والده: أهنئ هنية والزهار وقيادة حماس بذكرى الانطلاقة
براء: لن تعجز فلسطين عن إنجاب عياش جديد
الضفة – الرسالة نت
أمام ذكرى الشهداء تتلعثم الأقلام ، وتسكت الكلمات، لكن تظل هناك قصائد المخلصين وأناشيد المحبين تصدح في فضاء الشهادة المطرز بالمجد والكبرياء، وتغتسل القصائد من كل ما يعلق بها من أهواء وزيف، وتتوضأ الأناشيد لتقف خاشعة في محراب الأقصى الحبيب.
تبحث "الرسالة نت" على درجات المنبر عن تلاميذ القسام يسيرون على خطاه ، تتعلق العيون بكل طارق لباب الجنة بالدماء، وحين يكون الطارق هو "يحيى" نقف في ذكراه صامتين متكلمين!! ننقش من جديد حكاية الحكايات وأنشودة نعيدها في الأذهان والقلوب كأجمل ما يكون.
مع كل عملية تفجير استشهادية تدق نوافذ الوعي الشعبي في الكيان الصهيوني، تظهر صورة يحيى عياش أو المهندس عدة مرات على كامل شاشة التلفزيون الصهيوني وأثناء البث المباشر لعملية إسعاف الجرحى، فيما يردد المذيعون اسم المهندس الذي شكل الهاجس الأساسي لأجهزة الاستخبارات الصهيونية، هذه أبرز الذكريات التي تتردد في أذهان الفلسطينيين.
عقل فذ
"النمر الأسود" الشهيد يحيى عياش تفتقده الضفة المحتلة وهي تتذكر عبقريته الفذة وعقله العسكري المدبر لأولى عمليات حماس العسكرية ضد الاحتلال مطلع التسعينيات.
استشهد "يحيى" وترك خلفه أشبالاً كبروا وترعرعوا اليوم وأصبحوا رجالاً أملهم السير على درب أبيهم وتحقيق الأمنية التي وضعها المهندس نصب عينيه، وبحسب ابنه البكر "براء" الذي أنهى تعليمه الثانوي والتحق للدراسة بجامعة النجاح الوطنية فإن "فلسطين لن تتوقف عن إنجاب الأبطال".
وبصوت متقطع صدح عبر الهاتف من قرية عصيرا الشمالية بنابلس قال براء عياش لـ"الرسالة": "كما خرجت فلسطين يحيى عياش مهندساً بارعاً في بث الرعب في قلوب الصهاينة لن تعجز الأمهات عن إنجاب مزيد من الأبطال".
ويؤكد البراء الطفل الوحيد الذي عاصر والده رغم صغر سنه أنه شعر بحنان الأبوة لكن والدته عوضت جزءاً من النقص الذي فقدته وأخي "يحيى".
أما رسالة ابن العياش للمقاومة فكانت "سيروا على درب أبي واحفظوا وصاياه جيداً وواصلوا المشوار الذي بدأه أبو البراء وإخوانه الشهداء".
"لن يمنع الاحتلال شخصاً يريد أن يفجر نفسه"، بهذه الكلمات عاد براء بشريط ذكرياته للعبارة المشهورة التي رددها أبيه، مشدداً على أنه كلما اغتال الاحتلال مقاوماً سيخرج بعده مائة بل ألف مجاهد يقاتلون ويواصلون المشوار.
ويتمنى البراء الذي أتم السنة الأولى في دراسته الجامعية أن تكون الأيام المقبلة الأفضل على الضفة الغربية المحتلة التي تستذكر استشهاد مهندسها الأول وسط أجواء تنسيق واندماج أمني متكامل بين سلطة فتح وقوات الاحتلال الصهيوني وأمام ملاحقة متواصلة لرجال المقاومة.
حي في قلوبنا
أما جده "عبد اللطيف" الذي اشتعل الشيب في رأسه فاستهل حديثه لـ"الرسالة" بكلمات الحمد والثناء رغم الألم الذي اعتصر فؤاده يوم فراق ولده يحيى.
ويقول الحاج عياش :"يحيى دائماً في قلوبنا وليس فقط في ذكرى استشهاده في الخامس من يناير من كل عام هو طوال العام في قلبنا وليس في أيام محددة فقط".
وواصل حديثه بعد تنهيدة قطعت صوته الحزين عبر الهاتف :"اغتال الصهاينة ولدي يحيى وظنوا أنهم قضوا على المقاومة ورجالها لكن بفضل الله خرج لهم بدل المهندس الأول آلاف المهندسين القساميين"، مستطرداً "هذه قدرة الله والمقاومة".
وهنأ السبعيني عبد اللطيف المقاومة الفلسطينية وقيادة حركة حماس في الذكرى الـ23 لانطلاقتها، وقال :"أتقدم بالتهنئة لرئيس الوزراء إسماعيل هنية ود. محمود الزهار وكل نواب التشريعي وكل قيادتنا لأننا دائماً نرفع رؤوسنا بهم ونسأل الله أن يمن علينا وعليهم بالنصر القريب".
"إن شاء الله تنتفض المقاومة بالضفة وتحررنا من الظلام الذي نعيش فيه هذه الأيام"، كلمات قليلة صدحت بها حنجرة والد العياش ليؤكد بها على فخره وأسرته بالمقاومة التي ساهم ابنه "يحيى" في تطوير قدراتها، كما أشاد ببطولات غزة وتضحياتها.
فيما علا صوت المسنة أم يحيى "والدة العياش" ليستذكر الفلسطينيون صبر تلك السيدة على فراق ولدها وأذى واعتداءات الاحتلال ومخابراته مطلع التسعينيات واعتقاله لها بهدف الضغط على المهندس ليسلم نفسه، ذكريات لم تمح من سجل التاريخ الفلسطيني.
وتضيف والدته المكلومة على فراقه :" الحمد لله جاء أقوى من يحيى الغالي والأصيل الذي جاهد وقاوم الاحتلال واستشهد ونال ما تمنى".
صفات مميزة
وعادت أم يحيى بما وصفته بالذكريات الجميلة لولدها البكر بقولها :"من يوم استشهاده ورغم الأيام القليلة التي قضاها معنا في البيت إلا أن صفاته كانت مميزة منذ صغره (..) الله يرضى عليه ويرحمه".
وتابعت :"يحيى ابن فلسطين وليس ابني لوحدي ويوم استشهاده ذكرى لجميع المقاومين ودعوة لهم أن يسيروا على دربه وأن يواصلوا الطريق التي بدأها المهندس"، موضحةً أن الذكرى السنوية الخامسة عشر لاستشهاد "يحيى" لها مذاق خاص يجتاحه حزن وألم الفراق الصعب، واستدركت :"الحمد لله استشهاده برفع الرأس".
فحين سألنا هيام عياش، زوجة المهندس، التي انتقلت إلى غزة للعيش معه ابتدأ من آذار (مارس) ،1995 عن آخر ما دار بينها وبينه من حديث، أجابت: "في الفترة الأخيرة، كان أبو البراء، متضايقا من بقائه في غزة، وكان يود العودة إلى الضفة. ويوم الخميس، وقبل أن يخرج، قال: هذا آخر مشوار لي، وقريباً سنعود إلى الضفة وربما قبل العيد".
عياش … شعلة للمقاومة … راية للشهادة … شعاع أثر شعاع … سنبلة تلو سنبلة ...وتواصل قافلة الشهداء عبر التاريخ، هكذا ترجل فارس المجاهدين قائد مجموعات الاستشهاديين في كتائب الشهيد عز الدين القسام، الذراع العسكري لحركة "حماس".
وعلى الرغم مما روجت له السلطات الصهيونية بأنها باغتيال المهندس يحيى عياش قد قضت على المقاومة فإن هناك كثيرين في الجانب الصهيوني لم يكونوا مقتنعين بأن اغتيال المهندس سيوقف الجهاد والمقاومة وينهي الكفاح المسلح.