قائمة الموقع

لقاء هنية وعباس في الجزائر: قراءة ودلالات

2022-07-06T22:12:00+03:00
 د. إياد شقوره
 إياد شقوره

احتفلت الجزائر الشقيقة بذكرى استقلالها الستين عن فرنسا والذي كان بتاريخ 5 يوليو 1962، وقد حضر الحفل العديد من قادة الدول والوفود والشخصيات الكبرى والتي كان من بينها وفدا حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والسلطة الفلسطينية. وفد السلطة يترأسه محمود عباس ويضم رئيس جهاز المخابرات ماجد فرج ونائب رئيس الوزراء ياسر عمرو، بينما ترأس السيد إسماعيل هنية وفد الحركة الذي ضم القيادي البارز د. سامي أبو زهري وآخرين.
وقبل الحديث عن دلالات اللقاء الذي جمع بين الوفدين في ضيافة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في قصر المؤتمرات غربي الجزائر، لابد من تسليط الضوء على الحفاوة الشديدة التي استقبل بها وفد الحركة والمكانة الخاصة التي حظي بها السيد هنية من خلال جلوسه بين كوكبة من قادة الجيش الوطني الجزائري أسوة بالرؤساء والزعماء وقادة الدول، إضافة إلى هتاف الجيش خلال الاستعراض باسم "غزة" الأمر الذي ينم عن عمق العلاقة بين البلدين الجزائري والفلسطيني وكذلك المكانة التي تحظى بها المقاومة الفلسطينية وقيادتها.
أمّا بخصوص اللقاء الذي جمع بين هنية وعباس يوم الثلاثاء 5 يوليو في القصر الرئاسي والذي بدا مفاجئا للبعض، فإنّ الناظر لطبيعة الدعوة التي جمعت الطرفين يعلم أنّ الأمر كان مخططا له وقد أحدث في ذلك اختراقات من عدة نواح:
الأول: نجحت القيادة الجزائرية في الجمع بين الفرقاء الفلسطينيين في لقاء وصفه التلفزيون الجزائري بـ "التاريخي" وهو الأول منذ عام 2016 بعد اللقاء الأخير الذي جمعهما في العاصمة القطرية الدوحة.
الثاني: يعد هذا اللقاء النادر نجاحا سياسيا للدبلوماسية الجزائرية من خلال مواصلتها الخطو في مسار المصالحة، ففي حين ينظر بعض الكتّاب والمحللين للقاء على أنه شكلي وبرتوكولي ولم يكن سوى مجاملة للأشقاء في الجزائر، إلا أنه –في تقديري- يأتي استكمالا لخطوات سابقة على طريق تحقيق المصالحة. ففي ديسمبر من العام 2021 وعلى هامش زيارة الرئيس عباس للجزائر، أعلن رئيسها في ذلك الحين الدعوة لمؤتمر يجمع الفصائل الفلسطينية قبل انطلاق مؤتمر القمة العربية المقرر عقده في الجزائر في الأول من نوفمبر 2022. وفي 21 مايو المنصرم من العام الحالي، جددت الرئاسة الجزائرية دعوتها الفصائل لاستكمال مسار المصالحة الوطنية مما يؤكد على أنّ عملها يندرج ضمن خطة واضحة وأجندة محددة. ويأتي هذا اللقاء ليكون خطوة تعزيزية جديدة تدل على جدية الجزائر في لعب دور تاريخي لأجل طيّ صفحة الانقسام المستعصية منذ العام 2007.
الثالث: تأتي خطوة الجزائر هذه في ظل حالة تراجع الدعم العربي والإسلامي للقضية الفلسطينية من خلال اتجاه بعض الدول للتطبيع مع الكيان الصهيوني، وانشغال البعض الآخر بملفات دولية وإقليمية تببدو -بالنسبة لهم- أكثر أولوية. ويبدو أنّ الجزائر تريد القيام بدور أكثر أهمية في المنطقة متخذة من مؤتمر القمة العربية نقطة انطلاق لذلك. وقد تجلت خطواتها في دعوة الرئيس التونسي لحضور الاحتفال بذكرى الاستقلال وفتح الحدود مع تونس بعد إغلاق دام لأكثر من سنتين، إضافة إلى مؤتمر الفصائل الفللسطينية الذي يسبق مؤتمر القمة الذي ربما يكشف عن خطوات لاحقة في هذا الصدد.
وبالنسبة لي كفلسطيني ورغم يقيني بحجم التأثير الجزائري المعزوّ إلى التقارب التاريخي والعاطفي، فإنني أدعو إلى عدم الإفراط في التفاؤل أو حتى رفع سقف التوقعات نظرا للتجارب المتراكمة في ملف المصالحة تحديدا. ومع هذا يبقى السؤال الجوهري والمحيّر في ذات الوقت: هل سيشهد 15 نوفمبر القادم إعلانا حقيقيا للمصالحة الفلسطينية كما تم إعلان الاستقلال من نفس المكان وفي ذات التاريخ يوما ما، أم أنها ستكون إعلان انتكاسة جديدة ومحاولة غير موفقة تنضاف إلى الإخفاقات التي سبقتها؟!!

اخبار ذات صلة
فِي حُبِّ الشَّهِيدْ
2018-04-21T06:25:08+03:00