طيلة الإجازة الصيفية بقيت الطفلة آلاء قدوم - 5 سنوات – تحفظ في ذاكرتها المواقف الجميلة التي عاشتها لترويها لزميلاتها في "الروضة"، فبعد أسبوعين كانت على موعد للعودة إلى مقاعد الدراسة.
لم تتجهز الصغيرة لمرحلة التمهيدي التي تنتظرها، ولم تختر مريولها الجديد وشكل حقيبتها بعد، لم تفرح برحلة تسوّق مع والدتها، التي كانت تردد معها بعض الكلمات العربية والإنجليزية، وكانت تلهو أكثر وتتلهف لرؤية أصدقائها لتلعب معهم في حديقة الروضة.
أحلام كثيرة شغلت تفكير الصغيرة، وتجهيزات أكثر وهي تستعد لمرحلة جديدة، لكن صاروخا (إسرائيليا) بكل عنصرية وإجرام قضى على طفولتها لترتقي شهيدة.
ورغم أن عمرها خمس سنوات، إلا أنها تعرف جيدا معنى الدم والشهادة والصاروخ، وتفهم معنى أن تكون طائرة استطلاع في السماء، فهي ابنة غزة الصغيرة التي شهدت عدوان مايو 2021 وكان يرعبها صوت الصواريخ والقذائف وتنهار حين ترى صور الأطفال، واليوم رحلت لتلحق بهم أصغر شهيدة في هذا العدوان.
بالكاد مارست الصغيرة "آلاء" نشاطها اليوم، لعبت وحضرت مسلسلها الكرتوني المفضل وسمعت حكاية فتاة ذكية من والدتها وهي تجهز طعام الغداء، وبعد ساعات قليلة لم تعد موجودة بفعل قصف الاحتلال، اختطفها وهي تقف أمام منزلها في حي الشجاعية قرب مسجد أبو سمرة شرق مدينة غزة.
حتى اللحظة لم يصدق عقل الأم مصابها الجلل، فهي تبحث في زوايا البيت عن صغيرتها المشاكسة "آلاء"، تظن أنها تنصت لحكايات جدتها التي تلح دوما عليها لتقصها عليها، تنادي مرة أخرى من نافذة بيتها علها تلهو مع بنات الجيران، لكن لا مجيب فقط عبارات المواساة ترد عليها.
ومع كل تصعيد وعدوان (إسرائيلي) على قطاع غزة، يضع الاحتلال الأطفال ضمن قائمة أهدافه الأولى، كما كان عدوان مايو 2021 حين ارتقى 232 فلسطينيا كان منهم 65 طفلا.
اليوم رحلت "آلاء" لتحلق في السماء فراشة، حين حملها جدها بكفنها الأبيض من مستشفى الشفاء للصلاة عليها في المسجد العمري بغزة، ثم إلقاء نظرة الوداع الأخيرة قبل نقلها إلى مأواها الأخير، بدلاً من أن تكون بنزهة بحرية مع عائلتها، كما اعتاد الغزيون في فصل الصيف.
قد لا تكون "آلاء" الطفلة الأخيرة التي يستهدفها الاحتلال (الإسرائيلي) بل ربما تشهد الأيام المقبلة المزيد من جرائم القتل التي يرتكبها الاحتلال في ظل الصمت الدولي كما جرت العادة.
يذكر أن طائرات الاحتلال استهدفت اليوم الشهيد القائد تيسير الجعبري قائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، بعد مسيرة حافلة بالتضحية والعطاء والجهاد لوطنه، إلى جانب 8 آخرين حتى اللحظة.