غزة – الرسالة نت
على مقربة من وادي غزة جنوب المدينة، ينهمك أشرف الزقزوق في ترتيب خلايا النحل استعداداً لفصل الشتاء الذي دخل فعلياً ، أشرف واخواته الثلاثة وبعض العمال يساعدون طبيباً بيطريا للكشف على نحلهم الذي أصابه جحيم الحصار، فراح يشتكي قلة الأشجار والازهار التي تجرف باستمرار بواسطة دبابات وجرافات الاحتلال التي تتوغل في المنطقة بشكل دوري.
" الرسالة نت " اقتربت من المكان اكثر فاكثر، فوجدت سكان الخلايا شبه مدمرين بفعل الحرب ، فبعد أن كانت بيوتهم بين أحضان الطبيعة، أصبحت قاحلة يصعب السير فيها وهضاب صغيرة متعرجة وأشجار مبعثرة ، وهناك كان نحالون يخاطبون النحل بلغ بعبارات تشتاق للماضي لماذا لا تخرجوا من بيوتكم إلى عملكم أيها النحل ؟
ويعتبر قطاع تربية النحل من القطاعات الحيوية والهامة للمواطن الفلسطيني، لكن واقع تربية النحل في قطاع غزة تمر بظروفٍ مريرة قد تؤدي إلى انهيار هذا القطاع الهام الذي لا يجد من يسعى لتحسينه والارتقاء به أو على الأقل إنقاذه من مسلسل الانهيار والاندثار بفعل الاحتلال والظروف الاقتصادية الصعبة وغيرها من الصعوبات والعقبات التي تواجه مربي النحل ،
والسؤال المطروح لماذا لا يخرج النحل لعمله ؟
الزقزوق الذي غطت قبعته أعداد النحل بطيئة الحركة حاول أن يجيب على السؤال فقال ، بعد ان ارتسمت على وجهه ملامح الملل والكدر " أولا لا يوجد زهور وأشجار يغدو إليها النحل فاستوطن على رأسي كما ترى! .
ويضيف:" نحن مغتاظين من الحصار ومن مخلفات الحرب الأخيرة على القطاع ، فقبل الحصار كان انتاجنا من الخلية الواحدة يفوق العشرة كيلوجرام من العسل، واليوم بالكاد تنتج خمسة كيلو جرام من العسل .
الزقزوق الذي ورث هذا العمل عن آبائه وأجداده ، ويعمل فيه منذ خمسة عشر عاما أشار إلى ان الاحتلال يمنع وضع خلايا النحل بجوار الحدود التي كانت تعطي زيادة في الإنتاج ووفرة بنسبة 50% لوجود الاشجار الكثيفة في الجانب الاخر من الحدود.
ويتابع:" بلغت خسارتي خلال سنوات الحصار 100000 ألف دولار" .وبلغت خلايا النحل في قطاع غزة قبل الحصار 25000ألف خلية، في حين تبلغ الآن 13000 ، وتم تجريف معظم الأشجار بالقرب من الحدود. حسب الإحصائيات الأخيرة.
اثناء حديث "الرسالة نت " مع الزقزوق وبالرغم من وجود أعداد كبيرة من خلايا النحل، بدا النحل وكأنه "مريض" ، وهذا فعلاً ما أكده النحال القديم، قائلاً :" بعد حرب الفرقان بدأ إنتاج العسل يتغير، فحالات الإجهاد والتعب والمرض بدأت تظهر عليه، وربما يكون الفسفور الأبيض هو السبب "
وتطرق النحال الزقزوق إلى قضية أراد إيصالها للمسئولين من خلال "الرسالة"، وقال:" أن السلالات المصرية التي تدخل القطاع رديئة وتعيسة وغير قادرة على الإنتاج بما يتطلب احتياج السكان للعسل، فقد شكلت عبئا علينا لنشرها أوبئة متعددة بين النحل.
وطالب وزارة الزراعة، السماح بإدخال نحل من الأراضي المحتلة عام 48 ذات السلالة الايطالية التي من خلالها نرتقي بمستوي إنتاج العسل" .
وبحسب المختصين، فان هناك فرقا بين النحل المصري والايطالي، فالأول لونه أصفر مع وجود زغب أبيض وهو شرس الطباع ولا يتحمل البرد وإنتاجه من العسل قليل، وتربى هذه السلالة في داخل الخلايا الطينية وحديثا تربى في خلايا خشبية.
أما الايطالي فهو نحل صغير ذهبي اللون لسانه طويل، ويرجع الفضل لهذه السلالة في انتشار وازدهار تربية النحل في المائة سنة الأخيرة ، وهو نحل مقاوم لمعظم الأمراض ، والنحالون في القطاع يعتمدون على تربيته بالكامل ولكن بعد الحصار المفروض بدأت السلالات المصرية بغزو القطاع .
وعندما همت "الرسالة" بمغادرة المكان استوقفها الحاج أبو كمال ليقول ما يحيك في صدره من كلام فقال :" ما زلت أتذكر النحل قبل الحصار، فقد كان يطير في موسم الانتاج متدني ومرتفع من الزهور، فالمتدني كان يحمل العسل، والمرتفع يبحث عن رحيق الأزهار، هكذا عرفنا نحل غزة يا نحالون" .
وحول توقعات الموسم القادم أجاب الزقزوق وهو يحذوه الامل :"إن لم تتعاط معنا وزارة الزراعة من إدخال سلالات نحل سنتحول لأرض مستورة لا منتجة .