توافق اليوم الذكرى السنوية العشرين لاستشهاد القسامي المجاهد إبراهيم سعد الدين السعو من مدينة الخليل، والذي ارتقى برصاص قوات الاحتلال بعد تنفيذه عملية بطولية بتاريخ 04 آب/ أغسطس عام 2002.
وبحسب روايات شهود عيان فإن الشهيد إبراهيم شوهد بعد تنفيذه للعملية وهو يقفز في الشارع غير آبه بالجنود الصهاينة وقد مكث فترة بدون إصابة وقد ألقى بنفسه على الطريق ولم يقم بالفرار
ولد الشهيد القسامي إبراهيمي في 18/ 02/ 1982 على تلة من تلال الخليل الصامدة، ولم يثنيه رونق الدنيا ونعيمها الزائل من مواصلة مشواره الجهادي والالتزام بالمساجد، وخصوصا التي تستقبل أنصار الحماس والقسام.
ولم يمتنع يوما عن إسراع الخطى إلى مسجد الحرس الذي خرج المئات من المجاهدين والذي يقع على المدخل الشمالي لمدينة الخليل، وقد كانت الخطوات تصغر وتقل بين حي الرامة ومسجد الحرس لعله يسمع الكلام النير ويقتدي بالقادة الأخيار، فهذا الشبل القسامي كان عظيم الشوق للاستزادة بالعلم والتقوى.
وتقول والدته إنها كانت تنصحه بأن يذهب إلى مسجد الكوثر في حي الرامة، فهو قريب من المنزل وخاصة في الليل والشتاء، فكان يقول لها يا (أمي والله إني أحس هناك بالراحة العجيبة والاطمئنان النفسي وإني لأشعر أن الأجر أكثر والإخلاص هناك أكثر ولا أشعر فيه بعبء العبادة)".
وتلقى إبراهيمي تعليمه في مدرسة الحسين الثانوية، ثم التحق بكلية الآداب في جامعة القدس (أبو ديس) قسم الصحافة والإعلام، وكان يمضي أوقاته في سكن الطلاب ويعود إلى مدينة الخليل في أيام العطل والأعياد.
وتقول والدته "أم محمد" إنها فوجئت به في إحدى أيام الحصار على مدينة جنين ومخيمها، يحضر إلى البيت في ظروف غاية في الخطر والسوء، وطلب منها مبلغا من المال ولما سألته كيف تأتي إلى هنا رغم الحصار والمعاناة، فقال لها يا أمي لدينا طلاباً من منطقة جنين محاصرون ولا يستطيعون الوصول إلى ذويهم للحصول على النقود فرأيت أن ظرفي أهون منهم فأتيت لكي آخذ ما تيسر، وقد جمع مبلغا بسيطا وعاد إلى أبو ديس في ذلك اليوم.
وتضيف قائلة: "عندما كنا ننصحه بأن لا يتأخر في الليل كان يغضب ويقول اطلبوا مني كل شيء إلا هذه ولا تخافوا علي فأنا مع صحبة تخاف الله وهم من رواد المساجد وقد قام والده في إحدى المرات بانتظاره وطلب منه أن لا يخرج في الليل حرصاً عليه فردّ عليه إبراهيم قائلاً يا أبت أنت مؤمن والإيمان بالقدر جزء من حياتك وأنت تعلم أن ما أصابني لم يكن ليخطئني فما كان من والده إلا ازداد إعجابا بابنه ولم يعد يلح عليه بعدم الخروج".
وتضيف أن إبراهيم قام بتوزيع أغراضه وحاجياته قبل تنفيذه للعملية التي قام بها، وتقول "طلبت منه أن أبحث له عن عروس كي أفرح به فأقسم لي قائلاً سوف تفرحين وسوف تدخلين الجنة ولكن أنا لا أرغب حالياً بالزواج وإذا أردت أن تفرحي فزوجي شقيقي الأصغر".
وكان شديد التعلق بالشيخ محمد جمال النتشة القيادي في حركة حماس في مدينة الخليل، وكنّى نفسه بـ "أبو همام" تيمنا به وخلال مكوث الشيخ النتشة ضمن الإقامة الجبرية التي فرضت عليه في مدينة رام الله من قبل السلطة، قام إبراهيم بزيارته هناك وأخذ معه بطيخة لإيهام المراقبين أنه من سكان المنطقة، ولما سألوه لماذا هذه المخاطرة قال ومن يمنعني عن "أبو الهمام".
وتضيف والدة الشهيد أنه اتصل بها في الساعة الحادية عشرة ليلا وطلب منها أن ترضى عنه وتدعو له بالتوفيق، ولما حضر إليها قبل عشرة أيام من استشهاده أخبرها بأنه مشتاق إليها وطلب منها الرضى.
وقبل استشهاده بعشر دقائق اتصل هاتفيا بها، وطلب منها أن تدعوا له لأنه ذاهب لتقديم امتحان صعب للغاية، "وسألني عن والده وإخوته وأخواته وكرر علي أن ادعوا له أن ينجح في الامتحان، وسألته عن شقيقه فقال إنه ذهب هو أيضا إلى الجامعة".
ويقول شقيقه حامد بأنه شاهده قبل أسبوع من استشهاده وسمعه يشكو من صعوبة إحدى المواد التي يدرسها في الجامعة، وكان الشهيد مطلوبا للسلطات الصهيونية وللسلطة الفلسطينية منذ عام 2000 حيث اعتقل لدى جهاز المخابرات العامة التابع للسلطة الفلسطينية عام (2000) بحجة الحفاظ على حياته وقد مكث في مبنى المقاطعة مدة 45 يوماً وقد حصل على الشهادة الثانوية العامة وهو معتقل لدى السلطة الفلسطينية.
كان الشهيد البطل يشارك في جنازات معظم الشهداء الذين سقطوا في مدينة الخليل، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية.
ويقول شقيقه حامد إن الشهيد كان خفيف الظل لا يرغب بكثرة الكلام، ولا يوجد في العائلة من يحمل مثل صفاته، وقد تربى تربية إسلامية خالصة، ومن شدّة حب أصدقائه من رواد المساجد له قرروا أن يدفنوه بجانب مسجد الكوثر في حي الرامة بالقرب من قبر الشهيد القسامي جهاد غلمة.
خرج الشهيد من منزل والده في الخليل بتاريخ 29/7/2002 إلى مكان سكناه في منطقة الرام في القدس المحتلة، وقال بأنه سيقوم بتقديم امتحاناته خلال الفترة التي سيقضيها في مدينة القدس، وقال إنه ربما سيمكث مدة طويلة.
ويروي شقيقه محمد القصة قائلا بأنه "لما حدثت العملية في باب العامود في القدس سمع إطلاق نار كثيف، حيث كان يعمل حارسا في المسجد الأقصى المبارك، فشاهدت المواطنين يتراكضون باتجاه الحرم وسمعت أصوات الرصاص تنطلق بكثافة، ونظرا لأني لا أملك تصريح دخول إلى مدينة القدس اختفيت قليلا عن الأنظار ودخلت إلى الحرم القدسي".
وتابع: "عندما سألت المواطنين عن سبب إطلاق النار أخبروني بأن هناك عملية استشهادية حدثت وأنه قتل فيها شرطيين من حرس الحدود الصهاينة، بالإضافة إلى سائق سيارة تابعة لشركة الاتصالات (الإسرائيلي) "بيزك" وجرح أربعة جنود من حرس الحدود أيضا، وقد حصل هذا في الساعة الحادية عشرة والنصف ظهراً وفي الساعة الرابعة عصراً حضر عدد من الجنود الصهاينة واقتادوني من الحرم إلى معتقل المسكوبية".
وأكد أنه مكث في التحقيق لمدة 11 ساعة وطلبوا مني الذهاب إلى منطقة الرام في القدس المحتلة، وقالوا إن شقيقي إبراهيم يعد نفسه لتنفيذ عملية استشهادية ورفضت الخروج معهم، وفي الساعة الثانية عشر ليلاً أحضروا صورة شقيقي إبراهيم والتي كانوا قد التقطوها بعد استشهاده، كما بدا في الصورة فأكدت لهم أنه شقيقي إبراهيم وليس خالد.
وقالوا إنهم لم يقتلوه تصفية بل قتل في مواجهة مع جنود حرس الحدود، وسلموني كتاب مراجعة قي اليوم الثاني للتعرف على جثمانه، ولما ذهبت إليهم ومع ذلك لا يطلعوني على جثمانه وفي يوم الاثنين 5/8/2002 ذهبوا إلى الرام واعتقلوا شقيقي خالد".
وبحسب روايات شهود عيان فإن الشهيد إبراهيم شوهد بعد تنفيذه للعملية، وهو يقفز في الشارع غير آبه بالجنود الصهاينة، ولم يقم بالفرار إلى أن استشهد برصاص جنود الاحتلال.