توافق اليوم الذكرى السنوية الثامنة عشر لاستشهاد القسامي المجاهد باسل محمد أبو شهاب من مخيم طولكرم، والذي ارتقى في 19 تموز/ يوليو 2004، بعد تفجير وحدة خاصة من جيش الاحتلال المنزل الذي كان متواجداً فيه، عقب عدد من المحاولات الفاشلة.
ولد باسل في بلدة صيدا بتاريخ 27 تموز/ يوليو 1977، ونشأ وترعرع في مخيم طولكرم، وارتاد منذ نعومة أظفاره دروس العلم والقرآن في المساجد.
ويعد شهيدنا باسل ضمن قافلة طويلة من شهداء كتائب الشهيد عز الدين القسام في مخيم طولكرم، والذي احتضن جند القسام وما زال.
حكايته الأولى
انضم باسل إلى صفوف كتائب القسام مع انطلاق أحداث انتفاضة الأقصى، وكانت حكايته الأولى مع القائد الراحل سائد عواد، مهند صواريخ القسام في شمال فلسطين، والذي استشهد على أرض طوباس خلال اجتياح نيسان/ أبريل 2002 مع القائد قيس عدوان ورفاقه.
عمل باسل ضمن مجموعة قسامية شكلها سائد، وكانت مهمتها متخصصة في إنتاج وإطلاق صواريخ القسام، وشهد شهيدنا إطلاق أول رشقة من صواريخ الكتائب من طولكرم تجاه مغتصبة نتانيا، وكان فرحاً ومسروراً بهذا الإنجاز الجهادي.
وشكلت عملية إطلاق الصواريخ من طولكرم، بداية عملية مطاردة لهذا لفارس القسامي، ولمع اسمه في سماء طولكرم بعد اعتقال أعضاء خلية الثأر المقدس القسامية بقيادة المهندس عباس السيد، والتي نفذت عملية "بارك" البطولية.
لم تكن الصواريخ حكاية باسل الوحيدة، فقد كان النجم اللامع في عالم الاشتباكات المسلحة ونصب الكمائن لجنود الاحتلال في محيط طولكرم، وخاض العشرات منها.
واتهمته سلطات الاحتلال بالضلوع في عملية اقتحام مغتصبة "أفي حيفتس"، والتي نفذها الاستشهادي رمزي العارضة من مخيم طولكرم، واعترف العدو بمقتل مستوطن وإصابة عدد آخر.
محاولات اغتيال فاشلة
تعرض شهيدنا القسامي باسل لمحاولة اغتيال فاشلة، حينما كمنت وحدة صهيونية خاصة له قرب المسجد الكبير بطولكرم، أثناء سيره مع الشهيد محمد عوفي، لكن إرادة الله وقضاؤه كتبت له النجاة من موت محقق، إذ استشهد رفيقه عوفي على الفور، فيما أصيب باسل إصابة بالغة.
ومكث باسل إثر إصابته فترة طويلة يتلقى العلاج في مخبئة إلى أن شافاه الله، وكانت إصابته في الصدر وفي مكان قاتل، وعاد باسل من جديد لمقارعة المحتل.
وقبل استشهاده بشهرين، نفذ الاحتلال جريمة اغتيال بشعة بحق المجاهد القسامي أشرف ظاهر نافع، وكان بصحبته باسل، وكما في المرة الأولى أصيب باسل برصاصات قاتلة في الجزء العلوي من جسده، ولكن الله نجاه وتلقى العلاج في مخبئة للمرة الثانية جراء إصابته البالغة.
وكان شهيدنا باسل وثلاثة من رجال المقاومة القسامين متحصنين في منزل في أحد أزقة المخيم، ومع تشقق خيوط الصباح وإذ بعدد من جيبات الاحتلال العسكرية تقترب من المكان، ولفترة من الزمن اشتبكوا مع مقاتلي القسام، وقام شبان المخيم برشقهم بالحجارة، فانسحبت الآليات من المنطقة.
وظن المجاهدون أن المنطقة باتت آمنة من أجل تغيير مواقعهم، خاصة وأن الناس قد بدأوا بالخروج إلى الشوارع، وهنا نصح باسل رفاقه بعدم الخروج خوفاً من كمين غادر، فخرج الأخوة وإذ بأفراد من الوحدات الخاصة يكمنون لهم في أحد المنازل، ليبدأ إطلاق النار الكثيف.
موعد الشهادة
يشاهد باسل ما حدث لرفاقه، وهو لا يبعد عنهم سوى أمتار، فيمتشق سلاحه ويبدأ بالاشتباك مع جنود الاحتلال، ويقترب من رفاقه، محاولاً إنقاذهم من مصيدة الموت، بعد أن أثخنتهم الجراح، فيصاب في خاصرته إصابة بالغة، وأيضاً كما حدث له سابقاً يكتب الله له النجاة، ويستشهد اثنين من جند القسام في طولكرم، وهما أمجد عمارة وأشرف نافع.
وفشل الاحتلال في أكثر من مرة في اعتقال باسل، رغم مداهمة منزل عائلته ونصبه الكمائن المتكررة، وحاولت جيش الاحتلال الضغط على شهيدنا القسامي ليقوم بتسليم نفسه، من خلال اعتقال أخوته الثلاثة، لكن جميع محاولات الاحتلال باءت بالفشل.
وكان باسل يختبئ في غرفة انزوائية في المنزل، فلا يستطيع جنود الاحتلال العثور عليه كلمات اقتحموا بيته، وظل باسل على هذا الحال فترة طويلة، إلى أن تم اعتقال أحد المقاومين واعترف بهذه المعلومة تحت طائلة التعذيب العسكري القاسي.
وسارعت قوة خاصة من جيش الاحتلال إلى منزل الشهيد باسل، ونسفت الغرفة التي كان يختبئ بها، وأطرافاً من المنزل، وهدمت السرداب، ليكون المجاهد القسامي هذه المرة على موعدٍ مع الشهادة.