في مخالفة لكافة الشرائع والقوانين والأعراف الدينية، تواصل سلطات الاحتلال (الإسرائيلي) منع ترميم المسجد الأقصى ومرافقه منذ سنوات، بذرائع مختلفة، مما يشكل خطورة بالغة لها أبعادها على المصلين والزائرين بالمسجد المبارك.
وسقط، قبل يومين، حجر من السور الجنوبي للمسجد الأقصى المبارك، داخل التسوية المعروفة بمصلى الأقصى القديم، للمرة الثانية خلال أربع سنوات، بعد سنوات من منع الترميم.
ومن الواضح أن سياسة الاحتلال في منع الترميم تهدف إلى إيصال مرافق المسجد وأسواره لمرحلة التهالك كمقدمة لإفراغ المكان ومنع الوصول إليه بحجة أنه يشكل خطراً؛ بغية تنفيذ أهداف صهيونية بعيدة المدى للسيطرة على الأقصى.
وكانت الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد قد حذرت من سقوط حجارة من سور المسجد الأقصى المبارك الجنوبي، معتبرة أن سياسة الاحتلال الرامية إلى منع دائرة الأوقاف الإسلامية وأهل مدينة القدس، من ترميم وعمارة المسجد الأقصى، هدفها فرض السيادة الكاملة على المكان.
ويؤكد مدير المسجد الأقصى المبارك الشيخ عمر الكسواني، أن تدخل سلطات الاحتلال في شؤون المسجد الأقصى يهدف لتطبيق مبدأ السيادة "ولا يريدون أي عمل دون موافقة شرطة الاحتلال ويتخذون الترميمات حجة من أجل فرض السيادة والهيمنة على المقدسات".
ويشدد الكسواني في حديثه لـ "الرسالة نت" على رفض وزارة الأوقاف بشكل قاطع هذه السياسة التي تسلب الحق في الترميم وصيانة المرافق الدورية للمسجد، لا سيما مع تهالك بعض الحجارة في المسجد القديم وعند بئر الزيت بفعل عوامل الزمن والرطوبة.
ويبين أن استمرار منع الترميم يؤدي إلى إحداث مزيد من التشققات والتصدعات في جدران وأسوار المسجد نتيجة عوامل الزمن وهو ما يستدعي ضرورة صيانتها وتدعيمها بواسطة الجسور الإسمنتية.
ويشير الكسواني إلى أن منع الترميم منذ سنوات يؤدي إلى جعل المقدسات مكاناً غير آمن، وهي سياسة تسعى سلطات الاحتلال من خلالها إلى إفراغ المسجد المبارك ومحاولة السيطرة عليه وتغيير معالمه عبر منع الأوقاف من الترميم وإيكال المهمة لشرطة الاحتلال.
ويرى الخبير في تاريخ القدس والمسجد الأقصى د. جمال عمرو أن سلوك سلطات الاحتلال يعكس العقلية الصهيونية تجاه المقدسات والأماكن الدينية التي يسعى إلى السيطرة عليها وتنفيذ مخططاته فيها.
ويوضح عمرو في حديثه لـ "الرسالة نت" أن سياسة منع الترميم يسعى الاحتلال من خلالها إلى استنساخ تجربة سياسة منع الترميم التي جرى تطبيقها على منازل وأحياء الفلسطينيين في مدينة يافا، ونجحت في جعل بيوتهم القديمة متهالكة قبل أن يتم إفراغها والسيطرة عليها.
ويبين أن الاحتلال أحاط القصر الأموي بالستار المعدني ومنع ترميم الحجارة التي سقطت من حائط البراق والمسجد القبلي، في محاولة لجعل المكان خطراً وبالتالي إخلاءه ومنع الصلاة فيه.
ويشدد على أن هذا المنع يتم رغم أنف الأوقاف ودولة الأردن التي تشرف على المقدسات، في تنكر واضح لجميع الاتفاقيات التي تعتبر المسجد الأقصى مكانا خالصا للمسلمين وحدهم.
ويلفت إلى أن هدف هذه السياسة هو التسلل شيئا فشيئا وتغيير بعض ملامح الأماكن التاريخية بالتزامن مع استمرار الحفريات المتواصلة أسفل المسجد الأقصى، في ظل الصمت الدولي والعربي على ما يجري هناك.