سارعت دول التطبيع إلى استقبال وفود (إسرائيلية) وعقد اتفاقيات تجارية مع الاحتلال، في استفزاز جديد تمارسه تلك الدول "العربية" بحق الفلسطينيين.
وفي التفاصيل، قال سفير دولة الاحتلال لدى الإمارات أمير حايك، إنّ (إسرائيل) والإمارات وقعتا اتفاقية للتجارة الحرة، اليوم الثلاثاء، وكتب حايك على "تويتر": "تم"، بعد تغريدة أخرى نشرها في وقت سابق قال فيها: "الإمارات (وإسرائيل) ستوقعان اتفاقية التجارة الحرة في الساعة المقبلة".
وكانت الإمارات العربية المتحدة ودولة الاحتلال قد أشهرتا تطبيع العلاقات رسمياً في عام 2020 ضمن ما تسمى "اتفاقيات أبراهام" التي توسطت فيها الولايات المتحدة والتي شملت أيضاً البحرين والمغرب. وهذا أول اتفاق تجاري بين (إسرائيل) ودولة عربية.
وقالت وزارة الاقتصاد (الإسرائيلية)، أمس الإثنين، إنّ "الاتفاقية تهدف إلى تعزيز التجارة بين الجانبين، حيث سيتم إلغاء الرسوم الجمركية على 96% من المنتجات، بما في ذلك المنتجات الغذائية والزراعية ومستحضرات التجميل والمعدات الطبية والأدوية، وتشمل الاتفاقية أيضاً اللوائح التنظيمية والجمارك والخدمات والمشتريات الحكومية".
وكان وزير الدولة للتجارة الخارجية الإماراتي ثاني بن أحمد الزيودي، قد قال، في إبريل/نيسان الماضي، إنّ الصفقة الجديدة "تمهّد الطريق لمجتمعات الأعمال لدينا لبدء حقبة جديدة من التعاون في القطاعات ذات الأولوية، مثل التكنولوجيا الزراعية والتكنولوجيا الطبية وحلول الطاقة الجديدة والتكنولوجيا المتقدمة".
وفي سياق متصل، أفاد موقع والا العبري أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن تحدث عبر الهاتف أمس الإثنين مع وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان حول إمكانية التقدم في مسار التطبيع بين (إسرائيل) والسعودية.
وأضاف الموقع أن الاتصال بين الاثنين جاء على خلفية الاستعدادات لزيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للسعودية والوساطة الأمريكية بين السعودية (وإسرائيل) للوصول إلى مرحلة العلاقات العلنية.
وأوضح الموقع أن الأمريكيين يحاولون التوصل إلى تفاهمات بين السعودية و(إسرائيل) ومصر حول قضية جزيرتي تيران وصنافير، حيث أن نقل السيادة من مصر للسعودية على الجزيرتين يحتاج موافقة إسرائيلية بموجب اتفاقات سابقة.
وفي السياق كشف الصحفي الإسرائيلي يتاي بلومنتال الذي يعمل في قناة كان العبرية أنه من المتوقع أن يقلع رجال أعمال إسرائيليون-أمريكيون ظهرًا لعقد اجتماعات في الرياض، عاصمة السعودية، على متن طائرة N718JJ مباشرة من مطار بن غوريون.
من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي سامر عنبتاوي إن الأنظمة العربية المطبعة، رأت انتصارا مزعوما للاحتلال في الجولة الأخيرة من المواجهات في القدس، فسارعت إلى تجديد عقود التطبيع مرة أخرى.
وأضاف عنبتاوي في حديث لـ"الرسالة نت" أن تطبيع الأنظمة مع الاحتلال (الإسرائيلي) مستمر، دون انقطاع، في ظل أنها ترى بقاءها مرتبطا باستمرار علاقتها بالاحتلال، ولا تؤثر فيها انتهاكات الاحتلال وجرائمه بحق الشعب الفلسطيني.
وأوضح أن عمليات التطبيع كانت على الدوام حاضرة، لكن تتراجع إعلاميًا، في حال توتر الأوضاع في الساحة الفلسطينية، إلا أنها حاليا باتت تظهر واضحةً بغض النظر عن الفعل (الإسرائيلي)، وهذا ما نشهده في هذه الأيام بعد الاعتداءات في القدس، من زيارات واتفاقيات بين الاحتلال والدول المطبعة.
ويبّن أن المفارقة تتمثل في أن الكثير من دول العالم وشعوبه باتوا يرون بشكل واضح أن (إسرائيل) دولة مارقة تخترق القانون الدولي وتعتدي على حقوق الإنسان وتستوطن وتفعل كل الأفعال المشينة، وبدأنا نلحظ إدانة متنامية في العالم، إلا أن الأنظمة العربية ما زالت تغرق في مستنقع التطبيع.
وأشار إلى أنه بدلا من أن نرى إدانة عربية واسعة للاعتداءات في الأقصى أخيرًا، وجدنا عواصم عربية تفتح الأبواب للمحتلين، وهذا يشير إلى أن الأنظمة العربية بعيدة عن الواقع وعن انتماءات شعوبها.
وأكد أن الشعوب ستلفظ كل التوجهات التطبيعية مع الاحتلال سواء كانت سياسية أو اقتصادية، في ظل التراجع الواضح في وضع الاحتلال نتيجة فضح جرائمها في العالم، وعدم قدرة الاحتلال على تحديد مصدر المقاومة في ظل تحرك كل الساحات الفلسطينية، وكذلك تراجع الموقف الأمريكي في المنطقة والعالم.
من جهته، قال الدكتور ناجي الظاظا إن مشاهد التطبيع الجديدة التي تأتي بعد أيام قليلة من الاعتداء على المقدسات والمقدسيين، وانتهاك حقوق الإنسان، والحق الإسلامي والفلسطيني، تعطي دعمًا لإرهاب الاحتلال واعتداءاته.
وأضاف الظاظا في اتصال هاتفي مع "الرسالة" أنه من غير المستساغ أن نرى أي حالة تطبيع سواء كانت سياسية او اقتصادية او رياضية مع الاحتلال الذي ما انفك يمارس عدوانه على الفلسطينيين، فما الذي ستجنيه الأنظمة العربية من وراء هذا التطبيع في ظل إدراك الشعوب العبرية والإسلامية لعدوانية الاحتلال وإرهابه.
وأوضح أن من يطبع مع الاحتلال يغطي على جرائمه ويبيض الصفحة السوداء للاحتلال، والتطبيع من شأنه أن يغلف الإجراءات ضد المقدسات الإسلامية، وفي ذلك تجاهل للحقوق الإسلامية والعربية بالقدس، وبالتأكيد يدعم الاحتلال في الوقت الذي بات يرى فيه الجميع سوءة الاحتلال.