وسط إضراب للقضاة ومواجهات بين الشرطة ومحتجين في العاصمة تونس، أعلنت الهيئة الاستشارية أنها لن تشرك "المفسدين" في جلسات الحوار الوطني، في وقت تسعى فيه جبهة الخلاص الوطني لتعيين حكومة إنقاذ.
ودعت للوقفة أمس السبت 5 أحزاب، وهي الحزب الجمهوري، والتيار الديمقراطي، والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، والعمال، والقطب. وذلك ضمن حملة أطلقتها لإسقاط الاستفتاء على دستور جديد، الذي شكل الرئيس قيس سعيد لجنة لكتابة مسودته، ودعا للاستفتاء عليه في يوليو/تموز المقبل.
واعترضت الشرطة المحتجين ومنعتهم من الوصول إلى مقر الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي غير سعيد طريقة اختيار أعضائها وعين رئيسها بنفسه، وهو إجراء يرى المتظاهرون أن هدفه بسط سيطرة سعيد على المؤسسة.
ورفع المحتجون خلال الوقفة شعارات مثل "العصابة هي هي، لا تراجع على القضية"، و"لا خوف، لا رعب، السلطة ملك الشعب"، و"حريات حريات، دولة البوليس وفات (انتهت)".
وقال أمين عام حزب العمال حمة الهمامي، في كلمة خلال الوقفة، إننا نحتج أمام هيئة الرئيس باعتبارها هيئة تزوير، لأننا نرى أن هدفها الوحيد تزوير الاستفتاء وما يتبعه من انتخابات.
وأكد الهمامي أن المسار الذي يتبعه سعيد هدفه تدمير كل المؤسسات والحريات وتنصيب نفسه مستبدا جديدا لتونس.
من جهتها، قالت مبادرة مواطنون ضد الانقلاب إن -من سمته- "الحشد الشعبوي الانقلابي" هاجم بتواطؤ من الأمن اجتماعا شعبيا لجبهة الخلاص الوطني المعارضة للرئيس.
وأضافت أن تعطيل الاجتماع السياسي لجبهة الخلاص الوطني "سلوك بلطجي وفوضوي، وأن ممارسة العنف الفوضوي دليل واضح على المأزق الذي تعيشه سلطة الأمر الواقع".
حكومة إنقاذ
من جانبه، قال رئيس جبهة الخلاص الوطني في تونس أحمد نجيب الشابي إن الجبهة ستعقد مؤتمرا وطنيا لتعيين حكومة إنقاذ.
ووصف الشابي -خلال اجتماع عام عقدته الجبهة في مدينة توزر التونسية- إنشاء حكومة الإنقاذ المزمع تشكيلها بأنها مهمة عاجلة لا تحتمل الانتظار، لإنقاذ تونس من الذهاب إلى الهاوية، وفق تعبيره.
وتعاني تونس، منذ 25 يوليو/تموز الماضي، أزمة سياسية حادة، إذ فرض سعيد آنذاك إجراءات استثنائية، منها تجميد اختصاصات البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم، وإقالة الحكومة وتعيين أخرى.
وترفض عدة قوى سياسية ومدنية في تونس هذه الإجراءات، وتعدها "انقلابا على الدستور"، في حين تؤيدها قوى أخرى ترى فيها "تصحيحا لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بالرئيس آنذاك زين العابدين بن علي.
إضراب القضاء
وفي السياق، قررت جمعية القضاة التونسيين الإضراب في كل المؤسسات القضائية بداية من غد الاثنين لمدة أسبوع قابل للتجديد.
وخلال اجتماع عقده المجلس الوطني الطارئ للجمعية، صوت أغلب الحاضرين بالموافقة على مبدأ الدخول في إضراب بداية من غد الاثنين في كافة المرافق القضائية لأسبوع قابل للتجديد.
كما قررت الجمعية، حسب وكالة الأنباء الرسمية، الدخول في اعتصامات مفتوحة في كل مقرات الهياكل النقابية القضائية، وعدم الترشح للمناصب القضائية لتعويض المعزولين، إلى جانب عدم الترشح للمناصب في الهيئات الفرعية التابعة لهيئة الانتخابات.
وشارك في اتخاذ قرار الإضراب كل الهياكل النقابية القضائية من نقابة وجمعية وقضاة شبان وقضاة إداريين، علما بأن قرار الإضراب استثنى الأذون بالدفن وقضايا الإرهاب الشديدة.
وكانت الجمعية عقدت اجتماعا طارئا لمناقشة قرار الرئيس قيس سعيد عزل 57 قاضيا وتحديد خطوات الرد عليه.
وقال رئيس الجمعية أنس الحمادي إن من يظن أنه قادر على الاستئثار بالسلطة التنفيذية والقضائية وإهانة القضاة واهمٌ، وإنهم لن يتركوا المجال للسلطة التنفيذية لتلعب على الانشقاقات الداخلية.
من جهتها، دعت الهيئة الوطنية للدفاع عن الحريات والديمقراطية بتونس المحامين وموظفي المحاكم إلى إنجاح إضراب القضاة. وقالت إنها تساند القضاة في معركتهم المفصلية من أجل الاستقلال.
إقصاء "المفسدين"
في المقابل، قال رئيس الهيئة الاستشارية من أجل جمهورية جديدة بتونس، الصادق بلعيد، إنه لن يشرك من "أفسد البلاد" في الحوار الوطني الذي انطلقت أولى جلساته صباح أمس السبت.
وأضاف في تصريحات لعدد من وسائل الإعلام المحلية والدولية -عقب انتهاء أولى جلسات الحوار الوطني في قصر الضيافة بالعاصمة تونس- أن 42 شخصية حضرت الجلسة الافتتاحية للحوار التي أشرفت عليها الهيئة، لافتا إلى أن الكثير منهم تعرضوا إلى ضغوطات بقصد ثنيهم عن الحضور من طرف من سماهم "مدعي العلم في الفقه والسياسة".
ولفت إلى أنه تقرر إشراك من يتسم بنظافة اليد ومن يسعى إلى خدمة مصلحة تونس، من دون تسمية أحد.
وصباح أمس السبت، انطلقت في تونس أولى جلسات الحوار الوطني الذي دعا إليه سعيد تمهيدا لتنظيم استفتاء على دستور جديد في 25 يوليو/تموز المقبل، بهدف الخروج من الأزمة السياسية في البلاد.
وشارك في جلسة الحوار الأولى ممثلون عن الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، والاتحاد الوطني للمرأة، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان (غير حكومية)، وعدد من الشخصيات التونسية.
في حين أعلنت عدة أطراف وطنية وسياسية مقاطعتها هذه الاجتماعات، بينها الاتحاد العام التونسي للشغل، وأحزاب آفاق تونس، والمسار، والوطنيين الديمقراطيين الموحد.
بالإضافة إلى الأزمة السياسية، تعاني تونس صعوبات اقتصادية خطيرة أبرزها التضخم المتسارع والبطالة المرتفعة. وتحاول البلاد المثقلة بالديون الحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي لا يقل قدره عن 4 مليارات دولار.
المصدر : الجزيرة + وكالات