وجه الأمينِ العامّ لحركةِ الجهادِ الإسلاميِّ في فلسطين، القائدِ زياد النخالة كلمة رثاء في ذكرى رحيلِ الأمينِ العامِّ السابقِ للحركةِ الدكتور رمضان عبد الله شلّح وفيما يلي نص الكلمة كاملة :
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على سيِّدِ المُرسَلينَ وإمامِ المُجاهدينَ سيِّدِنا مُحمَّدٍ عليهِ أفضلُ الصَلاةِ وأتمُّ التسليم..
مَا أصعَبَ أنْ أتحدَّثَ عنْ قائدٍ فَلسطِينيٍّ بحَجْمِ الدكتورِ رمضان, وأُحِيطَ بِدَورِهِ وحُضورِهِ في مَسيرَةِ حَركةِ الجِهادِ الإسلامِيِّ مُنذُ تأسِيسِهَا أوِ انْطلاقَتِهَا، وفي مَسيرَةِ وجِهادِ الشَّعْبِ الفَلسطِينيّ، ومَا أصعَبَ على النَّفْسِ أنْ أتحَدَّثَ عنْ قائدٍ سَكَنَ اسْمِي بِجِوَارِ اسْمِهِ لِأكثَرَ مِنْ عِشرينَ عاماً رَاثِياً، وقَبلَهَا سَنواتٍ منَ العَمَلِ اللَّصِيقِ لأكثَرَ مِنْ عَشْرِ سنواتٍ أُخرَى.
فمُنذُ البداياتِ كانَ الدكتورُ رمضانُ رَحِمَهُ اللهُ حَيويَّةً وحَياةً لا تتوقَّفْ.. حُضوراً لَا تُلْغِيهِ كثيرٌ مِنَ المُعاناة، وعلينا أنْ نُدركَ أنَّ ذلكَ الزمنَ الجميلَ، زَمَنَ البِداياتِ, بِكُلِّ ما فِيهِ من حُضورٍ لأيقونَةِ الجهادِ الشهيدِ الدكتورِ فتحي الشقاقي المُتوهِّجِ على مَدارِ الوقت, أن تَتجاوَزَ حُضورَ الدكتورِ رمضانَ مُبدِعَاً ومُبادِراً وأنيسَاً في أحلَكِ الأوقاتِ وأجْمَلِها, فكانَ يتنقَّلُ بينَ الإبداعِ السياسيِّ والإبداعِ الحَركيِّ والثقافيّ, والحضورَ الذي لا تستطيعُ الجُغرافيا التي يتحرَّكُ فيها على اتِّساعِهَا تجاوُزَه.
لمْ تكُنْ لتَصدُرَ نَشرَةٌ داخليةٌ أو مَجلةٌ حركيةٌ دونَ حُضورِ اسْمِهِ اللامِعِ ولُغتِهِ البَليغة.
عَرَفْتُهُ مُنذُ أكثرَ من ثلاثينَ عاماً ونَيِّف, لَمْ يَغِبْ لحظةً واحِدةً عن مَيدانِ الكِفاحِ بالكلمةِ والمَوقفِ والرأيِ في أعقَدِ الظروفِ وأيسَرِهَا, وخلالَ قيادَتِهِ للحَرَكةِ لَمْ يكُنِ الكِفاحُ المُسلَّحُ والمقاومةُ لِتُغادِرَ قلْبَهُ ورُوْحَهُ وعَقْلَه, مُحرِّضًا ومُنافِحًا وقائِدًا.
ولمْ تكُن جَوْلَاتُ السياسَةِ ودَهاؤهَا لِتنَالَ مِنْهُ ومِنْ إرادَتِه, يُدهِشُكَ وأنتَ تستَمِعُ إليهِ في كُلِّ شَيءٍ, مِنَ السياسَةِ إلى التاريخِ والقرآنِ والفِقْه, حتَّى النُّكتَةُ كانَ لهَا نَصيبٌ في جِلْسَاتِه.. إذا كَتَبَ أبْدَعَ وإذا تَحدَّثَ كانَ مُحارِباً ومُميَّزاً لا يُشَقُّ لَهُ غُبَارٌ في مَعركةِ الثقافةِ ومَعرفةِ التاريخِ وفَترَاتِ الصُعودِ والهُبوطِ التي مَرَّتْ بِها الأُمّة.
لَمْ أكُنْ لِأَتصوَّرَ أنْ أكتُبَ رَاثِياً الأخَ الحبيبَ والعزيزَ والقائدَ الدكتورَ رمضان وأنَا أكبُرُهُ بِسنوات لَكِنَّهَا إرادَةُ الله.
لقَدْ كانَ أكثَرَنَا حُضُوراً وأكثَرَنَا ثقافَةً، لقَدْ تَوقَّفَـتْ رِحلَةُ أربَعَةِ عُقُودٍ مِنَ العَطاءِ السَخِيِّ والمُمَيَّزِ بِغِيابِه, ولكِنْ لَمْ يَنتَهِ الحُضورُ فِيمَا تَرَك، وسَتَكْتَـشِفونَ في مَوسُوعَةِ الأعمَالِ الكامِلَةِ للدُكتورِ رمضان التي سَتُصدِرُهَا الحركةُ قريباً، أنَّهُ يَستحِقُّ أكثرَ مِمَّا كُتِبَ عَنْهُ أوْ قِيْلَ فِيْه.
سَلامٌ عَليكَ أبَا عَبدِاللهِ حَيَّاً ومَيِّتاً.. سَلامُ عَليك، كَمْ نَفتَقِدُكَ في مَسِيرَتِنَا التي لَنْ تَتَوقَّفَ بِإذنِ الله, إلَّا ورَاياتُنَا ترتَفِعُ على بيتِ المَقدِسِ وكُلِّ فَلَسطين.
(مِنَ المُؤمِنيْنَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَليهِ، فَمِنهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ ومِنهُمْ مَنْ يَنتظِرْ ومَا بَدَّلُوا تَبدِيْلًا)