الشهيد معتصم عطا الله الزير - 17 عاماً، الشهيد ثائر اليازوري - 18 عاماً، الشهيد أمجد الفايد - ١٧ عاماً، الشهيد غيث يامين - 16 عاماً، محمد رزق شحادة – 14 عاماً، الشهيد زيد غنيم - 16 عاماً. ستة شهداء في أٌقل من شهر، زيد آخرهم، جميعهم من قرية أم ركبة جنوب بيت لحم.
"في الطريق إلى منزل الجد، حيث موعد يوم الجمعة المقدس في كل بيت، زيارة الجدين، واللعب مع الأولاد، وإخفاء المصروف في قعر الجيب حتى نلهو ما استطعنا ونتناول الحلوى مع أبناء العم، ورفاق الطريق".
كانت هذه خطة زيد كما كل أقرانه في هذا العمر، ولكن زيد باغتته رصاصة في طريقه، وجيش الاحتلال ادعى أن الأطفال يرمون سيارته بالحجارة، وهذا سبب كاف من وجهة نظر القاتل حتى يعطي نفسه حق قتل ستة أطفال في شهر واحد.
حمله الرفاق وهتفوا كما المعتاد، وكأن الحزن أصبح عادة تغلف بيوت الضفة والقدس على أطفال خرجوا ولم يعطهم الاحتلال حق العودة. تمدد أمام والده الذي لم يكن يصدق ما حدث: "قال لي أريد الذهاب إلى بيت جدي، فقلت له اذهب".
اعتيادية الذهاب والعودة، واللعب في الحارات في الأمكنة الآمنة التي لا لصوص فيها، تحولت إلى ساحة رعب للأطفال، حالة لم يصدق الأب أنها وصلت إلى روح ابنه الصغير، حيث لا بد لكل موتة من سبب، فلماذا يموت زيد بغير سبب؟
الشهيد طالب في مدرسة الشهيد سعيد العاص في بلدة الخضر وهو الشهيد الثالث من نفس المدرسة منذ بداية العام، وهو الابن الأصغر لوالديه والمدلل بين إخوته، وقد كان من المفترض أن تحتفل العائلة بزواج شقيقته الكبرى هذا الشهر.
الأفراح تأجلت في بيت غنيم، فالصغير المدلل حُرم الحق بالفرح والحياة، ويقول والده: "خلال ضرب الرصاص، اختبأ زيد في بيت إحدى العائلات هناك، ولم يكن قد أصيب، ولكن الجنود أخرجوه وأعدموه بشكل متعمد بست رصاص اخترقت جسده، ومنعوا أي من المارة أو سكان البيت الذي لجأ إليه من إسعافه".
نزف زيد حتى الساعة السادسة مساء، وحينما وصلت سيارة الإسعاف تحت وابل الرصاص، كانت دماؤه قد نفذت واستُشهد، بعد أن فشلت كل محاولات الإنعاش.
يتحدث شهود عيان عن كمين نصبه جنود الاحتلال لطفل، وهو مختبئ في أحد البيوت خوفا، وانتظروا حتى خرج ليقتلوه بثلاث رصاصات ولكي يتأكدوا من الموت، أكملوا عليه بثلاث أخريات، بطريقة هي الأبشع.
زياد حموري، مدير مركز القدس للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، في القدس، عبر في مقابلة مع الرسالة عن قلقه من ازدياد جرائم قتل الأطفال: "أي جندي احتلالي الآن يمكنه تصفية أي طفل مار في الطريق، فبالأمس لم يكن هناك أي حدث يستدعي إطلاق نار، كان هناك طفل ذاهب إلى بيت جده، وقتله الجنود متعمدين".
هذه السياسة تعبر عن جبروت المختل وتماديه في القتل وكأن في تعليماتهم هناك أوامر واضحة بالتصفية المتعمدة للأطفال، يقول حموري.
ويضيف: "نلاحظ أن هناك تعليمات بين فترة وأخرى، فسابقاً لاحظنا أن الإصابات كلها بالعين، حتى فقد كثيرون أعينهم، ومن بداية العام كما نلاحظ أن الإصابات كلها قاتلة وبرصاص متفجر واستهداف متعمد للأطفال والمدنيين، وحتى تصفية شيرين أبو عاقلة كانت على ذات النهج، وهذا تكرر مع الطفل زيد".
يختم الحموري بالقول: إن كل تلك القصص، التي سبقت وما سيأتي لاحقاً، تصفية أطفال يمرون بالشوارع، وتهديدات للأهل في الداخل والقدس إذا شاركوا بأي فعاليات مقاومة، كل ذلك يعكس الرعب الذي يسكن الاحتلال حكومة وجيشاً ومستوطنين.