قائمة الموقع

بالطب والرسم.. يصنع "عز الدين" ترياق السعادة للبسطاء

2022-09-10T09:55:00+03:00
صورة للشاب عز الدين لولو
غزة – مها شهوان

ليس صعبا أن ترسم البسمة على وجوه البسطاء حين تنقش بريشة وألوان ملامح حياتهم على ورقة بيضاء، لكن الأصعب أن تخرج منهم قهقهة حين تولي تفاصيلهم دقائق من وقتك وأنت تحيك ما فعله الزمن بهم.

والسهل حين تمزج بين الطب والفن لمداواة آلام الناس الجسدية والنفسية وتصنع ترياق السعادة للبسطاء منهم كما يفعل عز الدين لولو – 21 عاما- يدرس الطب ويمارس هوايته التي يعشقها منذ صغره.

حين تسأله لماذا ترسم الوجوه؟ يجيب بابتسامة هادئة تشبه شخصيته "أراقب الوجوه المتعبة لتقديرها على سعيها في الحياة"، ثم يكافئوني بنظرة رضا ودعوة صادقة تصاحبني في حياتي".

بزغت موهبة "عز الدين" وقت كان في عمر السابعة وتحديدا في حرب 2008، مسك دفتر الرسم وبدأ يرسم ما يشاهده في التلفاز من مشاهد قتل وتدمير وأطفال يصرخون تحت الركام، لم ترتجف يده كعادة الصغار بل أكمل رسوماته التي كان يعبر بتفاصيلها عن غضبه.

وما بين التفوق المدرسي وتنمية موهبته يقول "للرسالة نت" إنه أحدث توازنا بينهما ولم يجعل موهبته تعيقه عن مراجعة الدروس حتى حصد نسبة عالية في الثانوية العامة جعلته يدرس الطب، فهو يرى بتخصصه الجامعي وموهبته علاجا للإنسان.

ماذا يرسم عز الدين ليكون مميزا عن أقرانه؟ بهدوء يجيب "أحاول توثيق قضيتي الفلسطينية ونشرها في المنصات العربية والدولية، وحققت ذلك، وآخرها كان عندما وثقت بالرسم الرقمي ما جرى في التصعيد الأخير على قطاع غزة بداية أغسطس الماضي"، مضيفا: وضعت في رسمتي كل المشاهد الإنسانية التي تلامس قلوب الإنسانية ودمجتها في فيديو واحد انتشر عالميا.

أما الوجوه التي يلتقطها من الشارع الغزي ويبدأ في نقش تفاصيلها على ورقة بيضاء تسُر أصحابها يحكي أنه يراقب وجوه البسطاء تلك التي يشاهدها يوميا ويبدأ برسمها.

قبل أسابيع قليلة وداخل سيارة جلس يراقب شرطي مرور شاب، دوما يلفت نظره وهو ينظم السير. رسمه ثم اقترب منه يمنحه الرسمة، ليقابله الشرطي بضحكة من قلبه وكأنه نال شهادة تقدير أنسته أشعة الشمس الحارقة و"دوشة" السيارات و"خناقات" المارة.

أما ما جرى قبل أيام حين راح يرسم بائع ترمس بسيطا تخطى الستين من عمره، مد "عز الدين" الرسمة للرجل فأزال عنه بؤس الحياة وضيقها مرددا" هاد أنا والله إنك رسام (..) يا وردي ما أشطرك ما أحلاها الصورة".

وتابع بائع الترمس "أنا فرحان على هاي الرسمة والله "عالدار عدل" لأروح"، سأله عز الدين إن كان يريد شيئا، دعا له الرجل بجبر الخاطر ومضى، ذلك ما شاهده الجميع في فيديو بسيط انتشر عبر منصات التواصل الاجتماعي.

 أما بقية الحكاية يقصها عز الدين "لمحت الرجل أكثر من مرة يبيع الترمس قرب دوار حيدر بمدينة غزة، رسمته وفرح بالصورة، طلبت منه رقم جواله للتواصل معه لم يكن يحمل هاتفا فأعطاني رقم هاتف زوجته التي عاودت الاتصال بها بعد يومين من انتشار الفيديو، حين طلب منه بعض المتابعين الوصول إليه لمساعدته، فمنهم من تبرع بـ "طقم أسنان" وآخر أراد مساعدته.

ويحكي أنه بمجرد تواصله مع زوجة الرجل وعرّفها عن نفسه "هللت فرحا"، وأخبرته أن الجيران أتوا ليطلعوها على الفيديو فعم الفرح بيتهم".

لن تنته رحلة "عز الدين" عند العم بائع الترمس، فهو لا يزال يبحث عن وجوه طحنها الزمن ليعيد لها بريق الشباب بألوان الحياة الزاهية.

اخبار ذات صلة