منذ قرار رئيس السلطة محمود عباس، تعطيل الانتخابات في مايو من العام الماضي 2021، توالت الكثير من المشاكل من تفشي الفلتان الأمني والإضرابات النقابية والتلويح بالعصيان المدني.
الفلسطينيون وقعوا ضحية حالة من الفراغ السياسي، دفعتهم لتنظيم إضرابات متكررة في ظل تعنّت السلطة في إجراء انتخابات منذ أكثر من 17 عاما.
ويطالب الفلسطينيون بإجراء انتخابات شاملة، مستغربين من حالة الانتقائية في الانتخابات وإلغائها دون العمل وفق جدول زمني على إجرائها.
وتتعالى الأصوات المحذرة من عواقب وخيمة للقرارات بقوانين التي أصدرها رئيس السلطة محمود عباس، كونها تعزز التفرد بالسلطة وتغول السلطة التنفيذية على باقي السلطات، وتدفع نحو العصيان المدني في الضفة.
ومنذ بداية العام الحالي، خاضت نقابات مختلفة فعاليات ضخمة في الضفة الغربية، للمطالبة بحقوقها، واحتجاجا على تنصل حكومة محمد اشتية من التزاماتها ووعودها.
وشهدت الضفة إضرابات متتالية في قطاعات التعليم والصحة والنقل العام إلى جانب حراك "بدنا نعيش" الرافض للغلاء، وصولاً إلى إضراب نقابة المحامين، رفضاً لإنفاذ القرارات بقوانين المعدلة للقوانين الإجرائية وقانون التنفيذ وقانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية.
ولعل حراك المحامين في الضفة الغربية، دق ناقوس الخطر، بتحركه في الشارع باحتجاجات واسعة لقيت دعما وإسنادا شعبيا مذهلا.
واتفقت نقابات مهنية وفصائل وطنية ونشطاء سياسيون ومواطنون، على رفض هذه القرارات بقوانين، باعتبارها تكريسا للتفرد بالسلطة وتغول السلطة التنفيذية على باقي السلطات، بعكس ما يفرضه القانون الأساسي الفلسطيني وهو مبدأ الفصل بين السطات.
فراغ سياسي
واحتجاجا على هذه الأوضاع والظروف، تزداد الدعوات المطالبة بإجراء انتخابات، وهو ما دعا النشطاء للتغريد على هاشتاق #بدنا_انتخابات، وسط فراغ أمني وسياسي يعيشه الفلسطينيون، متسائلين عن موعد إجراء الانتخابات التي ستكون مدخلا لجميع المشاكل.
الكاتب والمختص في الشأن السياسي، مصطفى الصواف قال إن حملة المطالبات التي تدعو إلى إجراء الانتخابات التي تقودها قطاعات مختلفة من أبناء الشعب الفلسطيني تنم عن حراك شعبي حقيقي.
وأوضح الصواف في حديث لـ "الرسالة نت" أن الفوضى والفلتان الأمني ليس عفويا بل هو مدبر من أجهزة الأمن في سلطة رام الله، مشيرا إلى أن السلطة تعمل على نقل حالة الزعزعة لساحة قطاع غزة.
ودعا المواطن لضرورة الوقوف في وجه محاولات الأجهزة الأمنية في الضفة والتصدي لها، "وأول عمليات التصدي تكون بالعصيان المدني الذي في البداية قد لا يجدي نفعا مع أجهزة أمن تهدف إلى إخضاع الشعب، ولكن حال استمرار العصيان ستكون له نتائج إيجابية تجبر فريق أوسلو على الاستجابة".
وشدد الصواف على أن إجراء الانتخابات يكون بتكاتف جميع الأحزاب والقوى والمؤسسات الحقوقية والمعنية في وجه السلطة، لإجبار محمود عباس على النزول عند رغبة المواطنين.
في حين، أكد المحلل السياسي عبد الله العقاد أن تعطيل الانتخابات جاء بطلب مباشر من (إسرائيل)، بعدما تأكدت أن حماس في طريقها للفوز بالانتخابات وتجديد شرعيتها، وهو ما زاد تخوف الاحتلال والسلطة.
وقال العقاد في حديث لـ "الرسالة نت": "حاليا نجد أن السلطة غارقة في الاستحقاقات الأمنية مع الاحتلال، وهو ما أوجد حالة من الفراغ الاجتماعي وصعوبة الوضع الاقتصادي للمواطنين وحياتهم".
وكسابقه شدد على أن إجراء الانتخابات بحاجة لتكاتف جميع الأحزاب ضد سلطة أوسلو، "وضرورة مخاطبة المجتمع الدولي بما يسمح بإجبار عباس على إجراء الانتخابات".
وكان من المقرر إجراء الانتخابات منتصف العام الماضي، وهي الأولى منذ 16 عاما، على ثلاث جولات، تبدأ بالانتخابات التشريعية في 22 مايو من العام الماضي، تليها الانتخابات الرئاسية في 31 يوليو من العام الماضي، وتنتهي بانتخابات برلمان منظمة التحرير الفلسطينية الخامل لفترة طويلة في المنفى، وهو المجلس الوطني الفلسطيني، في 31 أغسطس من نفس العام.
وألغى عباس الانتخابات، بزعم رفض (إسرائيل) إجراءها في القدس المحتلة، وهو ما شكّل صدمة فلسطينية في وقت نظر المواطنون إلى الانتخابات كبوابة للتغيير.
وكان السبب الحقيقي في تعطيل الانتخابات يتعلق بالانقسامات داخل حركة فتح التي ينتمي عباس لها، حيث بنى محمد دحلان، المنافس اللدود لعباس، قاعدة دعم كبيرة بين نشطاء فتح الساخطين، لا سيما في غزة.
والأمر الأكثر إثارة للقلق كان بالنسبة لعباس هو قرار ناصر القدوة، الذي خدم كسفير للسلطة الفلسطينية في الأمم المتحدة ووزير خارجية، بتشكيل قائمته الخاصة، التي حظيت بدعم الأسير مروان البرغوثي.