قائمة الموقع

من يجرؤ على اغتيال الشاعر؟

2022-07-23T13:31:00+03:00
فاطمة الزهراء العويني

المتتبع لتطورات الأمور في الضفة الغربية يدرك بما لا يدع مجالاً للشك أنّه لا يمكن لأي جهة كانت أن تستهدف شخصية بحجم القائد ناصر الدين الشاعر دون أنْ تكون مدعومة من جهاتٍ متنفذة في السلطة الفلسطينية، ما يجعلها تمتلك ضمانات بأن تظل حرة طليقة دون محاسبة.

وليس ببعيدٍ عنا اغتيال عناصر أمنية من السلطة للمرشح في الانتخابات التشريعية المعطلّة نزار بنات، والذي لم يفت في عضد السلطة كل الغضب الشعبي والفصائلي الذي رافق هذه العملية الإجرامية، فأطلقت سراح المتهمين بقتله ووضعت التحقيقات في مقتله في الدرج.

فغياب المحاسبة في اغتيال الناشط والمعارض السياسي بنات على يد قوة أمنية فلسطينية - رغم مرور أكثر من عام على الحادث -هو ما فتح شهية تلك الأجهزة للمزيد من الاغتيالات، فعلى الرغم من أن أصداء تلك الجريمة ما تزال حاضرة على الصعيدين المحلي والدولي، لكن السلطة تتجاهل محاسبة المسؤولين عنها.

هذه الأيدي الأمنية ذاتها هي مَنْ تعتقل الشخصيات الفاعلة وعدد من خيرة شباب الضفة وتعذبهم في سجونها، وحاولت مراراً اغتيال شخصيات فلسطينية بارزة عُرف عنها معارضتها لنهج "التسوية"، كالدكتور عبد الستار قاسم، والشيخ حامد البيتاوي رحمهما الله.

ولم تتوقف يوماً تلك الأجهزة الأمنية عن محاولات الاغتيال فاستهدفت شخصيات وطنية وحدوية كالشيخ خضر عدنان عدة مرات، ولم تكن محاولة اغتيال " الشاعر" هي الأولى فقد سبق أن أُطلقت النيران على منزله.

 فمحاولة اغتيال نائب رئيس الوزراء السابق الشاعر هو فصل جديد في وأد أي آمال بتحقيق وحدة وطنية يوماً ما في ظل القيادة الحالية للسلطة التي لم تكتفِ بإدارة الظهر لكل محاولات رأب الصدع بل أيضاً تستهدف شخصيات تتمتع بإجماع شعبي لكونها من أهم دعاة الوحدة ونبذ الفصائلية في مجتمعنا الفلسطيني.

فالشاعر الذي شغل منصب نائب رئيس الوزراء ووزير التربية والتعليم في عهد الحكومة العاشرة "حكومة الوحدة الوطنية" ظلّ منذ ذلك الحين ينافح ضد الانقسام، محافظاً على علاقاته بجميع فصائل العمل الوطني والإسلامي، ولا يترك فرصة يرى فيها أملاً في إعادة اللُحمة إلا ويكون أول المبادرين والحاضرين، وهو دورٌ يبدو أنه لم يرق لدعاة الانقسام.

بيد أن بداية الاستهداف الجسدي له بدأت وهو يحاول حل "إشكاليات حدثت بين أمن جامعة النجاح التي يعمل محاضراً فيها وعدد من الطلبة" حيث تم الاعتداء عليه بالضرب، وهو يُخلِص الطلبة من أيدي أمن الجامعة حتى أن ملابسه تخضبت بدمائهم وظل بعدها ينادي بإعادة الاعتبار لهؤلاء الطلبة، ليتعرض منزله ومنزل شقيقه بعدها بأيام فقط لإطلاق نار بدا وكأنه تحذير واضح له من الاستمرار في هذا الطريق المزعج لأولي الأمر بالضفة.

لكن يبدو أن استمرار الدكتور الشاعر في دعواته لوقف الاعتداءات على الديمقراطية وحقوق الناس، جعل الكارهين له يرون أن لا حلّ معه سوى "قتله" كما فعلوا قبل ذلك مع نزار بنات، في رسالة ترهيب واضحة لكل الأصوات المنادية بتغيير الوضع القائم في الضفة الغربية والتي علَت كثيراً بعد اغتيال الشهيد بنات، وتعطيل السلطة للانتخابات التشريعية في مايو الماضي لتصادر حق الناس في اختيار ممثليها بشكلٍ فج.

اخبار ذات صلة