قبل أسابيع قليلة، رصدت سلطات الاحتلال 875 مليون شيقل من أصل مليارين ضمن خطة خماسية (2018 – 2023) للسيطرة على التعليم في القدس، رغم سيطرته على 80% من العملية التعليمية فيها وافتتاحه للمدارس بشكل مستمر لإرغام الطلبة المقدسيين على تعلم المنهاج (الإسرائيلي).
كما أن معاناة المقدسيين وأبنائهم الطلبة من محاولات أسرلة التعليم في القدس ليس جديدا، فعلى مدار السنوات السابقة، لم يتوقف التدخل في المنهاج الفلسطيني فأقدم الاحتلال على حذف عبارات من مواد التاريخ ومحاولة إضافة أخرى بدلا منها بهدف تعزيز ما يسمى (ثقافة التعايش) في عقول الصغار، عدا عن أن ذلك يندرج ضمن إطار سياسة تهويد المدينة المقدسة.
وما يساعد الاحتلال على تدخله في مدارس القدس ومنهاجها هو غياب دور السلطة الفلسطينية في مواجهة ما يجري من تدخلات في المنهاج التعليمي، بالإضافة إلى اندثار مدارس الأونروا التي لم يتبق منها سوى خمس مدارس في كل المدينة.
كما تسيطر بلدية الاحتلال ودائرة معارفها على الجزء الأكبر (52%) من عدد المدارس التي تدرس المنهاج الفلسطيني، لكن الاحتلال بالسنوات الأخيرة بات يشترط عليها إدخال المنهاج (الإسرائيلي).
البجروت بدلاً من التوجيهي
يقول زياد الحموري مدير مركز القدس للدراسات الاجتماعية والسياسية إن الاحتلال يحاول السيطرة على المنهاج منذ احتلاله للأراضي الفلسطينية رغم محاولات الأهالي والمعلمين مقاومة ذلك، لافتا إلى أن الاحتلال بات يخصص مبالغ كبيرة في السنوات الأخيرة لأسرلة المنهاج الفلسطيني.
ويفسر الحموري "للرسالة نت" سبب رصد الميزانية الكبيرة لأسرلة المنهاج الفلسطيني بأنها ترجع إلى تدخل الاحتلال في كل تفاصيل حياة المقدسيين ومنها التعليم ومحاولة فرضه لمواضيع تساهم في محو الهوية العربية والإسلامية عن المدينة المقدسة.
ويرى أن ما تحتاجه مدراس القدس للتصدي لأسرلة مناهجها هو دعم ومساندة المعنيين بالقدس للوقوف في وجه الهجمة الكبيرة، لافتا إلى أن الأخطر الأكبر يكمن في فرض (البجروت) بدلا من التوجيهي الأمر الذي تم فإن الاحتلال يكون قد حقق نجاحا كبيرا بفرضه تغييرا على القضايا التاريخية والقضية الفلسطينية.
ويؤكد أن الرد على مشروع أسرلة المنهاج الفلسطيني يكون عبر صناديق الدعم المادي التي تسند التعليم والمعلمين في القدس لمواصلة التحدي والصمود في وجه الضغوط.
أموال تضخ لحماية المنهاج الفلسطيني
وفي السياق ذاته يقول راسم عبيدات في مقال له بعنوان " أسرلة المنهاج الفلسطيني في القدس" إنه منذ عام 2011 وضع الاحتلال وأجهزته المدنية والأمنية مخططات أسرلة المنهاج الفلسطيني في مدينة القدس، وبدأت العملية بالتدرج عبر عمليات التحريف والتشويه والشطب لعبارات ومقولات وأشعار وقصائد وفقرات وصفحات في كتب المنهاج الفلسطيني، ولا سيما اللغة العربية والتربية الإسلامية والتاريخ والتربية الوطنية.
وأكد أن عملية التحريف والتشويه استهدفت بالأساس المدارس الحكومية التي تخضع بالكامل لسيطرة بلدية الاحتلال ودائرة معارفها من الألف الى الياء، وكذلك استهدفت العديد من المدارس الأهلية والخاصة التي تتلقى دعما ماليا من دائرة المعارف (الإسرائيلية) من الباطن.
ولفت عبيدات في مقاله إلى أن الاستهداف يأتي لتحريف التاريخ وتقزيم الجغرافيا وشطب الرواية الفلسطينية، ويراد له العمل على اختراق جدران الوعي للطالب الفلسطيني، و"تطويعه" ليدخل الطالب الفلسطيني في صراع داخلي، حول مشروعية مقاومته، ويفرغه من محتواه الوطني.
ويرى أن الاحتلال صعد من إجراءاته في السيطرة على العملية التعليمية في القدس، بزيادة عدد المدارس التي تدرس المنهاج (الإسرائيلي)، والتدخل في شؤون المدارس الأهلية التي بات أغلبها يتلقى مالا مشروطا من بلدية الاحتلال ودائرة معارفها، وذلك بفتح صفوف لتعليم المنهاج (الإسرائيلي) الى جانب صفوف المنهاج الفلسطيني، وتهديدها بوقف التمويل عنها وسحب تراخيصها المدرسية، وكذلك إعطاء الحق لدائرة المعارف (الإسرائيلية) بإرسال "مفتشين" تربويين لمتابعة عمليات الإشراف على تلك المدارس.
وعن كيفية التصدي لأسرلة العملية التعليمية قال عبيدات: "يحتاج إلى أموال تضخ الى المدارس التي تدرس المنهاج الفلسطيني ليجعل منها عامل جذب وقدرة على التنافس مع المدارس الخاضعة لبلدية الاحتلال من حيث جودة التعليم والأنشطة والفعاليات والبيئة التعليمية والرواتب".
وتابع: "ضرورة تأمين المواصلات المجانية للطلبة الملتحقين بتلك المدارس وتأمين احتياجاتهم من قرطاسية وغيرها، وأيضاً العمل على ترخيص وبناء مدارس جديدة واستئجار مباني كمدارس تدرس المنهاج الفلسطيني".
وشدد على ضرورة توعية الطلبة المقدسيين وأهاليهم بتبيان المخاطر المحدقة بوعي الطلبة وذاكرتهم من التعليم وفق المنهاج (الإسرائيلي).