تواصل سلطات الاحتلال (الإسرائيلي) السيطرة على الأحياء المحيطة بالبلدة القديمة، وتدمير منازلها، في محاولة لتهويد المنطقة ضمن ما يعرف بـ"الحوض المقدس"، الذي أعلنت (إسرائيل) انطلاق العمل فيه تحت اسم مشروع الحوض التاريخي "المقدس" عام 1999.
ما هو الحوض المقدس؟ وإلى ماذا يهدف (إسرائيلياً)؟، وكيف تتخذه (إسرائيل) ممرا لتهويد المدينة؟!
بدأ العمل بالمشروع عام 1996، ويبدأ من حي الشيخ جراح شمالاً، مرورا بالبلدة القديمة ووصولا إلى بلدة سلوان وسفح جبل المكبر بهدف إضفاء صبغة يهودية على المكان، وفق الباحث المتخصص بشؤون القدس فخري أبو دياب.
وأوضح أبو دياب لـ"الرسالة نت" أن المشروع يعني عمليا مسح آثار ومعالم عربية وإسلامية وتدميرها وخنق البلدة القديمة بالمسارات والبناء والأشكال التهويدية؛ لحجب أهم معلم يدل على هوية المدينة العربية والإسلامية وهو المسجد الأقصى وسور البلدة القديمة من القدس.
وذكر أن مساحة المشروع المسمى بالحوض المقدس تقدر بنحو 15 ألف متر مربع، وبه مبنى من طوابق عدة سيصبح الأول منها متحفا توراتيا وتلموديا لترويج الرواية اليهودية، وتعد منطقة تحكم لـ26 حفرية (إسرائيلية) تتجه من سلوان إلى أسفل المسجد الأقصى والقدس القديم.
ربط ديني وسياسي!
الباحث المقدسي خليل تفكجي، أوضح أن هذا الحوض يحيط بالبلدة القديمة بمدينة القدس، وتمتد مساحته من 2.5 إلى 3كم، وتشمل المقبرة اليهودية في جبل الزيتون وقبور الأنبياء في وادي النار ووادي حلوة ووادي الربابة.
ويقع الحوض برمته جنوب وشرق البلدة القديمة، ويضم بؤرا استيطانية، وتجري فيه عملية تطهير عرقي تدريجي، إلى جوار استهداف المنطقة بالأنفاق تحت الأرض، بحسب تفكجي.
وأوضح تفكجي لـ"الرسالة نت" أنّ الهدف من هذا الحوض، "ربط القضية السياسية بالدينية"، تعبيرا عن قدسية جبل الزيتون والمقبرة اليهودية التي تبلغ مساحتها 300 دونم، وهي أكبر مقبرة يهودية في العالم، باعتبارها مهبط المسيح المزعوم لليهود الذي سيبني الهيكل الثالث".
وأوضح تفكجي أنّ من أبرز المشاريع "السياحية الاستيطانية" التي تدخل في "الحوض المقدس" ما يسمى "مدينة داود"، وهو المشروع الذي تفتخر (إسرائيل) بأنه يستقبل نحو مليون سائح أجنبي و(إسرائيلي) سنويا.
وشُيّد هذا المشروع في وادي حلوة جنوبي الأقصى، ويحاول الاحتلال توسيعه عبر إقامة موقف "جفعاتي" للسيارات الذي يتكون من 6 طوابق ويضم أيضا مركزا تجاريا، تبعا لقوله.
إلى جانب هذا المشروع، أقيم مشروع "الجسر الهوائي" الاستيطاني الذي تدّعي (إسرائيل) أنه سياحي، ويبلغ طوله 240 مترا بارتفاع 30 مترا، ويبدأ من حي الثوري مرورا بأراضي وادي الربابة وصولا لمنطقة وقف آل الدجاني جنوب غربي المسجد الأقصى.
وتبلغ مساحة كل من حي وادي الربابة والبستان ووادي حلوة التي يستهدفها مشروع "الحوض المقدس" نحو 1030 دونما، ويعيش فيها 7350 مقدسيا يعانون من أساليب تضييق مختلفة ترمي إلى دفعهم لهجرة منازلهم وتفريغ الأحياء للمشاريع الاستيطانية وللمستوطنين.
تزييف تاريخي!
الباحث المقدسي جمال عمرو، أوضح أنّ هذا المصطلح الذي بدأ الاحتلال بترويجه بعد 1999، هو سلب لرواية دينية إسلامية، موضحا أن الهدف منه السيطرة على كل ما يطل تجاه المسجد الأقصى والبلدة القديمة، من سفوح الجبال المحيطة به.
والأقصى موجود على تل متوسط تحيط به جبال كان يستفيد منها المسلمون للدفاع عنه، ويمتد لمشروع من البلدة القديمة حتى سفوح الجبل المكبر، بحسب عمرو.
وأكد عمرو لـ"الرسالة نت" أن هذا الحوض يضم 3 أطواق استيطانية، فالأول يحيط بالمسجد الأقصى وأسفله، ويطلق عليه "المشروع التهويدي اورشليم"، ويضم المشروع كنسا وحفريات عملاقة أسفل القصور الأموية والعباسية والجدار القبلي والغربي للأقصى، وتحويل مدينة يابوس لمدينة داوود.
كما يضم قرابة 56 حفرية لجانب قواعد تدوير منطقة حائط البراق المعروف بـ"الحي المغربي وحي شرف"، ثم تدميره وصناعة كنس وأماكن إدارة لليهود، وساحة كبيرة للصلاة فيها، بحسب عمرو.
وبموجب هذا الطوق، جرت تغييرات شاملة في محيط الأقصى، وجرى السيطرة على وداي الجوز وبابي العامود والخليل، تبعا لقوله.
وأشار إلى أن الطوق الثاني امتد لمنطقة خارج البلدة القديمة، واستهدف حي الشيخ جراح ومحيطه، وصولا لجبل المشارف "التلة الفرنسية"، ثم جبال الزيتون ورأس العامود، وصولا لبدايات جبل المكبر.
أما الطوق الثالث، فهو الجبل الأبعد ممثلا بجبل المكبر، وما يحيط به من جبال الطور ووادي رابعة العدوية، مشيرا إلى أنه تم وضع طوق استيطاني كبير يضم محطات للمستوطنين ومناطق للصلاة، إلى جانب كونه يضم أكبر مقبرة يهودية في العالم، وهي أوسع من المسجد الأقصى في المساحة وتقابله من الناحية الشرقية، وتقع على طريق أريحا وملاصقة للكنيسة الجثمانية، بحسب عمرو.
وتابع عمرو: "يعتقد اليهود أنّ هذه المنطقة هي منطقة الحشر، وسيخرجون منها إلى باب الرحمة مباشرة ثم سيغلقون الباب في وجه الآخرين، "ثمن القبر غالٍ جدا جدا اذ يتدافع اليهود لشراء قبور في المقبرة".
ونبه إلى أنه ستبنى في هذا الطوق كلية عسكرية ومرافق للشرطة والاستخبارات ويحيط بجوار السفارة الأمريكية وقصر المندوب السامي.
ما بعد هذه الاطواق، يمتد الحزام الاستيطاني ليطال الجزء الشرقي بالكامل من مدينة القدس، ويضم قرابة 240 ألف مستوطن.