أظهر تقرير لمعهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام (سيبري) نُشر الاثنين، أن عدد الأسلحة النووية في العالم سيرتفع في العقد المقبل بعد 35 عاما من التراجع، وسط تفاقم التوترات العالمية والحرب الروسية في أوكرانيا.
في أوائل العام الجاري كانت لدى القوى النووية التسع (بريطانيا والصين وفرنسا والهند وإسرائيل وكوريا الشمالية وباكستان والولايات المتحدة وروسيا) 12 ألفا و705 رؤوس حربية نووية، أي 375 رأسا أقل مما كانت عليه أوائل عام 2021، وفقا لتقديرات معهد ستوكهولم.
وقد انخفض العدد الإجمالي للرؤوس النووية الذي فاق عددها 70 ألفا في عام 1986، وذلك بعد أن خفضت كل من الولايات المتحدة وروسيا تدريجيا ترساناتهما الهائلتين اللتين تراكمتا خلال الحرب الباردة.
لكن باحثين من معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام قالوا إنه يبدو أن عصر نزع الأسلحة يقترب من نهايته، وحذروا من أن خطر حدوث تصعيد نووي هو الآن في أعلى مستوياته في فترة ما بعد الحرب الباردة.
وقال مات كوردا أحد المشاركين في إعداد التقرير لوكالة الصحافة الفرنسية "قريبا سنصل إلى النقطة التي يمكن أن يبدأ فيها العدد العالمي للأسلحة النووية بالارتفاع للمرة الأولى منذ نهاية الحرب الباردة".
وبحسب معهد ستوكهولم، فإنه بعد انخفاض وصفه بأنه "هامشي" العام الماضي، من المتوقع "أن تنمو الترسانات النووية خلال العقد المقبل".
وتحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مناسبات عدة عن إمكانية اللجوء إلى الأسلحة النووية، في إطار الحرب في أوكرانيا. وفي الوقت نفسه، فإن دولا عدة بينها الصين وبريطانيا، تقوم إما رسميا أو بشكل غير رسمي بتحديث ترساناتها أو تعزيزها.
وفي هذا السياق، قال الباحث كوردا إنه "سيكون من الصعب جدا إحراز تقدم في نزع السلاح خلال السنوات المقبلة بسبب هذه الحرب وبسبب الطريقة التي يتحدث بها بوتين عن أسلحته النووية". وأضاف أن تلك التصريحات المقلقة تدفع "الكثير من الدول الأخرى المسلحة نوويا إلى إعادة التفكير في إستراتيجياتها النووية".
ورغم دخول معاهدة الأمم المتحدة لحظر الأسلحة النووية حيز التنفيذ أوائل 2021 وتمديد معاهدة "ستارت الجديدة" (نيو ستارت) الأميركية الروسية لمدة 5 سنوات، فإن الوضع يتدهور في الآونة الأخيرة، وفقا لمعهد ستوكهولم. وما يثير القلق أيضا من بين أمور أخرى هو برنامج إيران النووي وتطوير صواريخ فرط صوتية بشكل متزايد.
وأشار معهد ستوكهولم إلى أن الانخفاض في العدد الإجمالي للأسلحة يرجع إلى قيام الولايات المتحدة وروسيا "بتفكيك الرؤوس الحربية" التي باتت خارج الخدمة، في حين أن عدد الأسلحة العاملة لا يزال "مستقرا نسبيا".
القوى النووية في العالم
وتمثل موسكو وواشنطن وحدهما 90% من الترسانة النووية في العالم.
ولا تزال روسيا -وفقا لمعهد ستوكهولم- أكبر قوة نووية بامتلاكها 5977 رأسا حربيا في أوائل عام 2022، وبانخفاض 280 عن العام الماضي، سواء كانت منتشرة أو مخزنة أو تنتظر التفكيك، ويشير المعهد إلى أن أكثر من 1600 من رؤوسها الحربية النووية الروسية يُعتقَد أنها جاهزة للاستعمال.
من جهتها، تمتلك الولايات المتحدة 5428 رأسا حربيا، أي أقل بـ120 من العام الماضي، لكن لديها رؤوس منتشرة أكثر من روسيا، ويبلغ عددها 1750.
ومن ناحية الأرقام الإجمالية، تأتي الصين في المرتبة الثالثة بامتلاكها 350 رأسا حربيا نوويا، تليها فرنسا وتملك 290، ثم بريطانيا ولديها 225، تتبعها باكستان وتملك 165 رأسا نوويا، تعقبها الهند ولديها 160، وأخيرا إسرائيل بامتلاكها 90 رأسا حربيا نوويا.
و(إسرائيل) هي الوحيدة من بين الدول التسع التي لا تعترف رسميا بامتلاكها أسلحة نووية.
أما بالنسبة لكوريا الشمالية، فقال معهد ستوكهولم إن نظام كيم جونغ أون الشيوعي يمتلك للمرة الأولى الآن 20 رأسا نوويا. ويُعتقد أن بيونغ يانغ لديها ما يكفي من المواد لإنتاج حوالي 50 رأسا.
في أوائل 2022، أصدرت الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي والمسلحة نوويا -الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا والصين وفرنسا- بيانا مفاده أنه "لا يمكن كسب الحرب النووية ويجب عدم خوضها أبدا".
ورغم ذلك، أشار المعهد الدولي لبحوث السلام إلى أن الدول الخمس تواصل توسيع أو تحديث ترساناتها النووية، ويبدو أنها تزيد من أهمية الأسلحة النووية في إستراتيجياتها العسكرية.
وأضاف أن الصين في خضم عملية توسيع كبيرة لترسانتها من الأسلحة النووية، والتي تشير صور الأقمار الاصطناعية إلى أنها تشمل بناء أكثر من 300 صومعة صواريخ جديدة.
ووفقا لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، يمكن أن يكون لدى بكين 700 رأس حربي بحلول عام 2027.