كما جرت العادة في كل عدوان (إسرائيلي) على قطاع غزة، وبعد أن يشتد القصف، يتسلل الخوف إلى قلوب الغزيين، خشية أن تكون الصواريخ من نصيب بيوتهم أو عائلاتهم.
خلال التصعيد الأخير على قطاع غزة، وقعت مجزرة، وتحديدا بعد أذان المغرب في مخيم جباليا حين ذهب الطفل محمد الخطيب إلى الدكان المجاورة لبيته ليشتري الشكولاتة والسكاكر قبل أن يحل الليل ويشتد القصف.
وفي الطريق، وقبل الوصول إلى الدكان الذي لا يبعد عن بيته سوى 10 أمتار قصفت طائرات الاحتلال (الإسرائيلي) المكان.
مع انفجار الصاروخ وتصاعد لهيب النار والدخان الأسود حاول محمد الهرب لكن شظايا الصاروخ المتطايرة أصابت جسده وأسقطته أرضَا.
مع شدة الصوت، خرج والده وقلبه يسبقه باحثاً عن طفله الوحيد المدلل والعوض الذي جاءه بعد اثني عشر عاما.
وقال واصفا ذاك المشهد "كل الناس بتجري، كل واحد بدور على أولاده، والأطفال على الأرض أشلاء بطلت عارف وين ابني من بينهم لحد ما ميزت بلوزته (..) وجهه كان دم".
انتشل الأب جسد محمد عن الأرض وجرى به يبحث عن سيارة تنقله لأقرب مشفى وفي طريقه سمع الأب صوت أنين محمد من الوجع والدم يخفي ملامحه.
رغم صعوبة المشهد إلا أن والده شعر بأن طفله الوحيد مازال على قيد الحياة. في منتصف الطريق، فقد الأب صوت محمد.. حاول تحريكه والحديث معه لكنه لم يستجب.
وصلت السيارة باب المشفى وجاءت الطواقم الطبية مسرعة تحاول إنقاذ محمد ونقلته على الفور إلى غرفة العناية المركزة، جلس والده أمام باب الغرفة متلهفا ليسمع كلمة تطمئن قلبه.
أما والدته فلحقت بزوجها عند سماعها صوت انفجار الصاروخ لتبحث عن طفلها الوحيد بين الأطفال الشهداء والمصابين لكنها لم تجده، فذهبت مسرعة تبحث عنه بالمشفى الأندونيسي ليخبرها موظف الاستقبال بأنه لم يصل إلى المشفى طفل بهذا الاسم.
تقول الأم "للرسالة نت" وهي تسترجع أصعب موقف مرت به في حياتها إنها توجهت بعدها إلى مستشفى كمال عدوان فلم تجد طفلها هناك حتى ضاق بها الحال ولم تجد مكانا آخر تبحث فيه عن طفلها لمعرفة مصيره: هل هو على قيد الحياة أو فارقها؟
وتضيف: "أخيرا جاءني اتصال من زوجي بالخبر اليقين "محمد عايش احنا في مستشفى العودة"، وبعد دقائق كانت عند باب غرفة العناية المركزة تترقب أي طبيب يخرج ليطمئن قلبها على صحة ابنها.
بعد ساعة، خرج الفريق الطبي من غرفة العناية بعد إجراء العملية الأولى وأخبرهما أن صحة الطفل جيدة وحالته مستقرة وبإمكانهما رؤيته.
دخل الأب والأم الغرفة لاحتضان ابنهما بعد النجاة من الموت، وبعد أيام قليلة عاد محمد إلى بيته وعادت روح الحياة معه بعد أن كادت الشظايا (الإسرائيلية) أن تعدم نسل عائلة انتظرت طفلها اثني عشر عاماً.