سيناريو صباح الأسيرة سعدية فرج الله – 68 عاما- اعتادت عليه رفيقاتها داخل أحد أقسام معتقل الدامون (الإسرائيلي). تستيقظ فجرا لتتلو ما تيسر لها من القرآن الكريم حتى يتسلل خيط الشمس ليشي بأن تفتيشا صباحيا تجريه مصلحة السجون سيعكر صفوهن.
كانت الأسيرة الشهيدة فرج الله وهي من بلدة إذنا/ الخليل -التفتيش الصباحي- في انتظار "الفورة" - الفترة التي تسمح مصلحة السجون للأسيرات بالخروج إلى باحة المعتقل- لتجلس تحت أشعة الشمس أو تتحدث مع أسيرات من أقسام أخرى، لكن هذه المرة كان موعدها مع الشهادة، لترتقي شهيدة دون سابق إنذار.
الرواية الأولية التي وصلت عبر نادي الأسير الفلسطيني حول ظروف استشهادها، بأنها فقدت وعيها بعد أن انتهت من الوضوء، لتسارع الأسيرات في نقلها إلى عيادة سجن "الدامون" حيث استشهدت.
ثمانية شهور قضتها الأسيرة من أصل خمس سنوات حكم. وقد اعتقلتها قوات الاحتلال قرب الحرم الابراهيمي في مدينة الخليل، أثناء زيارة ابنتها، بعد أن تعرض لها أحد المستوطنين بالاعتداء، وما إن حاولت الدفاع عن نفسها، حتى انهال عليها الجنود بالضرب لتفقد وعيها ولم تستعده إلا في غرفة التحقيق، كما يحكي شقيقها عبد الحليم فرج الله "للرسالة نت".
خبر استشهادها شكل صدمة لعائلتها وللفلسطينيين عامة، رغم أن الحدث يتكرر بشكل مستمر حيث يرتقي من الحركة الأسيرة شهداءً نتيجة الإهمال الطبي المتعمد من مصلحة السجون، إلا أن عمرها كان الاستثناء، كيف يجرؤ المحتل على احتجازها والحكم عليها خمس سنوات وهي في سن كبير؟!.
يقول شقيقها: "أختي الشهيدة قضت معظم فترة اعتقالها في زنازين العزل وحيدة، وتهمتها المزعومة أنها كانت ستنفذ عملية طعن وهذا غير صحيح"، مضيفا: تمكنا من زيارتها مرة واحدة، وكذلك الحديث عبر التلفون مرة واحدة أيضا.
ويذكر شقيقها أنهم علموا بنبأ استشهادها من نادي الأسير، مما سبب لهم صدمة شديدة، لكنهم سرعان ما تماسكوا وبقوا يتواصلون لمعرفة كيفية استلام جثمانها، لكن حتى كتابة التقرير لم يصلوا لأي معلومة.
وكانت الشهيدة تعاني من أمراض الكبر العادية، لكن ما فاقم وضعها الصحي هو تعرضها للاعتداء الهمجي بالضرب المبرح، وبعدها تعرضت للإهمال الطبي، ولم يكتف الاحتلال بذلك بل حرمها الزيارات بحجة المنع الأمني مما فاقم من تدهور وضعها النفسي أيضا.
ويؤكد أن شقيقته الشهيدة، كانت هذه المرة الأولى التي تعتقل فيها، ومرت في ظروف قاسية خلال اعتقالها والتضييق عليها في غرفة التحقيق، دون الاكتراث لكبر سنها، بل مارس المحققون عليها سياسة الإهمال الطبي دون إجراء فحوص دورية لها.
يذكر أن الأسيرة الشهيدة أكبر الأسيرات في سجون الاحتلال سنا، وهي متزوجة وأم لـ8 أبناء، وعدد من الأحفاد.
وبمجرد الإعلان عن استشهادها سادت حالة من التوتر الشديد أقسام الأسرى في السجون، يشملها الطرق على الأبواب، والتكبير والتهليل وإغلاق الأقسام.
وتجدر الإشارة إلى أنه بارتقاء الشهيدة الأسيرة سعدية فرج الله يرتفع عدد الشهداء الأسرى في سجون الاحتلال إلى 230 شهيداً.