قائد الطوفان قائد الطوفان

"مزارع آلي فدائي".. روبوت ابتكره طفلان في غزة لحماية المزارعين من مخاطر الاحتلال

الرسالة نت - وكالات

كانت رحلة للأراضي الزراعية كافية للطفلين الشقيقين ملك وإبراهيم أبو الروس لملامسة معاناة المزارعين، خاصة أولئك الذين تقع أراضيهم على مقربة من السياج الأمني الإسرائيلي شرق قطاع غزة.

هذه المعاناة شغلت بال الشقيقين، واحتلت حيزا من تفكيرهما بحثًا عن إجابة لتساؤلهما: كيف يمكن إنهاء معاناة هؤلاء المزارعين وحفظ حياتهم المهددة بالخطر باستمرار، جراء الاستهداف المتكرر من جانب قوات الاحتلال، التي تفرض منطقة عازلة بعمق مئات الأمتار وبطول نحو 40 كيلومترا بمحاذاة السياج الأمني، وتحرم المزارعين من الوصول إلى أراضيهم؟

لم يطل تفكير ملك (15 عاما) وإبراهيم (13 عاما)، واهتديا إلى ابتكار "روبوت" زراعي، يمكن وصفه في حالة غزة بأنه "مزارع آلي فدائي"، بإمكانه القيام بمهام خطرة ومعقدة بدل المزارعين.

الفكرة والهدف

حققت ملك وشقيقها إبراهيم إنجازا غير مسبوق بفوزهما بالجائزة الكبرى في "الأولمبياد الوطني للبرمجة والذكاء الاصطناعي"، وهو معرض علمي تقني تضمن إنجازات أخرى في غزة.

وقالت ملك للجزيرة نت إن المزارعين في غزة يعملون في ظروف غير مريحة وخطرة، وبإمكان هذا الروبوت أن يساعدهم في توفير الوقت والجهد والمال، إضافة إلى حماية كثيرين منهم من مخاطر حقيقية تهدد حياتهم أثناء عملهم اليومي في أراضيهم الزراعية القريبة من المناطق الحدودية.

ولطرق الزراعة التقليدية -حسب ملك- سلبيات كثيرة تؤثر على الإنتاج، وتمنع تحقيق الاستفادة القصوى من المساحة الزراعية.

وبدت ملك أكبر من عمرها وهي تتحدث بكثير من التفاصيل العلمية الدقيقة عن فوائد الروبوت في الزراعة الدقيقة من حيث القياسات المتساوية للبذور ومن ناحية العمق في التربة والمسافة بين البذرة والأخرى.

وتتضاعف هذه الفوائد بالنسبة لقطاع غزة بمساحته الصغيرة، والذي يعاني من تناقص مستمر في أراضيه الزراعية لحساب التوسع العمراني، أو بفعل السياسات العدائية الإسرائيلية، وتقول ملك "إن تعميم الروبوت على المزارعين في غزة سيوفر لهم ظروف عمل آمنة".

آلية العمل

تطلبت عملية صناعة الروبوت نحو 3 شهور، إضافة إلى شهر من التجربة العملية، ويقول إبراهيم للجزيرة نت "قمنا بتجارب ناجحة للروبوت تأكدنا خلالها من دقته في العمل والقيام بالوظائف المطلوبة منه".

وتتلخص هذه الوظائف -وفقا لإبراهيم- في الحفر وبذر البذور، في حين يعكف مع شقيقته ملك حاليا على تطوير الروبوت ليقوم بمهام أخرى كالحصاد ورش المياه والمبيدات الزراعية.

وينفذ الروبوت هذه المهام بواسطة تطبيق على الهاتف النقال، صممه إبراهيم الشغوف بالبرمجة، في حين تكفلت ملك المتميزة في مادتي الرياضيات والفيزياء بباقي الأمور خلال رحلتهما الناجحة لابتكار هذا الروبوت، وبإشراف والدهما سعيد أبو الروس مهندس الإلكترونيات والتحكم في كلية فلسطين التقنية.

وتدرس ملك وإبراهيم في مدرسة "سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني" في مدينة خان يونس (جنوبي قطاع غزة)، ويحفظان للمدرسة دورها الكبير في التميز الذي يتمتعان به، فمن خلالها استمدا كثيرا من المعلومات العلمية النظرية حول "عالم الروبوتات" ضمن مادة التكنولوجيا، فادتهما خلال التجربة العلمية، فضلا عن الدعم والتشجيع من المدرسين.

وإدراكا منهما بأزمة الكهرباء الخانقة التي تعاني منها غزة، حرص الشقيقان المبدعان على تزويد الروبوت ببطارية ولوحة طاقة شمسية، تسمح للروبوت بالعمل المتواصل أكثر من 8 ساعات.

وكما كان لوالدهما دور مهم في الإشراف، لم تنس ملك وإبراهيم الدعم النفسي من والدتهما، التي ساعدتهما في "تنظيم الوقت"، وتحقيق الانسجام بين الدراسة والهواية، وصولاً إلى تحقيق هذا الإنجاز.

معوقات وتطلعات مستقبلية

لم تكن طريق ملك وإبراهيم ممهدة، واعترضتها معوقات فرضتها ظروف الحصار الإسرائيلي، والقيود التي تمنع وصول كثير من أصناف المواد إلى غزة، بدعوى أنها "مزدوجة الاستخدام" وتخشى وصولها إلى المقاومة واستخدامها في صناعة السلاح.

غير أن تفكير الشقيقين كان خلاقا بالتغلب على هذه المعضلة، عبر إعادة تدوير المواد المستعملة بدل المواد المفقودة، وقالت ملك "استخدمنا قطعا من ألعاب قديمة، وأدوات منزلية لإتمام صناعة الروبوت".

ولا تقف أحلام ملك وإبراهيم -اللذين يتطلعان لدراسة الهندسة مستقبلا- عند حدود هذا الابتكار، ويحلمان بابتكار روبوتات ذكية أخرى تسهم في حل مشكلات معقدة في غزة، ترتبط بالمجال الطبي، وضبط الحالة المرورية للحد من حوادث الطرق.

نقلا عن الجزيرة نت

البث المباشر