ليس غريبا على تنظيم يُحكم قبضته ويسيطر على كل مفاصل النظام الفلسطيني، أن يعقد اجتماعه الخاص في إحدى المؤسسات التي يفترض أن تكون مكان تمثيل رسمي للفلسطينيين.
ولا يمكن الفصل بين عقد حركة فتح لقاءها التنظيمي داخل مقر السفارة الفلسطينية في لبنان، وبين سيطرة التنظيم على كل مؤسسات الشعب الفلسطيني وتمسكها برئاسة السلطة وسرقة المنظمة والاستفراد بها، فنهج الإقصاء والسيطرة هو الأساس القائم عليه التنظيم ورئيسه.
وفي العرف الدولي فإن مفهوم السفارة هي بعثة دبلوماسية تبعث بها دولة ما إلى دولة أخرى لتمثيلها والدفاع عن مصالحها ولتسهيل أعمال وشؤون مواطنيها المقيمين في الدولة المضيفة، بينما في عُرف "فتح" فهي مقر تسيطر عليه وتوظف فيه كل أبناء قيادة التنظيم وتحوله "لعزبة" خاصة لهم.
ورغم السيطرة والتفرد الذي تمارسه فتح على سفارات فلسطين، إلا أنها لم تستطع أن تجعل منها مكانا آمنا لمن هم من خارج التنظيم، وحادثة اغتيال القيادي بالجبهة الشعبية عمر النايف داخل مقر سفارة فلسطين في بلغاريا خير برهان ودليل.
تغول وسيطرة
ويرى الكاتب والمحلل السياسي محمد شاهين، أن عقد اجتماع تنظيمي من فتح داخل مقر سفارة فلسطينية في الخارج، يأتي ضمن إطار التغول والسيطرة على مقدرات ومكتسبات الشعب الفلسطيني.
ويوضح شاهين في حديثه لـ "الرسالة نت" أن السفارات هي ملك للشعب الفلسطيني ككل وليس لتنظيم على حساب الشعب يستقوي به على باقي الفئات، وما يجري هو محاولة لتحويل السفارات إلى مكان خالص للتنظيم.
ويبين أن الأمر يتعدى حدود السفارة، فقد بات المنتفعون من الخدمات التي يقدمها التنظيم في مخيمات لبنان هم أفراد التنظيم نفسه ولا أحد غيره، في تجسيد واضح للعنصرية والحزبية الخالصة.
ويشدد شاهين على ضرورة وضع حد من كل مكونات الشعب الفلسطيني لهذا السلوك والعودة لتجديد الشرعيات ووقف السياسة التي يسير بها تنظيم فتح والمؤدية لمزيد من التيه السياسي.
ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي عبد الله العقاد، أن ما جرى هو تحويل مقرات ومقدرات الشعب الفلسطيني وهي مقرات منظمة التحرير إلى حزبية خاصة ضمن عقلية التفرد والاستفراد الضارة بالحالة الوطنية.
ويضيف العقاد في حديثه لـ "الرسالة نت" أنه من الضروري مغادرة هذا السلوك وعدم الخلط والتمييز بين مقدرات التنظيم والمقدرات العامة التي يجب أن تخدم الكل.