية مع الاحتلال، وبالتالي فإن مؤيدو برنامج المقاومة هم السواد الأعظم في الجامعة، عدد المقاعد يفوق الـ 33 في حال تم انتخب الجميع.
وأضاف عساف في اتصال هاتفي مع "الرسالة نت" أن الجميع حذر من إهانة أصحاب الفكر في الضفة، والاعتماد على القبضة الأمنية في ملاحقة المعارضة والرافضين لمنهج التسوية، ما زاد من جمهور الداعمين لبرنامج المقاومة ورافضي برنامج التنسيق الأمني.
وأوضح أن النتيجة التي بين أيدينا فيها رسائل شديدة اللهجة للاحتلال والسلطة، بأن كل الإجراءات لملاحقة الأحرار في الضفة، لا يمكن أن توجد حاجزا بين أصحاب البرنامج والمؤيدين له، أو أن يلغي وجود فصائل فلسطينية كبيرة بحجم حماس والجبهة الشعبية.
وبيّن أن نتائج الانتخابات أظهرت أن الفصائل الفلسطينية التي تعطي الشرعية السياسية لعباس ليست موجودة وليس لها رصيد على أرض الواقع، قائلا: "احترموا أنفسكم وقفوا موقف واحد من أجل شعبكم ولو مرة واحدة كي يحترم وجودكم عند صندوق الانتخابات".
وأشار إلى أن النتائج تستدعي من الفصائل القوية الممثلة للساحة أن تلملم شتات الشعب الفلسطيني تحت شرعية سياسية جامعة، تدعم المقاومة وليس التسوية، وهذه تمثل رغبة غالبية أفراد الجمهور الفلسطيني.
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل إن الانتخابات جرت بشكل نزيه وهادئ، والنتائج مدهشة للغاية، بمعنى الفارق بين كتلة حماس وفتح كبير في هذه المرة، وهذا يقدم مؤشر سياسي وتنظيمي
وأضاف عوكل في اتصال هاتفي مع "الرسالة نت" أن ما جرى يمثل تقييما من الطلبة على الأداء السياسي الفلسطيني سواء برنامج المقاومة أو السلطة، خصوصا أنه يأتي في ظل التصعيد الاسرائيلي الكبير في الضفة والقدس.
وأوضح أن الكتل التي لم تفز حصلت على مؤشر يفترض أن تستفيد منه والبحث في أسباب عدم نجاحها ولو بمقعد واحد، وعليها أن تراجع سياساتها وعلاقاتها مع جمهورها وإلا فإنها ستظل بلا أرقام في الساحة الفلسطينية.
وبيّن أن فوز الجبهة الشعبية يشير إلى استقرار وضعها الشعبي، وهذا انعكس على الانتخابات بشكل مباشر، برغم الهجمة (الإسرائيلية) المتواصلة ضد كوادرها، وهذا مؤشر إيجابي لصالح الجبهة.