قائد الطوفان قائد الطوفان

بعد عامين من استهدافهن

"نساء الأمن والحماية" .. يواصلن العمل رغم الجراح

الرسالة نت - آلاء النمر

وجهت الأوامر لهن بالتوجه إلى أماكن العمل التي حددتها مسؤولة النساء في جهاز الأمن والحماية، صباح يوم السابع والعشرين من شهر ديسمبر.إنهمكن في تجهيز خطة عمل اليوم داخل مقر منتدى الرئاسة السابق, إمتزجت تلك الأجواء بحديثهن الإيماني قائلات: "كل وحدة منا تستغفر يا جماعة".

فجأة ودون سابق إنذار إنقضّت الصواريخ الصهيونية على المكان المكون من طابقين دون رأفة.وأثناء توجه "الرسالة" نحو مقر نساء الأمن والحماية لتلتقي بالناجيات من تلك الضربة البشعة, كان المقر مُعدا للإخلاء بسبب تحليق طائرات الاحتلال المقاتلة.

رائدة أبو عجوة رئيسة مسؤولة النساء في جهاز الأمن الداخلي كانت إحدى المصابات داخل المقر المستهدف في أول أيام العدوان على قطاع غزة. وضعت القلم وأوراق العمل جانباً وبدأت بالحديث باستنكار: "لم أذكر بأني قد اقترفتُ ذنبا مزعجا أو مؤذيا هزّ ذاك الكيان المسخ ليدفعهم إلى مثل تلك الجرائم المنافية للأخلاق والقوانين الدولية سوى أنني أحببت وطني".

وبنبرة الألم التي استدعتها الذاكرة تقول :" بعد أن قصف المكان فجأة كان جسدي باستثناء رأسي تحت الأنقاض وبعد أن أفقت من غيبوبة أصابتني سمعت تنهيدات وآهات تخرج من أعماق الأنقاض , أردت أن أنتزع الحجارة عن جسمي وأنقذ صديقاتي ولكن دون جدوى".

تواصلُ رسم المشهد كما عاشته "أردت أن أصرخ ولكن لا أعرف ما حلّ بي وكأن أحدا يُمسك بأحبالي الصوتية , بدأت أرى صديقاتي يحملن على شيالة الموتى بأشلاء ممزقة , وأنا ما زلت أشعر بألم حاد لا يمكن وصفه تحت الأنقاض".

وأشارت أبو عجوة إلى أنه قد نتج عن الاستهداف البشع استشهاد كل من نازك أبو رية والتي تحمل بداخلها جنينا عمره سبعة أشهر وهدى زهد وهي الأخرى حامل في الشهر الثالث وإصابة باقي الجهاز المداوم في شفت ذاك اليوم.

وإن كانت الشهيدة الحاجة فاطمة النجار قد رحلت فإنها تركت خلفها جيشا نسويا يواصل المشوار بعد رحيلها , إحداهن زوجة إبنها الشهيد.

وتحدثت الثلاثينية عبيدة النجار الأم لثلاثة أطفال عن المجزرة التي ارتكبت بحقها ورفيقاتها أثناء عملهن: "الضربة التي لا تميتنا تزيدنا قوة ولا نعترض على قضاء الله وقدره بل هو فخر لنا ودافع قوي لمواصلة عملنا وبهمة أقوى".

أصيبت عبيدة في رأسها مباشرة كما انتشرت الكسور في جسدها وعن ذلك تقول :"لم أتوقع لحظة واحدة بان أبقى على قيد الحياة فكنت أنتظر لحظة خروج الروح وكنت أنطق بعبارات مختلفة خلال غيبوبتي أردد فيها .. أريد أن أرجع إلى عملي".

وتضيف بنبرة تحد: "بعد الإصابة كانت معارضة رجوعي إلى العمل شديدة، لأنه محفوف بالمخاطر، ثم تلت الآية: "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا" , سائلة المولى بأن تلقى ربها شهيدة كباقي زميلاتها.

وتشير عبيدة إلى أنهن تلقين راتب أول شهر من عملهن حديث الولادة على فراش المرض خلال أيام العدوان على قطاع غزة حيث بدأن بالعمل منذ 35 يوما قبل بداية الحرب.

على يمين عبيدة جلست شابة عشرينية كانت إحدى جريحات ذلك اليوم , تحدثت أحلام المبحوح "للرسالة" بآهات مكتومة عن لحظات الحرب الرهيبة التي عايشتها قائلة: مرت لحظة القصف علي كدوامة ظلام ولم أشعر بما حدث حيث رحت في غيبوبة عميقة إلى أن فقت وأنا ملقاة على فراش مستشفى الشفاء الذي يعج بالجرحى.

وتشير أبو عجوة إلى نساء انضممن إلى جهاز الأمن الداخلي بمحض إرادتهن, منوهة إلى أنها كانت مؤهلة لتصبح معيدة في الجامعة الاسلامية وفي الوقت نفسه يؤهلها حفظها للقرآن بالعمل في وزارة الأوقاف لكنها آثرت هذا العمل.

تعددت جراح هؤلاء النسوة ماضين في علاجها إلى تلك اللحظة ولكن كلمة الصمود والثبات التي خرجت من أفواههن كانت واحدة , ورغم جراحهن ما زلن يواصلن أعمالهن على الخط الأحمر الذي يحده الخطر من كل جانب.

البث المباشر