بحة مزمنة في الصوت أو سعال مزمن أو ضيق في التنفس، أعراض قد يظن المرء للوهلة الأولى أنها تعود إلى الإصابة بأمراض في الجهاز التنفسي. لكنها قد تكون من أعراض الإصابة بحرقة المعدة أو الارتجاع المريئي.
وتوجد في نهاية المريء العضلة العاصرة السفلى، التي تفتح وتغلق عندما يمر الأكل وتساهم في عودة مرور المحتويات الحمضية من المعدة إلى المريء. وعندما لا تؤدي هذه العضلة وظيفتها كما ينبغي، تظهر أعراض الارتجاع المريئي والحرقة في المعدة.
وعندها تبقى فوهة المعدة مفتوحة قليلا، وهكذا تتسرب العصارة الهضمية إلى المريء وتأخذ الغازات طريقها إلى الأعلى ومن ثم تتسرب العصارة إلى القصبة الهوائية ومنها إلى الرئتين، وعندما يصعد الهواء الممزوج بالعصارة الهضمية إلى منطقة الحلق تبدأ نوبة السعال. ويمكن للارتجاع المريئي إذا لم يعالج وأهمل على مر سنوات طويلة أن يتسبب في الإصابة بالأورام.
وينصح الدكتور مهدي القادري -أخصائي الجراحة العامة وجراحة الأوعية الدموية وجراحة الصدر والرئة والجراحات القلبية- بعدم إهمال أعراض حرقة المعدة، على أن يقوم المرء بتفادي الأكل في أوقات متأخرة من الليل مع تنظيم أوقات وجبات الطعام وتجنب المقالي والقهوة والعصائر والتدخين، فهذه كلها عوامل تساهم في إفراز المعدة كميات كبيرة من الأحماض.
وإذا تفاقم الأمر فيمكن اللجوء إلى العمل الجراحي حيث يؤدي الارتجاع المريئي المزمن إلى التهاب المريء ويمكن أن تكون هذه الالتهابات حادة لتصل إلى حدّ التقيّح، وقد تؤدي إلى السرطان لدى بعض المصابين بالحرقة.
جراحة
والعملية الجراحية التي قد يلجأ إليها بعض المرضى يتم فيها تركيب صمّام عضلة المعدة، حيث يوضع قطبان كهربائيان في العضلة عند مدخل المعدة، فيبعث الصمّام أسفل البطن إشارات إلى صمام غلق المعدة فيتقلص ويتقلص معه مدخل المعدة. وهذه العملية تصلح لمن لا يعانون من فتق في الحجاب الحاجز أو فتق بسيط جدا.
إلا أنه وبالرغم من ذلك فإن هذا النوع من العمليات ما زال محل خلاف بين الأطباء، فهناك من يشكك في نجاحها حيث إنها لا تزال حديثة العهد. والجهاز الذي يستخدم فيها يستخدم كذلك لمعالجة أمراض أخرى مما قد يؤدي إلى مضاعفات وآلام موضعية في البطن. ويؤكد القادري، أن هذا النوع من العمليات ما زال جديدا ولا توجد دراسات كافية بشأن نتائجه.
وبعض الأشخاص الذين يعانون من الارتجاع المريئي قد يتطور الأمر عندهم إلى أن تتزحزح المعدة لديهم إلى الأعلى، وهنا يمكن أيضا اللجوء إلى الجراحة لإعادة المعدة إلى وضعها الطبيعي تحت منطقة الحجاب الحاجز مع تشكيل طوق من أنسجة المعدة لوضعه في المريء بغرض تقوية عضلة الإغلاق التي تضيق المعدة، للحيلولة دون خروج السوائل الحمضية.
وهناك أيضا إمكانية ربط المعدة بوضع شريط مغناطيسي حول مدخل المعدة من الخارج، ليحول دون صعود الحموضة إلى الأعلى. وهذه الطريقة التي قد يلجأ إليها مرضى الارتجاع المريئي تتم بلا تدخل جراحي بل عبر المغناطيس، إلا أنها لا تعد علاجا طويل الأمد.
بالطبع كل هذه الطرق لمعالجة الارتجاع المرئي يمكن اللجوء إليها في حالة عدم تمكن أدوية مضادات الحموضة من القضاء على هذه الأعراض.