لنت منظمة الصحة العالمية أن جدري القرود يمثل حالة طوارئ صحية، فماذا يعني هذا الإعلان؟ الجواب هنا مع أحدث المعلومات عن الفيروس.
منظمة الصحة العالمية تعلن جدري القردة حالة طوارئ عالمية
قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس أمس السبت إن تفشي جدري القردة سريع الانتشار يمثل حالة طوارئ صحية على مستوى العالم، وهو أعلى مستوى تحذير للمنظمة.
وقال مصدران تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما لرويترز في وقت سابق إن أعضاء لجنة من الخبراء اجتمعوا الخميس الماضي لمناقشة التوصية المحتملة؛ انقسموا بشأن القرار، لكن القرار النهائي كان للمدير العام للمنظمة.
وأعلن غيبريسوس عن قراره إعلان حالة الطوارئ الصحية خلال تصريح لوسائل الإعلام في جنيف، وأكد أن اللجنة لم تتمكن من التوصل إلى توافق في الآراء، حيث أيد الإعلان 6 أعضاء وعارضه 9.
وأوضح غيبريسوس أنه تعين عليه التدخل حتى يكون الصوت المرجح لحل الخلاف حول إعلان تفشي مرض جدري القردة "حالة طوارئ صحية عالمية".
وترجِع إلى المدير العام لمنظمة الصحة العالمية مسؤولية إعلان "حال طوارئ صحية عامة تثير قلقا دوليا"، وهو أعلى مستوى من التنبيه لدى منظمة الصحة، ويتم ذلك بناء على توصيات لجنة الطوارئ.
وهي المرة السابعة فقط التي تُعلن فيها منظمة الصحة العالمية هذا المستوى من التنبيه، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية.
تفشي جدري القرود يتركز بين الرجال المثليين
وقال غيبريسوس "على الرغم من أنني أعلن حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقا دوليا، إلا أن هذا التفشي يتركز في الوقت الحالي بين الرجال المثليين، وخاصة أولئك الذين لديهم شركاء متعددون".
ماذا يعني إعلان جدري القرود حالة طوارئ عالمية؟
يهدف وصف منظمة الصحة العالمية لجدري القردة بأنه "حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقا دوليا" إلى دق ناقوس الخطر بأن هناك حاجة إلى تعامل دولي منسق، ويمكن أن يفتح الباب أمام التمويل والجهود العالمية للتعاون في تبادل اللقاحات والعلاج.
كما يعني الإعلان دعوة الدول إلى تنسيق استجابة لمجابهة فيروس جدري القردة. إذ أشادت واشنطن بقرار منظمة الصحة العالمية، واصفة إياه بأنه "دعوة إلى تحرك المجتمع الدولي لوضع حد لانتشار هذا الفيروس". وقال راج بنجابي، منسق البيت الأبيض المعني بالأوبئة -في بيان- إن "الاستجابة الدولية المنسقة ضرورية لوقف انتشار جدري القرود وحماية المجموعات الأكثر عرضة للإصابة بالمرض، والسيطرة على الوباء".
وقال مايك راين، المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ الصحية لمنظمة الصحة العالمية "إنها دعوة إلى التحرك، لكنها ليست الأولى"، آملا في أن يؤدي هذا الأمر إلى عمل جماعي ضد المرض.
وجدري القردة مرض يسببه فيروس جدري القردة. وهو عدوى فيروسية حيوانية المصدر، مما يعني أنها يمكن أن تنتقل من الحيوانات إلى البشر. ويمكن أن تنتقل أيضا من شخص إلى آخر، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.
أعراض جدري القردة
يمكن أن يسبب جدري القردة مجموعة من العلامات والأعراض. وفي حين يُصاب بعض الأشخاص بأعراض خفيفة، قد يصاب آخرون بأعراض أكثر حدة ويحتاجون إلى تلقي الرعاية في مرفق صحي. ومن بين الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بأمراض أو مضاعفات وخيمة؛ الحوامل والأطفال والأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة؛ وفقا لمنظمة الصحة.
وتشمل الأعراض الأكثر شيوعا لجدري القردة؛ الحمى والصداع وآلام العضلات وآلام الظهر والشعور بالوهن وتورم الغدد الليمفاوية. ويتبع ذلك أو يصاحبه ظهور طفح جلدي يمكن أن يستمر لمدة أسبوعين إلى 3 أسابيع. ويمكن أن يظهر الطفح الجلدي على الوجه وراحتي اليدين وباطن القدمين والعينين والفم والحلق والفخذ والمناطق التناسلية و/أو الشرجية من الجسم. ويمكن أن يتراوح عدد الآفات من واحدة إلى عدة آلاف. وتبدأ الآفات وهي بشكل مسطح، ثم تمتلئ بالسائل قبل أن تتقشر وتجف وتسقط، وتظهر طبقة جديدة من الجلد تتشكل تحتها.
وتستمر الأعراض عادة من أسبوعين إلى 3 أسابيع وتختفي في الغالب من تلقاء نفسها أو مع الحصول على الرعاية الداعمة، مثل أدوية الألم أو الحمى. ويبقى الأشخاص ناقلين للعدوى إلى أن تتقشر جميع الآفات وتسقط "الجلبة" وتتشكل طبقة جديدة من الجلد تحتها، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.
هل يمكن أن ينتقل فيروس جدري القردة من خلال نقل الدم؟
ينبغي ألا تتبرع بالدم أبدا عند الشعور بالتوعك. وإذا كان لديك موعد للتبرع بالدم، فعليك بتقييم صحتك ذاتيا ومراقبة أي أعراض لجدري القردة وإعادة تحديد موعدك إذا كنت لا تشعر بحال جيدة، وفقا لمنظمة الصحة.
وهناك بروتوكولات صارمة معمول بها بشأن شروط السماح للناس بالتبرع بالدم. وتُطرح أسئلة على المتبرع المحتمل حول ما يشعر به، وأي أعراض يعاني منها حاليا. ويُتخذ هذا الإجراء للحد من خطر أن يقوم أي شخص مصاب وناقل للعدوى بالتبرع بالدم.
مع ذلك تقول المنظمة إنه لم تكن هناك أي تقارير عن انتقال جدري القردة من خلال عمليات نقل الدم.
أعراض جدري القردة الجديدة تصعّب التعرف على الحالات
قال باحثون إن مرضى جدري القردة في جميع أنحاء العالم يعانون من أعراض لا ترتبط عادة بالفيروس، مما يؤدي إلى تشخيصات خاطئة، وفقا لتقري في "بلومبيرغ" (Bloomberg).
وقد أبلغ الأطباء عن بعض المرضى الذين يعانون من قرح واحد فقط من المرض، أحيانا في الفم أو الشرج أو الأعضاء التناسلية، وفقا لدراسة صدرت الخميس الماضي من قبل مجلة "نيو إنغلاند" (New England) الطبية. والحالات لا تتوافق مع تعريف المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها لجدري القردة.
وقالت كلوي أوركين، الأستاذة السريرية لطب فيروس نقص المناعة البشرية بجامعة كوين ماري في لندن والمؤلفة الرئيسية للدراسة، في مقابلة إن "التعرف على الحالة أمر حيوي، ولم نكن مجهزين للتعرف فعليا على المرض".
وقال جون ثورنهيل، طبيب الصحة الجنسية وفيروس نقص المناعة البشرية والأستاذ بجامعة كوين ماري والذي ساهم أيضا في الدراسة "تسلط هذه العروض التقديمية المختلفة الضوء على أن عدوى جدري القرود يمكن تفويتها أو الخلط بينها بسهولة مع الأمراض الشائعة المنقولة جنسيا مثل الزهري أو الهربس… لذلك نقترح توسيع تعريفات الحالة الحالية".
ونظرت الدراسة في 528 حالة في 16 دولة، وهو أكبر تقرير حالة حتى الآن. كان جميعهم تقريبا من الرجال المثليين وثنائيي الجنس. وقال أوركين إن أحد النتائج المطمئنة هو أنه على الرغم من أنه من المعروف أن جدري القرود يسبب أعراضا أكثر خطورة لدى الأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة، بما في ذلك المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية، إلا أن دراستهم لم تر دليلا على زيادة شدة المرض بين مرضى جدري القردة المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية.
وعلى الرغم من أنه ينتشر عن طريق الاتصال الحميم، إلا أن جدري القرود لا يعتبر عدوى تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان ينتشر عن طريق السوائل الجنسية، مثل السائل المنوي. بينما وجدت الدراسة الفيروس في 29 عينة من 32 عينة من السائل المنوي تم اختبارها، ولم يتم إثبات أن السوائل معدية. ومعظم عينات الدم التي تم اختبارها لم تكن إيجابية للفيروس.
هل يمكن أن يتم تصنيف فيروس جدري القرود من الأمراض المنقولة بالاتصال الجنسي؟
قال تقرير لوكالة "أسوشيتد برس" (Associated Press) إن انتشار جدري القرود في الولايات المتحدة قد يمثل بداية مرض جديد ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي، على الرغم من أن بعض مسؤولي الصحة يقولون إن الفيروس الذي يسبب نتوءات تشبه البثور قد يتم احتواؤه قبل أن يتم ترسيخه.
ولا يتفق الخبراء على المسار المحتمل للمرض، حيث يخشى البعض أن ينتشر على نطاق واسع لدرجة أنه على وشك أن يصبح أحد الأمراض المنقولة بالاتصال الجنسي، مثل السيلان والهربس وفيروس نقص المناعة البشرية.
لكن لا يوجد أحد متأكد حقا، ويقول البعض إن الاختبارات واللقاحات لا يزال بإمكانها إيقاف تفشي المرض من جذوره.
وإذا أصبح جدري القرود مرضا مستوطنا ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي، فسيكون ذلك تحديا آخر لأقسام الصحة والأطباء الذين يكافحون بالفعل لمواكبة الأمراض المنقولة بالاتصال الجنسي الموجودة.
المصدر : أسوشيتد برس + الجزيرة + وكالات + بلومبيرغ + منظمة الصحة العالمية