يعدّ منع السفر من أكثر الإجراءات الإسرائيلية شيوعا لمعاقبة الفلسطينيين الذين يشتبه الاحتلال بعلاقتهم بنشاطات للمقاومة الفلسطينية، بل يصل الحد إلى أبعد من ذلك إلى إمكانية فرض "منع السفر" على الفلسطينيين الذي ينشطون في مؤسسات حقوقية ووطنية أو يعبرون عن رأيهم الرافض للاحتلال وسياساته.
الباحث والأسير المقدسي المحرر ماجد الجبعة يعاني من سياسة "منع السفر" بحسب ما أوضح، مشيرا إلى أنه ممنوع من السفر منذ 10 سنوات بقرار من الشاباك (الإسرائيلي)، وذلك بذرائع أمنية، وخلال هذه المدة اعتقل لأكثر من ستة أعوام بشكل متقطع، وجرى إبعاده عن مدينة القدس لأكثر من عامين.
الاحتلال (الإسرائيلي) يضيق على الناشطين المقدسيين عبر "منع السفر" يقول الجبعة، موضحا أنه يتم التضييق عليهم من خلال إصدار قرارات في غالبها لا تستند لأي مسوغ قانوني وإنما تحت بند الملف السري المقدم من ضابط الشاباك والمنع طال الشيوخ وكبار السن والنساء وكذلك الشباب'.
ويؤكد أن غالبية الذين تم منعهم من السفر، أسرى محررون قضوا سنوات داخل الأسر، أو من الناشطين الذين تم اعتقالهم على خلفية أحداث القدس والأقصى، مبينا أن هذه الإجراءات لا تؤثر على الناشط وحده بل تشمل جميع أفراد عائلته ومحيطه الاجتماعي والذين بشكل تلقائي سيتأثرون بفعل تقييد حركته.
وقد يتحول القرار الخاص بمنع السفر إلى عقوبة جماعية، فهناك العديد من أصدقاء الأسير المحرر الجعبة أُصدر بحقهم قرار منع سفر وأُبعدوا عن المسجد الأقصى، والذريعة أن لهم علاقة بشخص تصنفه مؤسسة الاحتلال الأمنية على أنه خطير، وقد يصل الأمر حد المساومة، إما قطع العلاقات مع هذا الشخص أو الإبقاء على قرار منع السفر، يوضح الجعبة.
وفي السياق يرى الباحث المقدسي فخري أبو دياب أن منع المقدسيين من السفر، عقوبة يفرضها الاحتلال على النشطاء ومن يقومون بفضح ممارسات الاحتلال والاحتجاج على انتهاكاته ومقاومته بالفعل أو الكلمة، وبالتالي فإن الإجراء يُراد منه ردع المقدسيين وخاصة النشطاء منهم.
ويضيف، أن الاحتلال يحاول تجريد المقدسيين من حقوقهم الطبيعية، ومنعهم من توصيل رسالة القدس في المؤتمرات والندوات الخارجية خاصة وأن حكومة الاحتلال تريد إبقاء رقابتها على ما يقوله أي ناشط على وسائل التواصل الاجتماعي وهي تخشى وصول الحقيقة بشكل مباشر.
ويشير إلى أن هذه إجراءات تعسفية مخالفة للقانون الدولي، ولو كان لدى الاحتلال إي إشارة بأن هذا الناشط سوف يسافر ولن يعود، لسهّل له عملية السفر، لكنه يعلم أنه سيعود للقدس، بينما في الذرائع التي يقدمها لـ"منع السفر" أن هناك خشية من عدم عودة الشخص الذي صدر بحقه القرار.
رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد ناصر الهدمي هو الآخر أُصدر بحقه قرار منع سفر شمل كل أفراد أسرته.
ويوضح أن هذا الإجراء أو القرار هو أحد أشكال التنكيل بالمقدسي ومحيطه الاجتماعي، وعقاب جماعي الهدف منه ردع المقدسيين وحرمانه من حقه الطبيعي بالحركة والتنقل.
ويؤكد الهدمي أن الاحتلال يريد قطع التواصل بين المقدسيين والمؤسسات الخارجية وبالذات المقدسيين الذين ينشرون حقيقة ما يجري في القدس، وينقلون الصورة الحقيقية للعالم الخارجي، بالإضافة لخشية الاحتلال من محاولة النشطاء المقدسيين تجنيد الأموال اللازمة لتعزيز صمود المقدسي وتحسين أوضاعه الاقتصادية.
وفق الباحث المقدسي عبدالله معروف فإن قرار "منع السفر" ينتهك أبسط حقوق الإنسان التي كفلها القانون الدولي الإنساني، وعملية ضغط إضافية على المقدسيين الهدف منها تخويف وإرهاب النشطاء والمؤثرين، ومحاولة ثنيهم عن معارضة إجراءاته المجحفة بحق القدس والمقدسيين خوفاً من تقييد حريتهم في السفر والتحرك خارج البلاد حتى لأداء مناسك الحج والعمرة، وهذا بحد ذاته يعتبر إرهاب دولةٍ بكل معنى الكلمة.
وينص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أن لكل فرد يوجد على نحو قانوني داخل إقليم دولة ما حق حرية التنقل فيه وحرية اختيار مكان إقامته، ولكل فرد حرية مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده.
المصدر: القسطل