تواجه مدينة الطيبة في الداخل الفلسطيني المحتل في الأشهر الأخيرة، حملة شرسة من قِبل اللجنة اللوائيّة للاستيطان، تمثّلت بإرسال نحو 70 أمر هدم لمبان بضمنها مبان زراعية ومعرّشات في المدينة، خلال عام واحد فقط، بذريعة البناء غير المرخّص.
وفي الوقت ذاته، تضيّق سلطات الاحتلال (الإسرائيلي) الخناق، على أصحاب الأراضي الذين يحاولون استصدار تراخيص بناء على أراضيهم الخاصة، وسط شروط تعجيزيّة.
وتأتي أومر الهدم هذه في ظلّ سلب آلاف الدونمات من مساحة مدينة الطيبة، وعلى حساب أراض خاصة تعود لمواطنين، لصالح مشاريع عديدة، كإقامة سكة قطار، ومشروع خطّ للغاز، وإتمام شارع الالتفافي 444، وشارع 6، بالإضافة إلى مخططات أخرى منعت توسُّع المدينة، وبخاصّة من الجهة الغربيّة لها.
وفي الوقت الحاليّ، لم تنفّذ سلطات الاحتلال إلا أمر هدم واحد في المدينة، إذ لا تزال غالبية أوامر الهدم يُتداول بشأنها في المحاكم، فيما تمّ تجميد جزء آخر منها.
وتَتهدّد أوامر الهدم مباني سكنيّة وزراعيّة، ومعرّشات ودفيئات؛ بذريعة البناء دون ترخيص، أو البناء على أراض زراعيّة، ليست مشمولةً ضمن مسطّحات البناء.
"تهديد للعشرات"
وقال المحامي يوسف مصاروة، الموكّل بالدفاع عن عدد من أصحاب البيوت المهددة بالهدم: "إن العديد من هذه البنايات لم يتمّ هدمها (حتّى الآن) بسبب أننا استطعنا التوصل إلى اتفاقيات مؤقتة تجمّد أوامر الهدم، وعدد من أصحاب الأراضي حصل على التراخيص اللازمة، ولكن التهديد لا يزال يهدّد العشرات، والأمر ينذر بالمخاوف".
وأضاف: "هناك منطقتان في مدينة الطيبة تمثّلان إشكاليّة تخطيطيّة في الوقت الحاليّ؛ المنطقة الأولى تقع بين حيّ البدو والمدرسة الثانوية غربيّ الطيبة، فيما تقع المنطقة الأخرى في سهل الطيبة، ما بعد شارع 6".
وفي الصدد ذاته، أوضح مصاروة، أن "المنطقة ما بين المدرسة الثانوية وحيّ البدو، تعرَّف (على أنها) زراعية (خارج مسطّحات البناء) في الوقت الحاليّ، وهناك اقتراح تخطيطيّ لتحويلها إلى منطقة بناء، ولكن في الوقت الحاليّ هي زراعيّة، لذلك ترسل اللجنة اللوائيّة للاستيطان أوامر هدم لكل من يشرع في البناء حديثا، وهذا ما زاد من أوامر الهدم في المدينة، وتلك المنطقة تحديدا".
وتابع "المنطقة الأخرى هي ما بعد شارع 6، وهناك يُمنع البناء بتاتا، إلا في حالة (بناء) مخزن زراعيّ أو أو مسكن للأغنام والدواجن والخيول، وهناك إمكانية أخرى لبناء ’بيوت الضيافة’ في بعض الحالات، وفي الوقت الحالي الكثير من الناس يقومون بالبناء دون تراخيص في هذه المنطقة بسبب الضائقة السكنية، وهذا ما وضعهم في مأزق أمر الهدم".
وحذّر مصاروة من أنّ الضائقة السكنيّة موجودة، ولكن على كل مواطن أن ينتبه في الوقت الحالي للبناء دون تراخيص، وبخاصة أننا نرى اللجنة القطريّة تكشرّ عن أنيابها ولا تتساهل مع أيّ شخص في الفترة الأخيرة، وتقوم بإرسال أوامر هدم فقط إذا قام الشخص بوضع حجر واحد. نتوجّه إلى السكان للانتباه إلى هذه الخطوة".
"وضع سيزداد سوءا"
وتحدّث مصاروة عن البند الذي يشترط بصاحب المبنى، استصدار تراخيص من وزارة الزراعة في حال تقدَّم للحصول على تراخيص بناء، بالقول إنّ "هذا البند الذي أُدخل في القانون قبل 8 سنوات تقريبا، صعّب كثيرا على المواطن في استصدار تراخيص بناء في المناطق الزراعية"، مؤكّدا أنه "اليوم يشكّل العائق الأكبر أمام أصحاب الأراضي لاستصدار التراخيص".
وأضاف أنه "بدون موافقة وزارة الزراعة، لا يمكن استصدار تراخيص، ونحن نرى أن هذا التضييق مقصود من قِبل الوزارة، وهذا يضع المواطن تحت خطر الهدم".
وقال مصاروة إن "الوضع سيزداد سوءا كما نرى بسبب تلك الهجمات من قبل سلطات الاحتلال، وبخاصة في ظلّ انعدام العمل الشعبيّ والجماهيريّ في قضيّة الهدم".
وذكر أن "هدمَ منزلٍ في السابق، كان سببا كافيا لإشعال البلدات العربيّة، ولكن اليوم يعدّ خبرا عابرا، لذا على المواطن التصرّف بحكمة، وأن يتوجّه قبل بناء أي مبنى إلى الجهات المسؤولة؛ لجنة التخطيط المحليّة، ومهندسين، وكل من له اختصاص في هذا المجال، كي نتفادى الخسائر الماديّة الكبيرة التي سيتكبّدها في حال هدم منزله".
المصدر: عرب 48