من الواضح أن نموذج المقاومة المسلحة الذي انطلق من مخيم جنين، أصبح يمتد لباقي مدن الضفة المحتلة، ويشكل تحديا كبيرا لدوريات وجيش الاحتلال، الذي كان يستبيح المدن في وضح النهار.
واندلعت الليلة الماضية، اشتباكات بين المقاومة الفلسطينية، وقوات الاحتلال، إثر اقتحامها مدن فلسطينية في الضفة الغربية والقدس المحتلتين.
ولأول مرة منذ سنوات أطلق مقاومون الرصاص بكثافة صوب قوات الاحتلال التي اقتحمت حي الطيرة غرب مدينة رام الله، واندلع اشتباك مسلح في المكان وسمع صوت إطلاق كثيف للنار في المنطقة.
وفي طوباس، اشتبك مقاومون فلسطينيون مع قوات الاحتلال خلال اقتحامها المدينة أمس، ومحاصرتها أحد المنازل الفلسطينية وشنها حملة اعتقالات.
واتسعت في الآونة الأخيرة رقعة المقاومة المسلحة في الضفة الغربية، والتي وصلت إلى رام الله والخليل بعد نابلس وجنين وطولكرم وطوباس، وشهدت الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس المحتلة خلال شهر يونيو/حزيران المنصرم، المئات من عمليات المقاومة للاحتلال (الإسرائيلي) ومستوطنيه، ومزيدًا من حالة الاشتباك الميداني.
ووثق مركز معلومات فلسطين “معطى” خلال تقريره الشهري لأعمال المقاومة بالضفة، (649) عملاً مقاوماً، فيما جُرح (26) (إسرائيلياً) بعضهم بجراح خطرة.
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي أيمن الرفاتي أن تصاعد عمليات المقاومة بالضفة وإطلاق النار يأتي في وقت يسعى فيه الاحتلال لحالة من الهدوء وفرض السياسية التي ينتهجها رئيس حكومة العدو (الإسرائيلي) يائير لبيد والتي تتمثل بالهدوء مقابل التحسين الاقتصادي.
ويوضح الرفاتي في حديثه لـ "الرسالة" أن العمليات تضرب هذه الخطة وتؤكد أن الفلسطيني- مهما كان هناك محاولات لتدجينهم والسيطرة عليهم بالوضع الاقتصادي- لن يتخلى عن المقاومة.
ويؤكد أن هناك تصاعدا ونمو للمقاومة التي بدأت تمد لمناطق جديدة في الضفة ومناطق كان يعتبرها العدو هادئة ولا تنطلق منها عمليات أصبحت تتحرك، وهو دليل على أن روح وفكر المقاومة ينتشران بالضفة.
ويبين أن المواطن أصبح يدرك أنه لا حل أمام تغول الاحتلال إلا مواجهته وخاصة بالمقاومة المسلحة، كون أنه الخيار الذي أثبت نجاعته في الضغط على العدو وزاد تكلفة الاحتلال.
ويشدد الرفاتي على أن نموذج جنين خلال الفترة الماضية بدأ يحفز المناطق الأخرى ويعطي الفلسطينيين الأمل ويكسر حالة الإحباط التي كانت يشعر بها الفلسطيني نتيجة هجمات الاحتلال.
ويوضح أن ما يجري يشير إلى أن المقاومة الفلسطينية في الضفة لا يمكن القضاء عليها وهي متجذرة، وعمليات الملاحقة والاعتقالات لا جدوى لها والمقاومة تنمو رغم العمليات، إلى جانب أن التنسيق الأمني لم يعد له جدوى في القضاء على العمل المقاوم.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف أن الشعب الفلسطيني يريد أن يرسل رسالة للاحتلال والإدارة الامريكية بأن المقاومة هي الخيار الوحيد ولن تتوقف، وأن الأمن والأمان لن يتحقق طالما يؤمن بحقه في أرضه ومقاومته.
ويضيف الصواف في حديثه لـ"الرسالة" أنه ليس غريبا ما يحدث بالضفة من عمليات إطلاق نار ودهس وتصعيد المقاومة، مما يؤكد أن زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لم تؤثر على الشعب الفلسطيني ومقاومته، وإنما زادت من إصرار شعبنا على التمسك بمقاومته وحريته.
ويبين أن الاحتلال يدرك بأن تصاعد المقاومة باتت تشكل معضلة له، بعدما كان في السابق يستبيح مدن الضفة دون أي مقاومة أو ردع، الأمر الذي يجعله سيعيد التفكير في تعامله مع الضفة.