هجم جنود الاحتلال (الإسرائيلي) على ترقوميا، يريدون مصادرة 600 دونم من أراضي عائلة فطافطة، نزع شباب قمصانهم، ليواجهوا الجرافات بصدورهم، تقدمهم حسام فطافطة مع ثمانية آخرين أمام عشرات من الجنود، في منطقة الهردش التابعة لترقوميا شمال غرب الخليل.
لكن أيدي جنود الاحتلال سحبته إلى منطقة فارغة بينما حاصر الآخرون الشباب حتى لا ينجدوا رفيقهم. انهال سبعة جنود عليه ببساطيرهم وأعقاب بنادقهم. صرخ حسام صرخة تردد صداها بين الوديان المحيطة بأرض الطفولة وشقى العمر.
بعد أن استعاد بعض قوته، هجم عليهم بقبضته العارية، فشعار صاحب الأرض: "يا قاتل يا مقتول" فتكالب عليه الجنود، ولم يتمكن في الصراخ مرة أخرى، فسقط مضرجا بالدماء، أما شقيقه الذي أسرع لمساعدته، فكان له نصيبه إذ أصيب برصاصة مطاطية في الخصر.
"فزع له الشباب وأخذوه إلى المستشفى من تحت البساطير"، هكذا تقول الأم التي تحدق في الجسد الغائب وتعد الدقائق وتنتظر أن يفيق حسام الذي تحولت صرخته إلى أيقونة.
فهو الآن يرقد غائباً عن الوعي بين الحياة والموت في قسم العناية المكثفة في المستشفى الأهلي في الخليل، وعلى رأسه آثار محفورة بأعقاب بنادق جنود الاحتلال.
والد حسام يقول: "نعيش مرحلتين: الأولى مرحلة التعمير حتى لو هدموا ألف مرة، ومرحلة إثبات الحق، وشعارها "الحق ثابت كالشمس"، فأوراق الملكية معنا. لكن الاحتلال لا يعترف بذلك، فعند مصادرة الأرض، لا يسأل عن أوراق أو حق، لأنه يعرف تماماً أنها ليست من حقه.
أصيب في هذه الاعتداءات أيضاً، عشرة من أهالي بلدة ترقوميا على الأقل، واعتُقل الشاب فائق الفطافطة، كما لم يسلم من الاعتداء كل من كان هناك من مواطنين وصحافيين ومصورين، وحتى الطواقم الطبية.
يهدف الاحتلال والمستوطنون من هذه الاعتداءات الاستيلاء على 600 دونم من أراضي بلدة ترقوميا، وتحديدا في قرية الهردش لإكمال خط الاستيطان ما بين مستوطنتي "تيلم" و"أدورا" المقامتين على أراضي البلدة، وفي حال تم ذلك فإن بلدة ترقوميا (20 ألف نسمة) سيتم عزلها بالكامل عن مدينة الخليل لأن معظم أراضيها ستتحول لطرق تربط بين المستوطنات.
عبد الهادي حنتش المختص بقضايا الاستيطان، لفت إلى أن الاحتلال -قبل عدة سنوات- وضع هيكلية كاملة لمستوطنات الضفة الغربية، ووضع خطة متكاملة لتوسيع هذه المستوطنات على حساب أراضي المواطنين".
ومن هذه المستعمرات "أتيلم" و"أدورا" المقامتان على أراضي بلدة ترقوميا التي يحاول الاحتلال من خلالها وخاصة قرية الطيبة خلق تواصل إقليمي لربط المستوطنتين بمثيلاتهما.
وقد أثار ذلك حفيظة المواطنين فتصدوا لقوات الاحتلال دفاعاً عن الأرض للحيلولة دون مصادرة حوالي 600 دونم وقرية الطيبة، وهي أقرب القرى لهذه المستعمرات، كما يقول حنتش.
وفي ذات السياق قال جمال العملة مدير مركز أبحاث الأراضي، أن ما يسمى المجلس الأعلى للتخطيط والبناء في "الإدارة المدنية" التابعة للاحتلال، صادق على شرعنة ربط بؤرة سيلم شمال الشارع المؤدي لمعبر ترقومية والمسمى " فرش الهوى" والذي يسميه الاحتلال شارع "35" وهو شارع التفافي يوصل لمعبر ترقوميا من الخليل.
ويلفت العملة إلى أن المنطقة ستقسم إلى نصفين، وقد كان المفروض أن يتم تفكيك المستوطنات فيها حسب المفاوضات، لكن الاحتلال شرعنها وها هو يقوم بتوسيعها.
وأشار إلى أن ذلك سيحول أراضي ترقوميا إلى شارع داخل مستعمرة كما سيمنع حركة الأهالي.