ورقة حقائق:

15 عامًا من الحصار.. تقرير يرصد تداعياته على قطاع غزة

الرسالة نت-غزة

أصدر مركز الميزان لحقوق الإنسان ورقة حقائق، حول حصاد وتداعيات 15 عاما من الحصار المفروض على قطاع غزة.

 

الرسالة نت تنشر ورقة الحقائق كاملة:

أغلقت سلطات الاحتلال قطاع غزة بأمر عسكري منذ احتلالها للقطاع في 6 حزيران 1967، ولم بلغ الأمر العسكري حتى بعد توقيع اتفاقيات أوسلو, وبعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية (2000/9/28)، وتحديداً في 9 أكتوبر 2000، فرضت قوات الاحتلال إغلاقاً على قطاع غزة حاصرت بموجبه مناطق سكنية قريبة من المستوطنات كالمواصي والسيفا، وأغلقت المعابر وعطلت من وظيفة بعضها، فعلى سبيل المثال معبر رفح كان يعمل على مدار الساعة وبعطل يومين في العام، ومنذ ذاك التاريخ أصبح يعمل ساعات محدودة في اليوم وأيام معدودة في الأسبوع وكان يغلق لأشهر متواصلة.

كما أغلق قسم البضائع من معبر بيت حانون وأغلقت معابر صوفاه وكارني ونحال عوز ليتحول معبر كرم أبو سالم إلى معبر البضائع الوحيد.

وشددت قوات الاحتلال من حصار غزة، بعد سيطرة حركة حماس على القطاع وانقسام النظام السياسي الفلسطيني، لتضاعف من القيود المفروضة على حرية حركة وتنقل الأفراد والبضائع، حيث ألغت الكود الجمركي بتاريخ 21 حزيران/ يونيو 2007، فيما أعلن المجلس الوزاري (الإسرائيلي) المصغر بتاريخ 19 أيلول/ سبتمبر من العام نفسه قطاع غزة " كياناً معاديًا"، لتعطي بعداً أشد قسوة للحصار وتحرم الضحايا الفلسطينيين من اللجوء للمحاكم والوصول إلى العدالة.

ويأتي تنفيذ الإغلاق والحصار (الإسرائيلي) على قطاع غزة، الذي يشكل عقاب جماعي محظور وفق القانون الدولي الإنساني، ليتم تنفيذه في سياق الاحتلال الاستيطاني الاستعماري (الإسرائيلي) للأرضي الفلسطينية، ويتوافق نظام التمييز العنصري والهيمنة والظلم ضد الشعب الفلسطيني مع تعريف الفصل العنصري وفق القانون الدولي.

 

خمسة عشر عاماً مضت على تشديد سلطات الاحتلال إغلاق قطاع غزة، وفرضها قيوداً مشددة على حرية الحركة والتنقل، بما في ذلك القيود على الوصول للمناطق المحاذية للسياج الفاصل برأ، ولمسافات متفاوتة للصيادين في عرض البحر.

كما واصلت هجماتها الحربية بما فيها واسعة النطاق، وتسببت في قتل وإصابة عشرات الآلاف ودمرت خلالها عشرات آلاف المساكن والمنشآت الصناعية والتجارية ومرافق البنية التحتية كشبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي والطرق، ما تسبب في تدهور الأوضاع الإنسانية وتفشي ظاهرتي البطالة والفقر..

تستعرض الورقة أبرز النتائج والمؤشرات التي تكشف بالأرقام عن حجم انتهاكات سلطات الاحتلال (الإسرائيلي) طوال (15) عاماً - تسببت الهجمات الحربية الإسرائيلية في قتل (5418) شخص، يشكل الأطفال منهم (23%)، والسيدات (9%)، كما أصيب من الحصار المشدد، والتي تدلل على قساوة الأوضاع المعيشية التي تواجه سكان قطاع غزة، وانعكاس سياسة الحصار على حالة حقوق الإنسان، وذلك على النحو الآتي:

آلاف المدنيين العزل

- دمرت قوات الاحتلال (3118) منشأة تجارية، و(557) مصنع، و(2237) مركبة، و(2755) من المنشآت العامة.

 - دمرت قوات الاحتلال (12631) وحدة سكنية بشكل كلي، و(41780) بشكل جزئي، وشددت القيود على دخول مواد البناء لتحرم الفلسطينيين من إعادة بناء وترميم منازلهم.

بلغ عدد سكان قطاع غزة حتى نهاية عام 2006 حوالي (1.5) مليون فرد، وارتفع عدد السكان خلال 15 عام من الحصار ليصل حتى نهاية عام 2021 إلى (1-2) مليون نسمة.

- استغلت سلطات الاحتلال تحكمها المطلق في المعابر لتحولها إلى مصيدة للإيقاع بالفلسطينيين، حيث اعتقلت (204) فلسطينيين أثناء مرورهم عبر حاجز بيت حانون (إيرز).

حرمت سلطات الاحتلال طلبة الدراسات العليا والموظفين من الالتحاق بالدورات الخارجية والكليات العلمية، واعتقلت (48) شخصا منهم عند سفرهم عبر حاجز إيرز.

- تراجع حجم الواردات بعد فرض الحصار، ففي عام 2005 بلغ عدد الوارد من الشاحنات (111,480)، وانخفضت بعد الحصار لتصل عام 2008 إلى (26،838) شاحنة، فيما بلغ حجم الواردات عام 2020 (96,651) شاحنة، وهنا بالرغم من الزيادة السكانية ومتطلبات النمو وزيادة الطلب على الخدمات.

- تراجع حجم الصادرات من قطاع غزة بعد فرض الحصار، حيث صدر القطاع عام 2005 نحو (9,319) شاحنة، لتتراجع إلى (33) شاحنة عام 2008، وفي عام 2020 بلغ حجم الصادرات (3118) شاحنة، وهو حوالي ثلث ما كانت عليه قبل الحصار

- تواصلت القيود المفروضة على حركة وتنقل رجال الأعمال والتجار، حيث اعتقلت قوات الاحتلال (85) تاجراً.

- أخضعت سلطات الاحتلال طلبات الحصول على تصاريح المرضى المحولين إلى المستشفيات خارج قطاع غزة لقيود ومعايير مشددة، وبالرغم من استيفاء المرضى لكافة المعايير، كان مصير حوالي (30%) من مجموع الطلبات إما الرفض الصريح أو المبطن

- طالت القيود المشددة قدرة المرضي ومرافقيهم على الوصول إلى المستشفيات في الضفة الغربية و(إسرائيل) والأردن، واعتقلت (43) مريضا، فيما اعتقلت (28) من مرافقي المرضى ممن حصلوا على تصاريح للمرور .

 - تسببت القيود المفروضة على حرية تنقل المرضى والوصول للعلاج في وفاة (72) مريضاً من بينهم (10) أطفال، و(25) سيلة .

 - توغلت قوات الاحتلال نحو (872) مرة في المناطق القريبة من السياج الفاصل شرق وشمال قطاع، وتخلل توغلاتها تجريف أراض زراعية وتدمير مزروعات.

- استخدمت قوات الاحتلال القوة المفرطة والإجراءات العنيفة ضد الأطفال الذين حاولوا الاقتراب من السياج الفاصل، وقتلت (15) طفلاً، وجرحت (7) آخرين، واعتقلت (204) أطفال.

 - استهدفت قوات الاحتلال العاملين في القطاع الزراعي، فقتلت (136) من العاملين في الزراعة.

 - جزفت قوات الاحتلال ورشت بالمبيدات السامة ما مساحته (33100) دونم من الأراضي الزراعية،

 - استهدفت قوات الاحتلال الصيادين الفلسطينيين في عرض البحر، وفتحت نيرانها تجاههم، ولاحقتهم وأعاقت عملهم، ووثق المركز (2514) انتهاك بحقهم، قتلت خلالها (7) صيادين، وجرحت (179)، واعتقلت (750) صياد.

 كما خربت (131) مركب صيد، وأعداد كبيرة من معدات ومستلزمات الصيد، واستولت على (237) مركب.

 - قصفت قوات الاحتلال آبار مياه استخدام منزلي وزراعية ودمرت (292) بئر مياه. متعت قوات الاحتلال الصيادين من نزول البحر وقلصت مساحة الصيد السموحة فترات طويلة ومتكررة، تراوحت السباحة التي كانت تسمح بها بين ثلاثة أميال و15 ميلاً.

حظرت سلطات الاحتلال دخول الوقود لمحطة توليد الكهرباء الوحيدة؛ ما فاقم من أزمة الكهرباء ودفع المواطنين لاستخدام بدائل مثل الشمع للإنارة، ومولدات كهربائية نجم عنها حوادث وحرائق تسببت منذ عام 2012 في مقتل (35) مواطناً، من بينهم سيدة و (28) طفلاً، وإصابة (36) من بينهم (20) طفلاً و(6) سيدات.

 - يواجه سكان قطاع غزة صعوبة كبيرة في الحصول على كميات كافية من الطاقة الكهربائية، إذ تقدر حاجة القطاع من الطاقة الكهربائية بين (600-(66) ميغاواط، مع العلم أن المتوفر لا يزيد عن (205) ميغاواط، ما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي لفترات زادت عن (16) ساعة يومياً خلال فترات معينة من سنوات الحصار.

 - دفعت مشكلة نقص الطاقة ومنع دخول السولار بلديات عديدة في قطاع غزة إلى ضخ مياه الصرف الصحي غير المعالجة في البحر؛ ما تسبب في تلوث مياهه وشواطئه، إذ تقيد فحوصات جهات الاختصاص بتلوث ما نسبته (75%) من الطول الكلي للشاطئ الذي يمتد لمسافة (40 كيلو متراً تقريباً (4).

- يعاني سكان قطاع غزة من أزمة كبيرة في توافر المياه الصالحة للشرب، وتفيد جهات الاختصاص أن ما نسبته (96.2%) من مياه الخزان الجوفي في قطاع غزة لا تنطبق عليها مواصفات منظمة الصحة العالمية من حيث الجودة ولاسيما تركيزات الكلورايد والنترات.

 - تدهورت الأوضاع المعيشية للسكان بشكل كبير، وتفاقمت إلى حد بلغت معه نسبة الفقر في قطاع غزة (53%)، فيما بلغت معدلات البطالة (47%)، وسجلت معدلات انعدام الأمن الغذائي بمستوى شديد ومتوسط (64%)،

- تأثر قطاع التعليم في قطاع غزة خلال سنوات الحصار، إذ دمرت قوات الاحتلال (536) مدرسة، و(32) مبنى جامعي/ تابع لكلية، وأعاقت بناء مدارس لمواجهة الزيادة السنوية للسكان، ما تسبب في تكدس أعداد الطلبة داخل المدارس، ووصلت الكثافة الصفية الإجمالية إلى نحو (41.09) في مدارس الأونروا، و(39.38) في المدارس الحكومية،6) وظلت العديد من المرافق التعليمية والبيئة المدرسية غير موائمة لذوي الإعاقة، بما في ذلك تعبيد ورصف الطرق المؤدية إلى المدارس، فضلاً عن الإعاقات المتكررة لدخول الكتب المدرسية من المعابر .

 - تراجع إعمال الحقوق الثقافية، خاصة وأن القيود المفروضة حالت دون إعادة بناء وترميم المكتبات والمؤسسات الثقافية التي ذمرت خلال الهجمات الحربية ومن بينها المكتبة الوطنية والعديد من المؤسسات الثقافية، كما ضاعفت القيود من صعوبة تحديث وتطوير مقتنيات المكتبات القائمة من كتب ودوريات حديثة، وكذلك إقامة معارض كتب بمشاركة دور النشر الخارجية فاقتصرت على المعارض المحلية.

الخلاصة والتوصيات:

تحاول الحكومة (الإسرائيلية) تبرير الإغلاق والقيود التي تفرضها على قطاع غزة تحت ذريعة الأمن، بينما تكشف الحقائق نية (إسرائيل) الهادفة إلى فصل وتقسيم الفلسطينيين من أجل فرض هيمنتها عليهم باعتبار القطاع منطقة مغلقة ومعزولة عن بقية الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإعادة هندسة وهيكلة التركيب الديموغرافي.

وتوضح ورقة الحقائق أن الانتهاكات المتعددة التي ترتكبها سلطات الاحتلال ضمن سياق حصارها وإغلاقها المستدام، بما في ذلك استخدام القوة المفرطة والهجمات الحربية المتكررة ضد المدنيين والأعيان المدنية وقتل الآلاف واعتقال واحتجاز الأطفال والمرضي والصيادين والفئات الهشة الأخرى، تهدف إلى خلق ظروف معيشية غير ملائمة لسكان قطاع غزة. وهذا ما أكد عليه مركز الميزان في تقرير بعنوان " بانتوستان غزة نظام الفصل العنصري (الإسرائيلي) في قطاع غزة" بأن " الأعمال اللاإنسانية" التي ترتكبها سلطات الاحتلال تتوافق مع تعريف جريمة الفصل العنصري على النحو المحدد في اتفاقية الأمم المتحدة لقمع جريمة الفصل العنصري ونظام روما الأساسي المحكمة الجنائية الدولية

وبناء عليه، وبعد مرور خمسة عشر عاما على الحصار القاسي والظالم فإن مركز الميزان لحقوق الإنسان يحدد مطالباته المتكررة للمجتمع الدولي بالكف عن ازدواجية المعايير في التعامل مع انتهاكات القانون الدولي، وأن يتحمل مسئولياته القانونية والأخلاقية في إنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة فوراً، وممارسة دور فاعل لإجبار سلطات الاحتلال على احترام مبادئ القانون الدولي الإنساني، والعمل على محاسبة وملاحقة كل من يشتبه في ارتكابهم جرائم حرب، كونها تشكل وسيلة من شانها أن تحد من الانتهاكات وأن تحمي سكان الأرض الفلسطينية المحتلة.

البث المباشر