قائمة الموقع

"العصف المأكول".. فرض لمعادلات فصولها لا تزال تُكتب

2022-07-07T09:20:00+03:00
الرسالة نت - غزة

مع مرور ثمانية أعوام على معركة العصف المأكول، التي شكلت بداية تحول في تاريخ الصراع مع العدو الصهيوني، وفيها أسست المقاومة لمعادلات صعبة لا يمكن للعدو أن يتجاوزها.

ومع استفراد العدو بأبناء شعبنا في الضفة المحتلة ومدينة القدس وقطاع غزة، وبعد حادثة أسر وقتل المستوطنين الثلاثة في الخليل والتي جاءت ردا على حرق المستوطنين الطفل محمد أبو خضير في القدس، واستهدافه نفقا للمقاومة شرق رفح صيف عام 2014م، قررت كتائب القسام الرد عدوان الاحتلال بشكل قوي لتخوض معركة العصف المأكول دفاعا عن شعبنا وحرماته.

قدمت المقاومة نموذجاً فريداً خلال معركة "العصف المأكول"، نتيجة لاستخلاصها الدائم للدروس والعبر من المعارك السابقة، وتحويل هذه الدروس إلى سياسات وعقيدة تدريب، وأساليب قتال تُتَّبع بعد كل جولة تصعيد أو حرب.

فخلال معركة العصف المأكول حرصت المقاومة الفلسطينية على تدمير نظرية الأمن المزعوم في العمق الصهيوني، فاستهدفت العمق، وصبت في أركان الكيان أتون النار، ولأول مرة منذ نشأة الكيان الغاصب، أمطرته بالصواريخ من حيفا حتى ديمونا، حتى غدت حياة المستوطنين في الملاجئ جحيما لا يطاق، وذهب أمنهم أدراج الرياح.

النفس الطويل

اتبعت المقاومة في معركة العصف المأكول سياسية النفس الطويل التي فاجأت بها العدو، وسطرت قصة صمود لـ 51 يوما، وأثبتت للعدو أنها أعدت نفسها لمعركة طويلة وقادرة على مواجهة الاحتلال حتى تحقيق أهدافها، كما بيّن قائد هيئة الأركان في كتائب القسام أبو خالد الضيف في خطابه خلال المعركة " نؤكد جاهزيتنا واستعدادنا جيداً لهذه اللحظة، وأننا نعمل وفق سيناريوهاتٍ وخطط مسبقة، لا نتعامل بردة فعل رعناء كما يفعل قادة العدو المجرم، وقد بذلنا كل جهدٍ ممكن".

كما رسخت المقاومة خلال معركة العصف المأكول معادلة أن أرض غزة محرمة على جيش الاحتلال، وأنه يدخل أول منازل الآخرة عند وضع أول جندي قدمه في أرض غزة، وأنه لن يكون حليفه إلا الهزيمة والخيبة والموت الزؤام.

وفي إطار استعداداتها لخوض معركة استنزاف وقدرتها على المواصلة، أعلنت كتائب القسام خلال معركة العصف المأكول أنها رممت كل ما فقدته من عتاد خلال المعركة، وأنها ماضية في تحقيق أهداف شعبنا وتطلعاته.

إساءة الوجه

أرادت المقاومة خلال معركة العصف المأكول إساءة وجه قادة الاحتلال وكشف عورته وهدم أسطورية جيشه المزعومة من خلال قصف مركز الكيان برشقات صاروخية أمام الإعلام في تحدٍ واضح وصريح، حيث أعلنت كتائب القسام في الثاني عشر من يوليو عام 2014م وخلال معركة العصف المأكول أنها ستقصف تل أبيب برشقات صاروخية في تمام الساعة التاسعة مساءً، وتحدت جيش الاحتلال بكل منظوماته أن يعترض هذه الصواريخ.

في تمام التاسعة مساءً نفذت كتائب القسام تهديدها، وعانقت صواريخها سماء تل أبيب، لتظهر الفشل الذريع الذي مُنيت به القبة الحديدية، كما أعلنت الكتائب أن الصواريخ التي استهدفت بها تل أبيب هي محلية الصنع طورها مهندسو القسام، وأطلقت عليها أسمه J80 تيمنا بالقائد الشهيد أحمد الجعبري.

القصف بالقصف

كما فرضت المقاومة خلال المعركة معادلة القصف بالقصف، وكانت تركز على قصف مواقع العدو العسكرية والمنشآت الحساسة، فاستهدفت مطار بن غوريون، ما دفعت العدو إلى حظر حركة الطيران فيه.

ومع بدء مفاوضات إطلاق النار بالقاهرة وضعت المقاومة شروطها على الطاولة، وهددت العدو ما لم يستجب لها بأنها ستدخله في حرب استنزاف طويلة تشل فيها الحياة في مدنه الكبرى، وتعطل الحركة في مطار بن غوريون لأشهر طويلة، وتكبده خسائر اقتصادية كبيرة.

ومع تمادي الاحتلال في عدوانه وجرائمه بحق شعبنا، حذرت المقاومة شركات الطيران العالمية من الوصول إلى مطار "بن غوريون" ووقف الرحلات منه وإليه، إضافة إلى ذلك حذرت من التجمعات الكبيرة لجمهور العدو في الأماكن المفتوحة والملاعب، وأوعزت للمستوطنين بعدم العودة إلى بيتوهم، والبقاء في الملاجئ، وأن ذلك سيبقى ساري المفعول حتى إشعار من قائد هيئة الأركان محمد الضيف.

المعادلة التي خطتها المقاومة، تصدقها الأرقام، حيث برز تطور أدائها وقدراتها في عملياتها النوعية خلال المعركة بقتل 72 صهيونيا معظمهم من الجنود، وإصابة أكثر من 2000 آخرين، إضافة إلى كونها المعركة التي خلفت أكبر عدد من الجنود الذين أصيبوا بإعاقة نتيجة القتال، والذي وصل عددهم إلى 322 معاقا، إلى جانب هروب المئات من الخدمة العسكرية، عدا عن إصابة 3000 جندي بصدمات نفسية.

فصول كتبتها المقاومة بدماء قادتها ورجالها، وبمعركة الإعداد والتجهيز الطويلة والممتدة، وأثبتت للعدو فشل تقديراته وتوقعاته، لكنها بعد كل معركة تعض على الجراح وتعود أصلب عودا وأقوى شكيمة، وفي جعبتها ما يسوء وجه الاحتلال وقادته.

ما بعد معركة العصف المأكول راكمت المقاومة الإنجازات، وعززت قدراتها حتى معركة "سيف القدس" والتي شهدت قفزة نوعية في تطور الأداء، متقدمة خطوة إضافية في الصراع مع العدو، وثبتت قواعد اشتباك جديدة على طريق التحرير والعودة.

اخبار ذات صلة